عرض مشاركة واحدة
قديم 12-31-2006   رقم المشاركة : ( 26 )
ابن ابي محمد
ذهبي


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 563
تـاريخ التسجيـل : 25-07-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 1,185
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : ابن ابي محمد


ابن ابي محمد غير متواجد حالياً

افتراضي رد : حقد الصهاينة وصدام

العبرة الثانية ـ تزكية النفوس أولاً:
أما تزكية النفوس فلقد حاول صدام كما مر معنا تزكية نفسه حسب مفهومه وكان لذلك صور متعددة، فكان يقطع أي اجتماع مع أي ضيف، ومع القادة السياسيين والعسكريين ليقوم بأداء الصلاة إذا حضر وقتها، وقد تكرر هذا الأمر مرارًا في الاجتماعات المنقولة تلفزيونيًا كما حصل مع أفراد مخصوصين في اجتماعات لم تنقل تلفزيونيًا كما تحدثوا بها هم أنفسهم معنا، وكان يحرص جدًا على قراءة القرآن ويقول كما مر معنا ما نقله عنه الأمريكي راذر: [أشعر أن القرآن يسري في عروقي] وقد كان يحدث مبعوث الرئيس الهندي عن الإسلام حينما زاره قبل الحرب بأشهر، وقد استمعنا لذلك بأنفسنا من خلال التلفاز العراقي .. ولقد جاءت الأحداث الأخيرة لتثبت ذلك بأقوى صور الإثبات حين عثرت القوات الأمريكية على بيت في منطقة الأعظمية، وانفردت الجزيرة ببث صورة البيت بغرفِهِ ... وأركانِهِ ... فوجدوا أن هذا البيت هو المقر الرئيسي لصدام طوال فترة العشرين يومًا تقريبًا، وهي أيام الحرب والقصف على بغداد، حيث ظهر في البيت سرير متواضع عليه لحاف ينام عليه صدام، وفيه مكتب عليه فنجان فيه أثر القهوة، ونصف كوب ماء، وفيه مشجب معلق عليه لباسه العسكري برتبته العسكرية، وثوب نوم، وعلى الأرض سجادة للصلاة باتجاه القبلة وبجوارها كرسي مصحف، وعليه المصحف مفتوح على سورة الحجر، ونرجوا أن لا يقول البعض منّا إنه كان يتوقع الكاميرا التلفازية أن تأتيه يومًا من الأيام فجهز تلك الغرفة للتصوير والدعاية فقد شبعنا من كثرة المداخل من أجل الطعون في الآخرين حيث أصبحت عادة ساذجة ملت منها الشعوب المسلمة ...
ولقد قال عن حالته النفسية يوم أن أراد القسم على المصحف حين أعيد انتخابه كرئيس للجمهورية ..
قال: لما وضعت يدي على المصحف للقسم، أخذتني حالة من الرهبة الداخلية لم أشعر بمثلها في حياتي ولن أستطيع وصفها ..
وكثيرا ًما كان يوصي قادته علانية بكثرة قراءة القرآن الكريم، وما كانت كتابته شيئًا من المصحف بدمه إلا من هذا الباب بفهمه هو ... ذلك أنه شخص يريد أن يسبق دائمًا إلى مالم يسبق إليه، وبمفهومه هو وطريقة تعبيره عن محبته العميقة بأسلوبه القوي حيث بذل أغلى ما يملك لأغلى ما يعرف فكان الدم للقرآن، ولربما لو كان رئيسًا آخر لفكر أن يكتب القرآن بالعطور أو نحو ذلك ... مما يناسب نرجسيتهم ونعومتهم .
ونحن هنا لا نتحدث عن جواز ذلك شرعًا، فهذا أمر قضي وانتهى ولا يحتاج اليوم إلى فتوى، والمسألة راجعة إلى طهارة الدم، ومن العلماء من قال بطهارته، وقد أفتاه العلماء بذلك فعلًا ...
لكن محاولة تزكية الرئيس نفسه شيء وحصول التزكية شيء آخر . وإن كان صادقًا في طلبها كما يظهر لنا، ثم إن تزكية الرئيس نفسه لوحده شيء وسوء نفوس الآخرين من المحيطين به شيء آخر!
ولذلك فإنك حين تسمع لصدام شيئا وحين تسمع للصحاف مثلًا شيئا آخر ... فالصحاف تعود على إطلاق العبارات والمواعيد دون تعليقها على مشيئة الله، وتعود نسبة النصر للحزب وأبطال الحزب والأسباب الأرضية مما كان ينفِّر كل مسلم من عباراته !
ومن ثم فإنه لما لم تتزك النفوس القيادية بالإيمان كما ينبغي، لم يعد هؤلاء حقيقين بالنصر، ولا مؤهلين لنزول السكينة عليهم، والله تعالى يعلل نزول السكينة على أهل البيعة للبيعة وما في قلوبهم فيقول في كتابه العزيز [ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحًا قريبًا ..]
