موضوع ذي صله للكاتب القدير الدكتور محمد الحساني بصحيفة عكاظ
حتى لو كان مال قارون
تكتب مقالات عن نظام التقاعد لا رأس لها ولا ذنب، مثل المطالبة بجعل النظام إرثاً مفتوحاً غير محدد المدة تنتقل عوائده بعد وفاة صاحب المعاش من جيل إلى جيل بحجة أن صاحب المعاش سبق له دفع اشتراك شهري قدره تسعة بالمائة من راتبه منذ تعيينه حتى تقاعده!، وكأن مجموع ما دفعه يساوي مال قارون أو أنه كنز لا ينفد!،
وكنت أطالع ما يكتب وأتعجب من غفلة وسذاجة تلك الأفكار السقيمة التي لا علاقة لها بواقع وأسس نظام التقاعد التي بُني عليها وهي أسس تكافلية بحتة لا علاقة لها بإرث وتوريث. ولو طبقنا فكرة الدكتور عبدالمحسن هلال التي طرحها على هيئة سؤال وهو أن يجمع للمتقاعد كل ما دفعه منذ تعيينه حتى تقاعده ليُسلّم له في حفل توديعه بمناسبة تركه العمل فإن هذه الفكرة سيكون ضررها أشد وأنكى على المتقاعد نفسه ناهيك عن الضرر المؤكد الذي سيصيب المستحقين لمعاش المتقاعد المتوفى بعد رحيله عن الدنيا، ولكي نُوضح ما ذكر نضرب مثلاً بموظف بدأ العمل قبل أربعين عاماً براتب شهري قدره ألف ريال يؤخذ منه تسعة في المائة لصالح مؤسسة التقاعد ثم أحيل على المعاش بعد خدمة أربعين عاماً وعمره نحو ستين عاماً، وكان آخر راتب تقاضاه من جهة عمله هو عشرة آلاف ريال شهرياً، فإن اقتراح الدكتور هلال أن يُعطى جميع ما دفعه من أقساط لصندوق مؤسسة التقاعد على مدى أربعين عاماً ليقدم له دفعة واحدة، وأريد هنا أن «أزايد» على الدكتور الهلال فأجعل ما يدفع للمتقاعد تصفية عن حقوقه التي دفعها على أساس ما كان يدفعه من أقساط عن آخر راتب وهو تسعمائة ريال شهرياً عن راتبه البالغ عشرة آلاف ريال وليس عنه بالتدرج بحيث يبدأ بأول راتب له وهو ألف ريال وقسطه التقاعدي تسعون ريالاً ثم ألف ومائة وألف ومائتين وهكذا حتى الوصول إلى آخر راتب بل سأحسب التصفية كأن الأقساط وقعت من البداية للنهاية عن آخر وأكبر راتب فتكون النتيجة تسعمائة ضرب اثني عشر شهراً في أربعين عاماً والمجموع هو أربعمائة واثنين وثلاثين ألف ريال، تدفع تصفية ولمرة واحدة لهذا المتقاعد حسب فكرة د.عبدالمحسن هلال ولا يبقى له ولا لورثته شيء في ذمة مصلحة التقاعد، أما لو رفض المتقاعد فكرة التصفية وطلب معاشاً تقاعدياً شهرياً فإن المصلحة ستدفع له عشرة آلاف في الشهر ما بقي على قيد الحياة بعد تقاعده أربعة أعوام فقط فإنه يكون قد أخذ أكثر من التصفية المقترحة بنحو خمسين ألفاً، أما لو عاش أكثر فالله يعين صندوق التقاعد!، وحتى في حالة وفاته فإن المعاش يستمر كاملاً إن كان لصاحب المعاش ثلاثة من الورثة المستحقين ماظلت شروط الاستحقاق منطقية عليهم، وبنسبة الثلثين إن كان المستحقون اثنين ونصفه إن كان المستحق واحداً مثل الزوجة أو الابنة أو الأخت المسؤول عن إعالتها أما الحالات المحدودة جداً التي يتوفى فيها صاحب المعاش فور تقاعده ولا يكون له ورثة مستحقون للمعاش فإن النادر لا حكم له! لأن الإحصائيات المؤكدة تتحدث عن ارتفاع في نسبة أعمار الناس منهم المتقاعدون ومن يرث معاشهم من المستحقين
حتى إن معظم أصحاب المعاش يستلمون أضعاف ما دفعوه فعلاً لا قولاً ولولا قيام المؤسسة باستثمار الأموال المودعة لديها (لفَلَّستْ) تماماً ولو طبقت فكرة التوريث المفتوح على جميع أصحاب المعاش لصالح ورثتهم لما مر على صندوق أكثر من خمسة أعوام قبل أن يصبح رصيده صفراً فلا يبقى للقادمين إلى التقاعد شيء ناهيك عن بقاء شيء للورثة المزعومين أصلح الله الجميع!
http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/2007...0714124992.htm