[رويعي الغنم]

ايها الأخوة والأخوات الأعزاء : عندما اتنقل راكبا او راجلا في نواحي بلاد ثمالة وما جاورها من ديار كتلك التي كانت ذات يوم محطا للنازلين فيها والغادين عنها من اهل الحلال والعود والعمود (كنايه عن الرحل) كقوسى وبطن عورش وعلق وغيرها من الديار تعصف بي الذكريات وينتابني الحنين وتخيم علي سحابة حزن انفس عنها بأنين عميق على الذكريات بتلك الديار وعلى كل من سكن الديار ..
استعيد برؤياها وأنا سائر بأنحائها شريطا طويلا طويلا من الذكريات التي ربما صاحبها عبرة وتنهد وآهات , وحق لمثل الرويعي الذي عاش ثقافتين مختلفتين عن بعضهما كبير الأختلافات أن يسكب هكذا عبرات ويصدر منه هكذا نبرات , فقد أنقرض كل شيء عهدته في طفولتي من ثقافات وطرق حياة لأناس احببتهم وشكلوا جانبا مهما من وجداني , لقد ذهب كل شيء ولم يبق الا الجمادات , لقد أخترمهم هازم اللذات ومفرق الجماعات ومن بقي منهم على قيد الحياة أما توارى عن الأنظار وهاجر الى المدن والبلدات مؤثرا الأنزواء عن صخب وضجيج ماكنة الحياة العصرية بزاوية خافتتة من زوايا النسيان , او بقي في مسقط راسه كالطير الجريح الذي غادرت عنه الأسراب وبقي في مكانه ليواجه العزلة ووحشة الوحده ..
لقد ذهب بذهاب من ذهبوا تلك العادات والثقافات التي رضعناها في طفولتنا المبكرة وتنفسناها بعدد أنفاسنا حالما ابصرنا الضياء من حولنا , ثم عشنا لنرى غروب الصفاء واختفاء الألفة والوفاء ودفىء المودة العفوية بين للناس , وحل محل ذلك كثير من غرائب المستجدات وهجين العادات..
فأين عادات حسن الجوار وحفظ الذمارالتي كانت تبقى صلاتها حية متوهجة دهورا وتمتد اجيالا , اين الجار واين المجير فهل مخبر ؟, اين الندى وكرم الضيافة لمن عرفت ومن لم تعرف ؟, اين النخوة والشيمة والشهامة التي كانت مصدر اعتزاز وفخر يطريه الناس وتسري به الركبان؟, اين طلاقة المحيا التي كانت تبدأ برد السلام على من عرفت ومن لم تعرف ؟ ,, اين الحداء(الحدايا) والحداءون , واين الزهم والناظمون, واين العرضة والرادحون , واين واين الى ان لا يبقى للأين مكان ولا موضع ؟؟..
لقد ذهب كل شيىء , ذهبت المهارات المتراكمة والمتوارثه جيلا بعد جيل منذ آلاف السنوات وذهبت العادات والملبوسات والأثاث والكماليات والمأكولات , ذهبت كلها مع اهلها وذهبت من بعدهم المزروعات والبساتين التي كانت تملآ الأودية والجنبات , فلم تعد تقع العين الا على بطون اودية يعسكر ترابها في الهواء وجدران قد تداعت وكأنها تؤذن بالرحيل واللحاق بمن بناها وقرى مهجورة تحكي بخرابها وتهاوي اركان دورها قصصا للفناء ...
لقد ذهب كل شيء تقريبا وبقي شيئ واحد فقط نريد ان نتداركه قبل فوات الأوان وقبل ان يطويه النسيان , فما من بئر ولا ركيب ولا عثرية ولا بستان ولا سبل ولا جبل ولا ريع ولا اكمة ولا شعب كبر او صغر ولا بيت ولا طريق ولا معلم الا ويحمل أسما يميزه عن غيره , وما لم يبادر بعض عقلاء قومي بالعمل عاجلا على تدوين تلك الأسماء مادام هناك بقية باقية من الأحياء تتذكرها فأن مصيرها هو الأندثار والضياع ...
فهل من شهم متفرغ جزئيا للقيام بهذا العمل الذي سيكون صدقة جارية لو احتسب فاعله الأجر من الله والدعاء له من عباد الله ؟, هل من متبرع او مجموعة من المتبرعين للقيام بهذا الواجب نيابة عن بقية اخوانهم والأستعانة بخرائط قوقل لتثبيت جميع الأسماء عليها , هل من جواد ايها الأجواد يتولى ذلك بتمهل متوخيا الدقة في التدوين والتأكد من كل معلومة حتى لو اضطر لسؤال اكثر من مصدر, أما نحن البقية من اخوانه (اعضاء هذا المنتدى) فواجبنا اعانته على اداء هذه المهمه كل في حدود معرفته ومقدرته؟...
من لهذا الشرف الكبير الذي سيخلد اسم صاحبه بين ربعه بالرغم من يسره وسهولة الحصول على أي معلومة عنه ؟؟؟؟؟, من .......؟ ,وشكرا ...