عرض مشاركة واحدة
قديم 06-26-2009   رقم المشاركة : ( 10 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الملف الصحفي للتربية يوم الجمعة 3/7

الجزيرة :الجمعه 3 رجب 1430هـ - 26 يونيو 2009م - العدد 13420
داخل أسوار المدرسة
د. زيد محمد الرماني
ليس هناك ثروة في العالم أكبر من ثروة البشر.. فالثروة البشرية أكبر من أي ثروة أخرى. لذا، فإن للتربية دوراً أساسياً، ولكي تنجح التربية بالقيام بهذا الدور، علينا إعادة صياغة أهدافها بحيث تصبح المدرسة مكاناً للتعلم وليس للتلقين!!
ولكي تكون المدرسة مكاناً لبناء الشخصية الملائمة بدلا من أن تكون مؤسسة لتحضير الطلبة للامتحانات ولمنح الشهادات كبطاقة دخول للمجتمع. إن الإصلاح التربوي يبدأ في المدرسة وداخل غرف الصف على يد المعلم الواعي لاحتياجات تنمية مجتمعه والمؤمن بأن التعلم الملائم للتنمية هو الذي لا يمكن حصره بين جدران غرفة الصف، وداخل أسوار المدرسة. وإذا ما انحصر التعلم الملائم للتنمية بين جدران غرفة الصف وداخل أسوار المدرسة، فإن المدرسة وكذلك الجامعة لن تخرج إلا طيوراً من خشب لا تقدر على الطيران. إن ا لطالب الذي يتخرج من الجامعة اليوم طائر لا يقوى على الطيران على حد قول شاكر النابلسي في كتابه (الطائر الخشبي- شهادات في سقوط التربية والتعليم العربي المعاصر) لأنه لم يزود بالعلم الذي يمكنه من التحليق والإبداع والإنتاج في مجتمعه. لذا، فهو أشبه ما يكون بالطائر الخشبي العاجز عن الحركة، المسلوب الروح والإرادة!!
يقول فيكتور هوغو: افتحوا مدرسة تغلقوا سجناً. وفي استطاعتنا أن نثبت اليوم أن المدرسة نفسها هي سجن، وأن التعليم بكامله يبدو للكثيرين كورطة كبيرة تفقد الأولاد حماستهم واندفاعهم للتعلم. أفليس هذا اعترافاً بإخفاق الحضارة كلها؟!
وللحقيقة نقول إن المدرسة أو الجامعة أو المعهد لم يعد مظهراً اجتماعياً في الغرب أو في الشرق. كما أن الدرجات العلمية والمهنية لم تعد وساماً يعلقه المواطن على صدره في المناسبات الخاصة، كما هو الحال في العالم العربي خاصة، وفي العالم الثالث عامة. لقد بلغ الترف في التعليم في الوطن العربي أن أصبح المهندس والطبيب والباحث عاطلين عن العمل!! ولقد قيل إن أستاذاً في إحدى الجامعات ترك مهنة التدريس الجامعي، حيث لم يستطع العيش الكريم من دخلها، وسرح مع والده الذي يعمل معلماً في تركيب البلاط والقيشاني، حيث الدخل أوفر وأكثر، وحيث الطلب على هذه المهنة أكثر من الطلب على أساتذة الجامعة. ولقد ورد عن أفلاطون في جمهوريته قوله إن تكوين إنسان يتطلب خمسين عاماً. ومن هذه العبارة انطلقت مبادئ التربية الحديثة التي ارتكزت على ثلاثة أسس: البيت، والمدرسة، والبيئة الثالثة التي تعني الرياضة والشارع وحركات الشباب ونواديهم ومخيماتهم وفرقهم الكشفية. فهل استطاع البيت أن يقوم بواجبه التربوي نحو الفرد؟
وهل استطاعت المدرسة أن تقوم بواجبها التعليمي نحو الفرد؟!
وهل استطاعت البيئة الثالثة أن تكون حلقة الوصل الثالثة في حلقات تربية وتعليم الفرد؟!
إن أفلاطون عندما افترض مرور خمسين عاماً، لكي يتكون الإنسان، كان ينطلق من مبادئ التربية والتعليم التي وضعها في جمهوريته فلقد عرف أفلاطون التربية بأنها الفضيلة التي يكتسبها الولد، وهي تبدأ من الأسرة. إن الأسرة التي كانت تعيش في بيت كبير رحب، يجمع كافة أفراد الأسرة، من الجد والجدة والأب والأم والأولاد حيث كان يجمعهم مجلس واحد، وحديث واحد وسفرة واحدة وربما طبق واحد. هذا الجو الأسري الحميم، الذي كانت تسوده المودة ويسوده الحب ويسوده التواصل الإنساني الذي هو أساس من أسس الفضيلة هذا الجو لم يعد موجوداً!
فالبيت الكبير اختفى وأصبحت الأسرة تعيش في علب من الخرسانة المسلحة، وبدلا من البيت الكبير أصبحت هناك عدة بيوت، بيت للجد والجدة، وبيت للأب والأم، وبيت ثالث للأولاد. وهكذا تفرقت الأسرة وبتفرقها ضعفت الروابط والعلائق الأسرية الحميمة وأصبح الضبط في البيت غير ميسور، كالسابق. كل هذا انعكس على الأسرة والبيت وأدى في النهاية إلى فقدان البيت لوظيفته الأساسية وهي التربية ولم يعد البيت غير مكان للسكن، ومكان للاستهلاك الغذائي، وأصبحت الأسرة عبارة عن أصدقاء التقوا مصادفة، بدلالة أن كثيرين من الآباء لا يرى أولاده إلا نادراً ولا يعلم تفصيلياً ما يدور في بيته!
وفي المقابل، فلا زالت المدرسة على حد رأي الكاتب الفرنسي بلزاك تحاول أن تعلم وتلقن الفرد ما هو بداخل اللوزة دون أن تحاول كسر هذه اللوزة، لكي تُري الطالب اللبّ بعينه!!
ولا زالت المدرسة غائبة ومغتربة عما يسمى بمفهوم التربية الحديثة بالاهتمام الأعلى والاهتمام الأعلى كما يبسطه أوليفيه ربول هو أن نستدرج الولد لكي يهتم بالحساب أو بالقواعد، بالحماسة نفسها التي يوجهها شطر الطوابع والألعاب المتحركة. والمدرسة لا زالت تفتقر إلى أن تلعب دوراً تثقيفياً مهماً خارج أسوارها. فهي للآن لم تستطع أن تقضي أو تحل أية أزمة ثقافية، علماً بأن المدرسة نفسها هي السبب في عدة أزمات ثقافية ومنها أزمة القراءة والمطالعة، مثلاً. فالمدرسة مسؤولة بشكل مباشر عن تدني نسبة القراء في العالم العربي وزيادة عدد مشاهدي التلفزيون والقنوات الفضائية. إذن: متى يصبح الفرد في الوطن العربي سيّد تقدّمه الثقافي والمعرفي والتقني وفاعله؟!
سؤال كبير وخطير.. أليس كذلك؟!!!!
المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس