الموضوع: الكرم الحقيقي .
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 09-10-2009
 
الحاج سلام
كاتب مبدع

  الحاج سلام غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 568
تـاريخ التسجيـل : 27-07-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 2,301
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 70
قوة التـرشيــــح : الحاج سلام تميز فوق العادة
افتراضي الكرم الحقيقي .

الكرم الحقيقي . الكرم الحقيقي . الكرم الحقيقي . الكرم الحقيقي . الكرم الحقيقي .

‏بسم الله الرحمن الرحيم ‏
‏ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :‏
سبق ان سردت لكم ثلاث قصص من الموروثات ‏الشعبية وقدمت لها بمقدمة أرى انها مهمة لفهم مغزى ‏هذه القصص واسلوب الراوي في تقديمها .‏
‏ واقترح على من لم يطلع على تلك المقدمة الرجوع ‏اليها فهي مثبتة في بداية القصص الثلات الاول .‏
اما اليوم فسوف اروي لكم القصة الرابعة تحت عنوان ‏‏.‏
‏ ‏

الكرم الحقيقي‏

‏ رأيت ان يكون عنوان قصتي هذه الكرم ‏الحقيقي لانه مع توالي الخير والنعمة التي انعم ‏الله بها علينا في هذه البلاد اصبحنا ننصب ‏السرادقات ونقيم الموائد و نتبادل الدعوات وربما قُدم ‏الطعام مما لذ وطاب ولم ينل منه المدعو الا شيئا ‏يسيرا ولولا خشيته من لوم اللائمين لم يمد اليه يدا . ‏
‏ وقد اختزلنا في وقتنا الحاضر معنى الكرم ومضمونه ‏في ما يقدمه الداعي من طعام ، فبقدر ما تكون نوعيته ‏جيدة وكميته كبيرة يوصف الداعي بالكرم ، وتناسينا ‏نوايا الداعي ودوافعه عندما يدعو الاخرين ، وحاجة ‏المدعو الى مايقدم له من طعام او شراب ، كما تناسينا ‏الاسراف المنهي عنه ، بل نسينا معنى الكرم الحقيقي ‏وهو ما دفعني لاختيار هذا العنوان .‏
‏ لقد تتالت على المنطقة قبل اكثر من ستين عاما سنين ‏قحط وحفاف مات معها الزرع وجف الضرع ونفد ما ‏ادخره الناس من طعام وبات الكثير منهم على الطًوى ‏ليالي عديدة .‏
وكانت كل الديار القريبة منهم مُسْنيَة الا ان بطل قصتنا ‏وبحكم سفراته الكثيرة قد علم ان ديارا من تلك التي ‏اعتاد ان يزورها قد مطرت وان القوم زرعوا ‏اراضيهم وان زروعهم جيدة فتشاور مع زوجته ‏وعزموا على الانتقال الى تلك الديار .‏
وقد كان من المألوف والمتعارف عليه ان يلجأ من هو ‏في مثل حالهم الى جوار شخص يختاره لقرابة اوسابق ‏معرفة او حتى بالمصادفة .‏
يلجأ الى جواره فيصبح كأنه اخ له يوفر له المسكن و ‏الحماية و يساعده في كل ما يحتاجه ، ويبدأ الشخص ‏في تدبر امره فيعمل مع الاخرين وربما عملت زوجته ‏واطفاله في ما يتناسب مع قدرتهم حتى اذا انتهى موسم ‏الحصاد يكون قد حصل على نصيب جيد من الاجر ‏والعطايا ربما يفوق ما يحصل عليه بعض الزارعين .‏
ارتحل بطل قصتنا وزوجته وابن له لم يتجاوز سن ‏السابعة - وهو الذي روى لي هذه القصة - وقد ‏وضعوا مابقي في منزلهم من فراش واواني وملابس ‏على ظهر حمار لهم لم يكن هو في وضع احسن من ‏وضعهم لما لحقه من الجوع وما اصيب به من الهزال ‏‏.‏
وساروا في طريق موحشة كلما عثر حمارهم اقاموه ‏وربما ساعدوه في حمل بعض من المتاع . وبعد مسيرة ‏يومين وصلوا مبتغاهم سالمين وقد كان الوقت قد قارب ‏مغيب الشمس .‏
صعدوا الى القرية التي قصدوها يدفعون حمارهم دفعا، ‏وكان بجوار مسجد القرية رجلا اراد ان يدخل المسجد ‏الا انه تراجع يستجلي الامر فلما رأى الركب في حالة ‏يرثى لها اغار مسرعا تجاههم واخذ يساعدهم في جر ‏حمارهم الى ان بلغ مكانا مستويا وكان يكرر السلام ‏والترحيب ، ثم صاح مناديا احد فتيانه يأمره ان ينزل ‏عن الحمار حمله وان يدخله الى الصفة ويقدم له ‏العلف.‏
ودعا الاب وابنه الى الدار بعد ان ارسل الزوجة الى ‏قسم النساء ، واخذ يساعدهم في تجفيف ملابسم من اثر ‏مطر اصابهم على مشارف القرية وبعد ان اصطلوا ‏بالنار الموقدة ودب فيهم الدفء توجهوا الى المسجد ‏وبعد الصلاة عادوا الى الدار فوجدوا طعاما مكونا من ‏العصيد والسمن واللبن قد وضع لهم فبدأوا بالاكل في ‏نهم لما اصابهم من الجوع وصاحب الدار يطلب منهم ‏اكل المزيد حتى شبعوا . كذلك كانت معزبة صاحب ‏الدار تشرف على تقديم الطعام لضيفتها .‏
يقول راوي القصة انه مابين صلاة المغرب والعشاء قد ‏وفد الى بيت مضيفنا عشرات الاشخاص ممن الجأهم ‏الليل والبرد اليه وهو واقف يرحب بهم والخادم يأتي ‏بقطع من العصيد القاسي يحملها على كتفه ثم يلقيها في ‏الصحاف ليأكل منها الضيوف .‏
‏ ثم انصرف القوم وبقي الضيف وصاحب الدار يرجوه ‏بان يكون جارا له بعد ان عرف سبب قدومه والضيف ‏يتعلل بانه جاء يقصد شخصا له به معرفة سابقة ولكنه ‏قبل جوار هذا الرجل لانه سبق اليه وليس من شيم ‏العرب ان يتركه بعد ان دخل داره ويذهب الى جوار ‏غيره .‏
يقول الراوي بقينا في جوار هذا الرجل بعد ان وفر لنا ‏سكنا قرابة الشهرين نعمل و( نتحوش ) ونتشكًد ‏ونكري حمارنا بعد ان سمن واستعاد قوته فعدنا الى ‏ديارنا وقد جمعنا خيرا كثيرا .‏
لم يكن الرجل يعرف هؤلاء الغرباء ولم يكن يطلب ‏منهم قضاء حاجة او يتأمل منهم منفعة وقد كانوا في ‏امس الحاجة الى هذا الكرم الذي شمل الدفء والطعام ‏والمأوى و تعداهم الى كل عابري السبيل بل لقد شمل ‏البهيمة العجماء ، ذلكم هو الكرم الحقيقي ....... ‏

‏ كتبه لكم : الحاج سلام الثمالي . ‏
رد مع اقتباس