عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 07-23-2012
الصورة الرمزية المقداد
 
المقداد
كاتب مبدع

  المقداد غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 3563
تـاريخ التسجيـل : 12-02-2009
الـــــدولـــــــــــة : ضوء الظل
المشاركـــــــات : 1,283
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 89
قوة التـرشيــــح : المقداد تميز فوق العادة
افتراضي ومضــــة رمضـــــــانية ..

ومضــــة رمضـــــــانية .. ومضــــة رمضـــــــانية .. ومضــــة رمضـــــــانية .. ومضــــة رمضـــــــانية .. ومضــــة رمضـــــــانية ..

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محال أن يهل علينا الهلال آذاناً بدخول شهر الصوم ولا نكتب عن شيء يتماهى مع ذوق رجل ثمالي أصيل, عاش حياته متنقلاً في قريته, محمود عواقبه, كريم بطبعه, أصيل في غيرته, متمسكاً بموروثاته وماضيه المشرف بحق !!
لعلي كتبت مواضيع كثيرة عن حياة الماض وفي كل حلقة كنت أتناول شيئاً مختلف وأجتهد وأحاول أن أصور تلك الحياة كما عشتها أنا وغيري, أحاول نقل القارئ لمرحلة عمرية لم يشهدها ؟ فأصورها له قدر الإمكان, وليس هناك هدف أرومه سوى إحياء تلك الذكريات.

(ومضة رمضانية قديمة)
لا يخفى على كل ثمالي مال هذا الشهر من حفاوة إستقبال لدى كل مسلم أمسك في نهاره وقام ليله بالصلاة والعبادة والذكر, لا يخفى عليه حرمة الشهر وكراماته!! لا يخفى عليه أجرمن عمل عمله وأراد به وجه الرب سبحانه,
فأقول اللهم ربي لا تدع هذا الشهر ينسلخ الا وقد حرمت النار علينا جميعاً, وأعنتنا على الصيام والقيام بالوجه الذي يرضيك عنّا .. آميـــــــن .

فملامح ذلك المسن تقودك لتعرف كم واجه وكابد من صعاب..! ومع كل ما يصدره من تأوهات وأنات الا أنه لا يتنازل عن عادته في شهر الصوم ..؟ هو وأهل بيته, وأهل القرية جميعاً, وكأنهم قطعوا على أنفسهم وعداً لا يخلفوه وموثقاً لا يقطعوه ..! ومهما كان عوزهم وقلة حيلتهم الا أن ذلك ليس بحائل عن عاداتهم النبيلة ومواقفهم .
أولئك القوم عرفوا معنى الصدقة الحقة وعرفوا معنى التعاون فذبحوا خير أغنامهم وأجودها, وتلك المسنة جادت ببيض دجاجها وبعض سمن نشته تجهيزاً لتتصدق به أو تهدي شيئاً منه لجيرانها والموسرين في قريتها .
ولن أكذبكم الحديث لو قلت لكم بأن أطفال القرية قبيل أذان المغرب بدقائق معدودة تجدهم في حالة إستنفار وحركة مستمرة ..! فهذا يحمل فوق رأسه بقشة القطايف..! وذاك غادي بطبق فاكهة, وآخر يحمل ماعوناً لا يُعلم ماذا بداخله ..؟ ولكن يبدو لي بأنه ساخناً جداً وإلا لم يتقيه بقطعتين قماش من أطرافه, وكأن إفطار القرية هو إفطار البيت الواحد فالجميع قد تعاونوا وتهادوا الطعام والشراب فكيف لا يتحابون ..؟
تقول إحدى الجدات بعد سؤالها والمضي قدماً في حديث ممتع تخلله التعرض لذلك الوقت القديم نوعاً ما ..؟ لم نكن نهتم كثيراً لطعامنا نحن بقدر ما نهتم ماذا سنبعث للبيت الفلاني من إفطار ..! فالعادة جرت أن نكون في تعاون مستمر طوال العام, فما بالك بدخول شهر رمضان شهر الخير والإكرام ..
ثم تابعت بعد يمين أقسمتها أن البعض منهنّ لتشعر بالحرج الشديد إذا مضى ذلك اليوم ولم تستطع إرسال شيء للمجاورين, وأردفة في متن الحديث جانب آخر يختلف قليلاً إذ تقول إن الخلافات تقع في كل مكان وزمان ولكن مع دخول هذا الشهر تنصهر تلك المشاكل لأن المبادرات في الصلح قائمة والنفوس متهيئة بطبيعتها للتسامح والتراضي.
وصدّق المقداد على حديثها السهل النابع من البساطة وأن ما قالته صحيح فصحيح, فالحياة الرمضانية في القرية ذلك الوقت محببة جداً وتستطيع الوقوف على معالمها البدائية البسيطة لحظة باخرى, فحديثها كان نموذج بسيط من نماذج متعددة ولو أمعنا النظر والتأمل في تبدل أحوال الناس بين الأزمان لعرفنا كم نحن سلبيين وغير متصالحيين مطلقاً مع أنفسنا أولاً ثم مع الآخرين ..!
لقد عشت في ذلك الوقت وعاصرته وحملت فوق رأسي أقداح الطعام وفغر الجزر والجرجير أيضاً..! لم نتضجر أبداً أو نتحرج من أي موقف يدفعنا لمساعدة بعضنا البعض أو الوقوف إلى جانب جيراننا في القرية في حزنهم وفرحهم .
لقد كابدت تلك الأجواء البعيدة وأصطليت بفقرها وشدة حاجتها, وعشت تفاصيلها أولاً بأول, رأيت بأم عيني ماذا يعني دخول رمضان في القرية ..! رأيت كيف يستقبلونه مهنئين بعضهم البعض, وكأني بهم جميعاً على موعد مرتقب مع سماحة نفس جديدة ليس بمقدورها تحمل أعباء العتب والملام, مع موعد مع بشاشة مطلقة وفرحة إرتسمة على ملامحهم بقدوم ضيف كريم .. أعاده الله علينا في ثوب صحة وعافية وعفو ..


دعاني لهذا الحديث ما جال في النفس وما شاهدته مغرب يوم الناس هذا في القرية..؟ فقد رأيت طفلاً صغيراً يحمل فوق رأسه بعض الطعام متوجهاً نحو جاره فعدت قليلاً للماضي أتخيل هذه المواقف التي تزرع في النفس التماسك وحب الآخرين بكل بساطة, تخيلت هذا الطفل الصغير أنا عندما أتنقل بين المنازل حاملاً فوق متني إفطار صائم ..!
تذكرت تلك السعادة الجامحة التى تغمرني عندما يشكرني أحدهم ويثني على فعلي, تذكرت أشياء كثيرة كتبت بعضها وأبقيت على الآخر في جزء آخر ..

محبكم دوماً / ابــن القــريــــــة










رد مع اقتباس