عرض مشاركة واحدة
قديم 06-01-2008   رقم المشاركة : ( 9 )
مناهل
ذهبي مشارك

الصورة الرمزية مناهل

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2376
تـاريخ التسجيـل : 22-03-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 1,623
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 290
قوة التـرشيــــح : مناهل تميز فوق العادةمناهل تميز فوق العادةمناهل تميز فوق العادة


مناهل غير متواجد حالياً

افتراضي رد : المذاهب الأدبية الغربية ( رؤية إسلامية )

المذهب الرمزي



* لمحة سريعة :
هو ناتج عن عوامل عقدية / و اجتماعية / و فنية / و ثقافية ..
تعاونتْ على إنضاج هذا المذهب في فرنسا ، على يد جماعة من الشعراء أشهرهم : ( بودلير ، رامبو ، فيرلين ، مالا راميه ) .

فأما العوامل العقدية .. فهي :
1 - الشعور الحاد بالفراغ الروحي الذي يعيشه الفرد الأوروبي .
2 - الصدمة التي أُصيب الفرد نتيجة إخفاق النزعة العلمية في سد فراغه الروحي و تعويضه عن العقيدة الغائبة .
3 - الشطط الذي بلغته الفلسفة الوضعية .

و أما العوامل الاجتماعية .. فهي :
1 - التناقضات الكبيرة التي كان يعيشها رواد الرمزية في مجتمعاتهم .

و أما العوامل الفنية .. فهي :
1 - البحث عن أسلوب جديد في التعبير .
فقد كره رواد الرمزية التعبير المباشر الواضح ، و نفروا من أساليب الواقعيين و البرناسيين ، و ادعوا أنها تعجز عن نقل إحساساتهم و أن اللغة ذاتها عاجزة عن نقل التجرية الشعورية العميقة ، لذلك ينبغي أن إيجاد أسلوب يوحي بهذه التجربة و ينقل أثرها إلى القاريء .

و أما العوامل الثقافية .. فهي :
1 - تأثّرهم بكتابات الأمريكي ( أدجار آلن بو ) و أسلوبه الرمزي المتميز .
2 - تأثّرهم - من جانب آخر - بالفكرة الفلسفية التي تتحدث عن عالم خلف عالم الطبيعة و الواقع ... هو عالم المُثل .

و قد تعاونت هذه العوامل على إخراج المذهب الرمزي و كان ميدانه الأكبر هو الشعر الفرنسي ، ثم تأثّر به شعراء و قصاصون و مسرحيون في بلاد أخرى ، و الشعر هو الذي جسّد مباديء الرمزية الغربية و أصولها بشكل كامل و قوي .
.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.


* أهم مباديء المذهب الرمزي :
1 - رفض النزعة العلمية ، و الروح الواقعية اللتين تغلغلتا في الأدب آنئذ .

2 - الهروب من الواقع ، و التعالي عليه ، و عدم الاهتمام بمشكلاته السياسية و الاجتماعية .

3 - البحث عن عالم مثالي مجهول يسد فراغهم الروحي و يعوضهم عن غياب العقيدة و التعلق به ، و الإخلاص له .

4 - رفض التعبير المباشر و الوضوح ، و الدعوة إلى نبذها .

5 - الاعتماد على أساليب تعبيرية جديدة للإيحاء بالمعنى و الإحساس ، مثل :
تراسل الحواس " حيث يُسمع المشموم ، و يُشمّ المسموع " ، و استخدام الصفات المتباعدة للتشخيص " الضوء الباكي " ، و الخروج على الأوزان و القواعد النحوية .

6 - الاهتمام بإيقاع الألفاظ و العلاقات بين الأصوات للإيحاء بالمعنى ، و ربط الشعر بالموسيقى ، لتوليد الأثر الجمالي من تناغم الحروف .

7 - الاتجاه نحو جمهور خاص و محدود ، و التعالي على بقية الشعب .
.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.


* الرؤية الإسلامية للرمزية :

ينبغي أن نفرّق - أولاً - بين الرمزية مذهباً أدبياً ، و استخدام الرمز في التعبير .. فليس كل نص استخدم الرمز منتميا إلى المذهب الرمزي ، و قد يكون في قصيدة ما رموز عدة ، و لا نعدها في الرمزية المذهبية . و الفيصل في الأمر وجود خصائص المذهب الرمزي فيه ، و ارتباطه بالأصول الفلسفية التي اعتمد عليها المذهب . و اعتماده بشكل أساسي على أدواتها الفنية .
لذلك تنصرف رؤيتنا الإسلامية إلى المذهب الرمزي الغربي ، و النصوص الأدبية المرتبطة به و المتأثرة بأصوله الفلسفية و أما التعبير بالرمز دون الارتباط بخصائص المذهب الأخرى فأمر لاغبار عليه البتة ، و قد سلكه عدد من الأدباء الإسلاميين قديما و حديثا ، و عبّروا به عن تجارب روحية عميقة تعجز الأساليب الأخرى عن نقلها بهذا التأثير و الجمال .

و غني عن القول أنه لا حرج على الأديب المسلم أن يستخدم أسلوب التعبير بالرمز في نقل تجربته الشعورية ، بل ربما يكون هذا الأسلوب منفذه الوحيد في بعض المجتمعات .

و أما المذهب الرمزي الغربي فهو نتيجة تمزّق الفرد الأوروبي و ضياعه ، بعد أن تزعزع إيمانه و اشتطّ في إلحاده ، فقد علّق آماله على العقل البشري ، و ما توصّل إليه من علوم ، و ظنّ أنه سيجد عنده الخلاص ، و لكنه - بعد خطوات قليلة - أحسّ بضيق العالم الذي حبس نفسه فيه ، و أحسّ بغياب " الروح " و طغيان عالم المادة ، فعاد يبحث عن الحقيقة الغائبة ..!!

و لأنه هجر الكنيسة لتعسّفها التاريخي ، و لم يعد إليها ، و لو عاد لما وجد ما يُشبع خواءه الروحي . لذلك سلك دروب الجمال الفنّي و أغرق نفسه فيها علّه يجد عندها الخلاص . و اتخذها بديلا عن العقيدة . و لكن الجمال لن يكون أحسن حالا من الكنيسة و لن يسد فراغه الروحي .. الأمر الذي يجعلنا نسجّل على الرمزية الغربية المآخذ التالية :

1 - أن أساسها الفلسفي صادر عن فراغ روحي ، و إفلاس عقدي و ضياع في عالم المادة .. و هذا أمر لا يقع فيه الأديب المسلم ، إلا إذا انحرف عن فطرته .

2 - أن " عالم الجمال المثالي " الذي تعلقوا به قد صار بديلا للعقيدة عندهم ، و هو عالم مجهول استغرقوا فيه استغراق المتبتل في عبادته ، و هذا ولاء لا يعطيه الأديب المسلم إلا لله و رسوله .

3 - يترفّع الرمزيون عن الشعب و مشكلاته ، و ينصرفون عن قضايا الحياة التي يعيشونها ، و هذا هروب لا نرضاه للأديب المسلم .

4 - يستخدم الرمزيون - في بعض الحالات - أدوات فنية ترتبط بتصورات لا يوافق عليها الإسلام ، كرموز الصلب و الفداء و القربان و الخطيئة النصرانية ، و بعض الأساطير بمدلولها الوثني .
و إذا لم تجرّد هذه الأدوات من ارتباطاتها العقائدية فإنها تنقل التصور المنحرف و تثبته و تُناقض التصورات الإسلامية .
آخر مواضيعي