[صقر قريش]

الوطن :الثلاثاء 30جمادى الآخرة 1430هـ العدد 3189
دوام التوقيع . . خلل يضرب نصف قوة التعليم معلمون: غياب مليوني طالب وطالبة بالابتدائية وراء تعطل العمل التعليمي والتربوي
جدة: حسن السلمي
تعطل العمل التعليمي والتربوي في أروقة قرابة 15 ألف مدرسة ابتدائية للبنين والبنات بمختلف محافظات ومناطق المملكة لعدة أسباب، أبداها عدد من التربويين وأولياء أمور الطلاب والمعلمين والمعلمات، وحملوا وزارة التربية والتعليم مسؤوليتها . وبالرغم من أن هذا التعطل الذي ساد هذه المدارس يعود سببه الرئيس لتغيب قرابة مليوني طالب وطالبة ينتمون للمرحلة الابتدائية، ويخضعون لنظام التقويم المستمر إلا أن ما دفعهم للغياب هو انتهاء جميع مراحل تقويمهم، وتسلمهم لإشعارات النتائج نهاية الأسبوع المنصرم، وهاجس الخوف الذي ينتاب أولياء أمورهم عند السماح لهم بالدراسة خلال هذه الفترة الحرجة التي تشهد اختبارات طلاب وطالبات المرحلتين المتوسطة والثانوية، وما يرافقها من تجمعات وعمليات تفحيط من قبل المراهقين من طلاب المتوسطة والثانوية . وأجمع عدد من معلمي ومعلمات المرحلة الابتدائية أنهم كبش فداء، وضحية هذا التعطل الذي ضرب مدارسهم ابتداء من مطلع هذا الأسبوع، ويستمر حتى نهاية الشهر المقبل، وأن قرار الإبقاء على دوامهم في مدارسهم رغم غياب الطلاب نهائيا قد يزرع في نفوسهم عادة اللامبالاة،وعدم الاكتراث بالدوام الرسمي كونهم يحضرون إلى مدارسهم للتوقيع في سجل الدوام فقط،ومن ثم المغادرة . "الوطن" استطلعت آراء عدد من التربويين في قرابة 12 مدرسة ابتدائية للبنين والبنات على مستوى المملكة، ومن مناطق مختلفة توزعت بين محافظات جدة، والمدينة، والمهد، والطائف،والقريات، والقويعية، وتواترت روايات معلميها بأن شعار مدارسهم ابتداء من مطلع هذا الأسبوع هو "لم يحضر أحد" . وفي هذا الصدد، قال المعلمون ياسر الحربي، وفهد الشريف، وبندر سويلم "معلمو مرحلة ابتدائية"إن مدارسهم أنهت كافة إجراءات التقويم المستمر للطلاب منذ نهاية الأسبوع الماضي، وإن أولياء أمور الطلاب يصرون على عدم إحضار أبنائهم للمدرسة لأنهم محقون في ذلك، وإننا ليس لدينا ما نقدمه للطلاب طيلة الفترة المقبلة . وأشاروا إلى أن توجيهات التربية المتعلقة بإعداد أنشطة لا صفية وبرامج تقوية للطلاب خلال هذه الفترة يصطدم بعدم القدرة على تنفيذه على أرض الواقع بسبب غياب الطلاب أساسا،والملل الذي يصيب المعلمين من جهة، والطلاب من جهة أخرى كون العام الدراسي على وشك الانتهاء . واتفق المعلمون على تسمية هذه الأسابيع المتبقية من العام الدراسي للمرحلة الابتدائية باسم "أيام دوام التوقيع"، وأنهم يسهرون حتى الصباح ثم يتجهون لمدارسهم لضرب "التوقيع" حسب تعبيرهم، ويعودون لمنازلهم للخلود للنوم، وأنه لا فائدة من دوامهم في المدارس نهائيا . ويرى كل من حسان علي، ومحمد الغامدي، وعبدالعزيز راشد "معلمي ابتدائية" أن هذا الأسبوع،والأسابيع الأربعة المقبلة هي بمثابة العطل الذي ضرب نصف مدارس المملكة، وتسبب في غياب طلابها وطالباتها، وعود معلميها ومعلماتها على الفوضوية وعدم الانتظام، وأن قرار الإبقاء على المعلمين والمعلمات في أروقة المدارس الابتدائية هو قرار عديم الفائدة، ولا حاجة إليه . وأكدوا أنهم يعترفون بأن مدارسهم "معطلة"، وأن دوامهم في هذه المدارس المعطلة لا يعني لهم شيئا سوى الحضور للتوقيع درءا للخصم من المرتب الشهري، وأن مسؤولي التربية وإدارات التعليم على يقين وعلم بهذا التعطل، ولكن القرارات تؤخذ بشكل عشوائي دون دراسة أثرها على الميدان . وأكد سالم عبد الرحمن "مدير مدرسة ابتدائية" أن مدرسته فارغة نهائيا من الطلاب، وأنه ليس لديه أية تعليمات يستطيع بها أن يجبر الطلاب على الحضور، ولا يمكنه إلزامهم بالحضور لعدم وجود ما يمكن أن تقدمه لهم المدرسة بعد أن أتموا مناهجهم الدراسية، وتسلموا إشعارات نجاحهم . وأضاف أن التعليمات تقضي بضرورة استمرار المعلمين في الدوام حتى نهاية شهر رجب المقبل، وأن أي غياب سيتم حسمه من راتب المعلم، وأن المعلم مادام التزم بالحضور، ووقع في سجل الدوام فيمكنه المغادرة . ووصفت المعلمات نورة حسين، وغادة مبارك، وأسماء الراشد "معلمات ابتدائية" دوامهن الحالي في مدارسهن بـ "القاتل"، وأنهن يحضرن صباحا، ويبقين في المدرسة حتى الظهر ثم يغادرن إلى منازلهن دون أدنى عمل يقمن به داخل المدرسة، وأنهن اعتدن هذه الأيام على إحضار وجبات الإفطار من المنازل، واللهو في الحديث حتى نهاية الدوام . وأكدن أنهن حاولن ثني طالباتهن عن الغياب، وطالبنهن بالحضور لتبادل الأحاديث، ومشاركتهن الإفطار على الأقل إلا أن أولياء أمورهن، وأمهاتهن رفضوا استمرار بناتهم في الذهاب إلى المدرسة كونهن أنهين كافة متطلبات الدراسة، وأن ذوي الطالبات يرغبون التفرغ لأبنائهم وبناتهم الذين يجرون اختباراتهم حاليا في المدارس المتوسطة والثانوية .