الموضوع: "الفاقــة"
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-15-2012   رقم المشاركة : ( 14 )
مراسل ثقيف
كاتب مبدع

الصورة الرمزية مراسل ثقيف

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 4420
تـاريخ التسجيـل : 28-07-2009
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 950
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 271
قوة التـرشيــــح : مراسل ثقيف تميز فوق العادةمراسل ثقيف تميز فوق العادةمراسل ثقيف تميز فوق العادة


مراسل ثقيف غير متواجد حالياً

افتراضي رد: "الفاقــة"

أشرقت الشمس لترسل أشعتها الذهبية لتبعث الدفء في المكان، وغردت الطيور وعلى صوت الهدهد الذي تعود الفلاحون على سماعه كلما دخل الصيف فيرددون مع تغريده ( هدهد هدهد يا عم أحمد الصيف أقبل...) ففي ذلك اليوم بدأت الحراثة مع الصباح الباكر في حراثة الوادي بالمشط ولم يكن هناك داع لإستعمال الصيجان لأن الأرض ولله الحمد ماسكة ليونتها ولا زالت البغرة موجودة فالكل هناك كان كخلية نحل فمنهم من يشيل بقايا حطب وأشجار جرها السيل إلى داخل المزرعة وهذا يقوم مع سائق الحراثة في وضع المدمس على التربة فيدمس الأرض ويساويها وهذا يقوم برش السماد على التربة والوالد حفظه الله إتخذ من مكان عال يطل على المزرعة في إصدار توجيهاته بصوت جهوري، ولا يكاد يتوقفون عن النشاط حتى يستأنفونه من جديد ولكن هذه المرة نادى الوالد على سائق الحراثة بالتوقف والنزول لتناول قهوة الضحى والتي تكون عادة من قرص الفطيرة والشاهي وبعض من السمن أو الجبن فتناول الجميع قهوتهم وإستأنفوا العمل ورائحة التربة وبقايا السيل تنعش المكان وقام الوالد برش البذور قبل الدورة الأخيرة للحراثة وهذه العملية لا يحسنها إلا من له خبرة في هذا المجال، ولا زلت أتذكر عندما زرع الحبش والكوسة والطماطم والجزر والبامية إلى غير ذلك من الخضار وكانت جميع الأصناف متاحة للزراعة إذ لا خوف عليها من البرد كما هو في بعض شهور السنة لا سيما أن الوقت صيف وبدأ الوالد والإخوان تقسيم الركيب إلى أحواض وفلجان ليتم سقايتها بالماء والجدير بالذكر أن البئر ردت ووصلت المياه فيها مساو تماما لمسيل الوادي ولله الحمد ومن حسن الحظ أن بعض الأشجار من الفواكه كالتين والعنب والتفاح البجلي والخوخ لم تمت من الجفاف الذي أصاب البلاد ولله الحمد فبعد الأمطار الأخيرة والسيول فضّت بالخضار وأزهرت وبدت في تكوين براعمها وثمارها (فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزّت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج) ، رجعت الأسرة للمنزل عند الظهيرة لأداء الصلاة وتناول طعام الغداء وأخذ قسطا من الراحة حتى صلاة العصر عندها رجعوا للوادي بعد الصلاة وقاموا بتشغيل ماطور الماء والذي كان صوته يشق عنان السماء عندما وضعوا له قارورة فارغة تم تثبيتها على شكمان الماطور ليبتدي في بث صوته المميز لمسافات بعيده وقاموا بسقيا الأحواض التي تمت زراعتها في صباح ذلك اليوم، وهكذا كانت يوميات المزارعين مع موسم الفاقة التي إنتعشت معها الأرض وربت وإستبشرت بها النفوس وصفت،،
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس