الموضوع: كنتُ جمّالاً ..
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-01-2011   رقم المشاركة : ( 15 )
المقداد
كاتب مبدع

الصورة الرمزية المقداد

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 3563
تـاريخ التسجيـل : 12-02-2009
الـــــدولـــــــــــة : ضوء الظل
المشاركـــــــات : 1,283
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 89
قوة التـرشيــــح : المقداد تميز فوق العادة


المقداد غير متواجد حالياً

افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
إستدراكاً على موضوع الجمّالة الذي وعدناكم بحلقته هذه , فأقول و بالله التوفيق .
دلفت على أبي ووجدته اتخذ من أحد زوايا غرفته مأوى له وقد تدثر بطفيلية !! (( فروة سميكة مصنوعة من شعر الأغنام )) لا أراها الا مثل هذا الوقت من السنة , وعندما اقتربت منه ألقيت عليه التحية وجثمت أُقبل يديه ومقدمة جبينه , رد علي التحية بأحسن منها ورماني بنظرة لائمة , أدركت من خلالها أنه عاتب على شخصي , إذ لم يكتحل ناظريه برؤيتي يوم أمس وشطر يوم الناس هذا ...
اعتدل قليلاً في جلسته مستعيناً بساعديّ , فسحب طرف من لحافة الي الاعلى ثم " تنحنح " وقال :لا أخالك أتيت الا من أجل نبش الماضي التليد . قلت : كيف لا وأنا كلي شوق لأن أشنف آذاني ببوحك .
ارتسمت على محياه إبتسامة الرضى وقال : يابنيّ ليس المهم أن تصل الي منزلة الجمّال وتصبح كما هو في ذلك الوقت , بل المهم أن كيف تحافظ على هذه المكانة ...
فالجمّال في وقتنا يتحلى بالصبر والعزم وحسن التصرف والفطنة , أتكئ قليلاً ثم قال : كأني أرى العدّة (( أي عدة الجمل وهو الحمل من الامتعة فوق ظهره )) نعم أراها فوق ظهر البعير قد حملتها فوق كاهلي , فلا يهدأ بالي حتى أوصلها الي غايتها .
كما أنه يابني كانت علاقة الجمالة فيما بينهم علاقة وثيقة وثمة أخوة لا تنقصم عراها بينهم , فعندما ينقطع (( أي البعير يصيبه الوهن وتخور قواه )) يبادر الجمّالة الي توزيع عدته وأثقاله على بقية الجمال .
والحق يقال بأنها أيام رغم بؤسها الا أنها جميلة , فالأحاديث التي كنا نتداولها والأناشيد والردحات كانت ونيسة سفرتنا , فلا نزال في متعتنا ذاهبين هذا مازح وهذا جاد وهذا لاعب وآخر ضاحك , جملة فصيحة إنساقت بعذب الكلام !!
فالجمّال ياسادة كان قبل السبعون عاماً تقريباً يضرب المثل الأعلى والقدوة في تحمل المشقة , وإذا ماكان الحديث عن الطعام فلم يكن سوى (( قرص حنطة مشعورة , وتمرات لبانة , وشيئاً من مضير )) .
كما أن هنالك بعض الأعراب قد نصبوا خيامهم وأحواشهم معترضين هذا الطريق (( اليمانية )) يقدمون الطعام للجمّالة ولم تكن أصنافه متعدده فيقتصر على الرز والعدس , وطالت خدمتهم جمالنا حيث يقومون بتبريكها وتقديم (( الصلايب )) لها , والصلايب هي نوع من الحشائش معضوبة تشتهيها الأبل , وعند مغادرتنا نقاضيهم بقرابة نصف ريال تقريباً !
علماً أن فترات الراحة أثنتين فقط ! لا تتجاوز الراحة فيها ساعتين أو ثلاث , وتكون واحدة في السيل والأخرى في الزيمة أو اليمانية , يلتقون جمالة أخرون يتبادلون الأخبار ومواقع الأمطار ....الخ.
الي هنا أتوقف , واعداً اياكم بذكر قصة طريفة وإن شئتم سموها مسابقة بين الجمّالة جائزتها ساعة " صليب "
حازها الجمل "شعيل بكل إقتدار ..

المقداد
آخر مواضيعي

التعديل الأخير تم بواسطة المقداد ; 01-01-2011 الساعة 10:00 PM
  رد مع اقتباس