وكان لعدم تعميم التزكية أثر بليغ في حصول الهزيمة، فالنفوس التي لم تتزك زكاة إيمانية صحيحة سهل اصطيادها بشرك الدولار أو السلامة من الموت أو المناصب أو نحو ذلك مما فيه إيثار الحياة الدنيا على من لم يتزك كما قال الله تعالى [ قد أفلح من تزكى . وذكر اسم ربه فصلى . بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى ]
وهذه سر وقوع الخيانات الكثيرة في قيادات الحرس الجمهوري بل قيادات حزبية، وقيادات سياسية، كما ذكر ذلك الدكتور ظافر العاني ....
فماذا تعني زكاة نفس القائد ـ على فرص حصولها ـ إذا كانت البلاد بمجملها غير مزكاة ... ولهذا كانت من مهمة النبي صلى الله عليه وسلم الأساسية تزكية نفوس الأمة . قال تعالى: [ هو الذي بعث في الأميين رسولًا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ] .. الجمعة 2
ولو كانت النفوس مزكاة، فما أهون الدنيا على من تزكى . قال تعالى: [ أتمدوننِ بمال فما آتانِ الله خير مما أتاكم . بل أنتم بهديتكم تفرحون ] النمل 35
وفائدة أخرى عظيمة لتزكية النفوس، تلك هي أن التزكية إنما تكون قبل المواجهة العسكرية وهي جزئ أساس من الإعداد، حيث إن المقاتل المثقل لا يملك أن يتزكى في ميدان القتال وحده ـ عادة ـ فلا بد من الانتصار على النفس أولا ً في ميادين الدنيا، لا بد من ممارسة التزكية عند المعاملة بالمال، وشؤون الحياة، لا بد من القيام والصيام وصلاة الجماعة والأوراد والأذكار ... لا بد من التزكية من خلال العبادة، ومن خلال المجاهدة المتواصلة ...
أما التزكية النظرية أو المظهرية فإنها لا تغني شيئًا إذا وقعت الواقعة، فحين خُيرّ المقاتل بين أن يقرب نفسه وأهله وولده وماله وأمته وسعادته أو يستسلم، وفوق ذلك يحصل على مبلغ، وبين أن يقرب دينه وأمانته،ويسلم ويسلِّم أمانته لعدوه … فإن لم يتزك فلن يتردد في قبول السلامة وطول العمر وإيثار الدنيا ... عندها يعلم الناس إلى أي مدى كانت التزكية ضرورة، ويعرف ما معنى قوله تعالى [ قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا ]
لقد حاول صدام تزكية نفوس أصحابه المحيطين به [ على ضعف في معنى التزكية لديه ]، لكنه نجح فيما يظهرونه أمامه ولأجله ـ في أغلبهم ـ أما الناس فلم يستطع تزكية نفوس أغلبهم، لأن المصداقية كانت مفقودة بينه وبين أغلبهم ... وأما من حوله، فكان صدام يظن أنه بتكوين معهد إسلامي خاص بهم، وفرض حضور الجماعة والجمعة عليهم كاف في تزكية النفوس ... وما علم أن دون ذلك أعمالا وأعمالا، ومجاهدة وصدقا، وتوفيقا من الله تعالى وحده ...
ولقد أخذ الطالبان من قبل صدام بشراء القيادات العسكرية التي قبضت الدولارات بالشمال وسلمت الثغور باليمين، وما هي إلا لحظات حتى سقطت كابول وتبعتها المدن الأخرى تتساقط تساقط الفراش في النار !
وتبقى هذه الحقيقة مخيفة لنا كثغرٍ واسع سليك لأعداء الدين المحاربين، ونبقى مهددين في كل معركة قادمة بدخول العدو من ثغور قلوبنا بإغفال التزكية الإيمانية الحقة ...
بل إن الأصل هو أن الإنسان كلما كبرت مسؤوليته القيادية، ازدادت فرضية تزكيته لنفسه، وازدادت قوته الإيمانية وازدادت محافظته على أمانته، والواقـع اليوم يختلف عـن هذا على النقيض ...
ومن ثم كانت من أعظم العبر التاريخية التي ينبغي أن يصل إليها المسئولون المسلمون، هي أن لا يستعجلوا تولية أحد قبل أوانه، وأن لا يتخلوا عن التزكية الإيمانية لأي فرد تحت أي ظرف من الظروف، ومع أي شخص من الشخصيات الموهوبة ... وأن القاعدة في ذلك هي: [ إن خير من استأجرت القوي الأمين ] أما أن نركز على صفة القوة دون الأمانة، فالنتيجة ظاهرة .
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس