تقول ثمالة : ( هل عندك في هذا جابَه ؟ ) أي : هل عندك جواب ؟
وتقول : ( جباب ) لأجزاء الطين اليابس المشتد إذا تفتت أوصالاً عقب حراثة ونحوها والمفرد : ( جبابة ) .
قلت : هذا صحيح فصيح ، فالعرب تقول : جواب وجابة . وفي أَمثالِ العَرب : أَساءَ سَمْعاً
فأَساءَ جابةً . وأَصل هذا المثل على ما ذكر الزُّبَيْر بن بكار أَنه كان لسَهلِ بن عَمْرٍو
ابنٌ ضعيف العقل فقال له إِنسان : أَين أَمُّكَ ؟ أَي : أَين قَصْدُكَ ؟ فظَنَّ أَنه يقول
له : أَين أُمُّكَ ؟ فقال : ذهَبَتْ تَشْتَري دَقِيقاً . فقال أَبُوه : أَساءَ سَمْعاً فأَساءَ جابةً .
أما ( الجباب ) فأصله في اللغة ( جبوب) والمفرد ( جبوبة ) وثمالة تنطقها الآن : (جباب والمفرد جبابة ) .
وفي التاج عن ابن الأَعْرَابِيّ : الجَبُوبُ : المَدَرُ المُفّتَّتُ . وفي حديث أَبِي أُمَامَةَ قال :
لَمَّا وُضِعَتْ بِنْتُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في القَبْرِ طَفِقَ يَطْرَحُ إليهمُ الجَبُوبَ
وَيَقُولُ : سُدُّوا الفُرَجَ .
وفي حديث عُمَرَ : سَأَلَهُ رَجُلٌ كان محرماً ، فقالَ : عَنَّتْ لِي عِكْرِشَةٌ فشنَقْتُها بجبُوبَةٍ .
أَي : رَمَيْتُهَا حتى كَفَّتْ عن العَدْوِ . والعكرشة الأرنب .
ورحم الله الشيخ ابن عبيدالله فقد كنا نمر صغاراً في طريقنا للمدرسة مع مزرعته ،
فإذا كانت محروثة لتوها وفيها جباب يحتاج لتفتيت ، وقف في وسط الركيب ينتظرنا
في عودتنا من المدرسة ، فإذا مررنا بالقرب منه شنقنا بجبابة ، فنظنه يلعب معنا ،
فنضع حقائبنا جانباً وندخل الركيب جميعاً ، فنشنقه بالجباب ويشنقنا بمثله ، ويشنق
بعضنا بعضاً ، ونبقى هكذا ما بين قاذف للجباب ، وآخر يفتت لصاحبه ، وثالث يركض برجله ،
حتى إذا انقضى الغرض أعلن رحمه الله الهدنة ، ثم يدعونا للبستان فينفحنا بقليل من العنب وشيء من ( الفراطة ) .
رحمه الله ما ألطفه في التعامل مع الصغار وما أحكمه !!
وأترك لكم كلمة ( الفُرَاطة ) للتعرف على أصلها .