[رويعي الغنم]

بسم الله الرحمن الرحيم .
وجها لوجه مع السد ..
افطرهيكل ورفاقه على ظهر السد ثم نزلوا الى الركيب الملاصق له من جهة الشرق , وكان حينها مزروعا بحنطة لم يحن حصادها بعد , ثم استداروا بوجيههم حتى استقبلوا السد واستدبروا الشمس , ومن هناك يبدأ هيكل في وصف المشهد فيقول :
((فأخذت بنظرنا الأحجار الضخمة التي شيد بها السد , كما أخذ بنظرنا احكام بنائه على عظمته وفخامته)) , ويمضي في وصفه للسد الى أن يقول : ((وسألت عن تاريخ بنائه فقيل أنه يرجع الى عهد معاوية بن ابي سفيان في صدر الأسلام , وأن الحجة في ذلك هذه الكتابة المنقوشة على احد احجاره والتي لا تكاد تتضح , فقد نقلها عبدالله باشا باناجي بالفوتغرافيا (يعني بالتصوير) في اوائل هذا القرن وبعث بها الى مصر حيث حلت رموزها فأذا فيها , امر ببنائه عمرو بن العاص بأمر أمير المؤمنين معاوية بن ابي سفيان)) ..(انتهى النص المنقول حرفيا) ..
ثم يمضي في تحليل ما يشاهده على افتراض صحة ما سمع الى أن يقول : ((لم يكن بناة الأهرام وحدهم أذا هم الذين عرفوا الضخم والعظيم في العماره , بل عرف ابناء بلاد العرب من ذلك ما عرف قدماء المصريين , فأقام اهل الطائف هذا السد كما اقيم سد مأرب في بلاد اليمن , واقيم هذا السد في مسيل الوادي بين الجبلين كما أقيم سد مأرب لينتفع الناس بالمياه ولا يدعوها تذهب هدرا , كانت الغايات الأقتصادية والعمرانية هي التي أدت الى أقامة هذا السد أذا كما أدت الى أقامة سد مأرب))..(انتهى النص المنقول حرفيا) ..
ثم يمضي في تحليلاته مشدوها من ما رأى من القوة والمتانة وضخامة الأحجار التي سدت فراغاتها بالملاط , يمضي وهو يستجمع صورا ذهنية من هنا واخرى من هناك يقارن فيها ما بين سد مأرب باليمن وسد السملقي ليخرج بنتيجة فحواها , لئن كان العرب في صدر الأسلام بهذا الأبداع الذي لا يماثله ابداع الا بسد مأرب باليمن فأنهم بحق قد نعموا بحضارة لازلنا ننكرها عليهم الى اليوم ..
ويمضي في تحليلاته واستنتاجاته قائلا : ((بل أراني أميل الى الظن بأن هذه الحضارة كانت قائمة ينعم بها اهل هذه البلاد قبل الأسلام , وأن الدين القيم نزل على قوم لهم من الحضارة هذا الحظ الأوفى)) , (أنتهى النص) .
والرويعي يقول , لا فض الله فاك يا هيكل يرحمك الله , فقد كنت راجح العقل عميق التحليل ثاقب التفكيرعندما عرجت بتصوراتك الى حيث منبع الخبرة ومصدر الفكرة , ثم ابيت أن تبرح ذكر سد مأرب طيلة حديثك وتحليلاتك , ولو سلمت من تشويش أحد مرافقيك بالرواية المرسلة الفاقدة للبرهنة التي نسبها القائل لغائب هو باناجي لكان لك قول أخر واستنتاج مغاير, ولو نما الى علمك من اين هاجرت ثمالة وسبب هجرتها لحلت الأحجية وانجلت في ذهنك الفكرة قبل ان تقوم من مقامك وتبرح من مكانك , ولقلت فورا لرفاقك قوموا لننصرف يرحمكم الله فقد اتضحت لي الصورة وانكشف لي المستور فالبعرة أنما تدل على البعير والأثر أنما يدل على المسير , وأبناء اولئك الذين امتهنوا الزراعة وشيدوا سد مأرب وتلك الحضاره ثم هاجروا من هناك وجاءوا بتلك الثقافة الى هنا حيث هذا الأثر لابد انهم هم الذين شيدوا هذا السد وليس أحدا سواهم دون أدنى شك ولا ريب ..
ولو أنهم قد احاطوك علما بشبكة الري الداخلية التي كانت تمر من تحت السد عابرة من تحت اقدامكم وانتم وقوف تتأملون الأثر لعلمت ان المشروع اكبر من مشروع سد وانما هو منظومة ري عز نظيرها ولزدت يقينا على يقين بصواب هذا التحليل ..
نعم لقد أخذت في الحسبان يا كاتبنا القديربما ذكره لك أحد مرافقيك الى جانب ما شاهدته فعبرت عما جاش في صدرك واصدرت حكمك قبل أن تستأنف التحقيق في سلسلة الرواة الى أن تصل الى باناجي وما يوثق به زعمه وزعم من زعم أنه ارسل اليهم في مصر, ولكنني التمس لك المعاذير عندما أعلم بأنك ما لهذا قد أتيت حتى تحقق فيه وتدخله في مدار بحثك , أما رفاقك الثلاثة رحمهم الله فأنهم من اهل الفضل والعقل ولن يختلق أحد منهم قولا غير ما سمع , فقد يكون الراوي قد خلط ما بين سد وآخر من سدود الطائف القديمة التي يحمل بعضها نقشا لعهد معاويه , او ضلله مصدر آخر فما آفة الأخبار الآ رواتها..
وماذا عساك كنت قائلا في تحليلك يا سيدي لو علمت أن جبل المصرف (المغيض) الذي تحول الى لج اعمق كثيرا من الأرض التي بنيت عليها أساسات السد ثم طمرته السيول لاحقا ببططحاء وحجارة الودي حتى لم يعد لجا كما كان , ولكنه بقي شاهدا ناطقا على قدم الزمان لهذا الأثر الكبير وتخطيه لصدر الأسلام بمئآت من السنين ..
والى هنا اتوقف بكم , وفي المقالات القادمة أن شاء الله اشرع في تفنيد شائعة النقش بالأدلة دليلا تلو آخر وما توفيقي الا بالله , والسلام عليكم ورحمة الله ..