عرض مشاركة واحدة
قديم 11-23-2008   رقم المشاركة : ( 23 )
المستعين بالله ابوعبدالله
كاتب مبدع


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 197
تـاريخ التسجيـل : 24-11-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 820
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : المستعين بالله ابوعبدالله


المستعين بالله ابوعبدالله غير متواجد حالياً

افتراضي رد: من الذكريات ,/ح4/, الجزء الأول.

من الذكريات ,/ح4/, الجزء الثاني.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد والشكر لله , والصلاة والسلام على رسول الله , وآله وصحبه ومن والاه , ومن تبعهم بأحسان الى يوم نلقاه , وبعد :
علمتم من مداخلات سابقه من هو سيد الطير الذي غادر بيئتكم ودياركم منذ مايزيد على سبعة عقود ولم يعد أليها , وعلمتم بالصوت والصورة من المداخله رقم (19) (اليو تيوب) وغيرها مدى جسارة وقوة ملك ألأجواء , كما علمتم أن أسمه لدى البعض هو النسر الذهبي وأسمه عند العرب عموما العقاب , ومن تسمياته المحليه عقاب العجز (بضم العين وفتح الجيم).
هذا الكاسر الجسور أذا بسط جناحيه أثناء تحليقه في الفضاء قد تصل المسافة بين نهاية طرفيهما من الخارج قرابة المترين , مع مقدرة على التحليق بألأعالي على أرتفاعات شاهقة لا يمكن رؤيته فيها بالعين المجرده (كما تفعل النسور) , ومقدرة فائقة على ألأقلاع السريع مع مرونة ورشاقة أثناء الطيران بما في ذلك الأرتفاعات المنخفضة الى المستوى الذي يكاد يلامس فيه بساط ألأرض (وهذا ما لا يستطيعه النسر) .
هذا الطائر المهيب الذي لا يأكل الجيف , أذا نزل من عليائه بأعالي الفضاء وحلق في ألأجواء القريبة لاذت بالهرب منه جميع أصناف الطيور(بأستثناء النسور التي تفوقه حجما) , واختفى معها كل أنواع الصقور وكثير من صغار السباع .
أما ألأنسان سيد ألأرض فلم يكن يسر لرؤية الأعاقيب أو يرحب بمقدمها خوفا على صغار مواشيه من الضأن والماعز التي ينقض عليها العقاب ويختطفها من على ألأرض خصوصا الماعز التي يفضلها لنزوعها الى تسلق الجروف والمنحدرات الحادة , ولبروز قرنيها التي يسهل على العقاب أحكام مخلبيه عليهما لحملها بهما ثم الأقلاع والتحليق بها بعيدا الى أن يختفي ويتوارى عن ألأنظار .
بهذا السلوك الفطري توترت العلاقة بين ألأعاقيب وبين أنسان المنطقة , تلك العلاقة التي تعود عليها الطرفان وتكيفا على العيش في كنفها منذ آلاف السنين , ألا أنه منذ قرن تقريبا طرأ جديد على الساحة قلب المعادلة وأخل بالتوازن القديم عندما بدأ أنسان المنطقة في أمتلاك السلاح الناري الذي لم يكن في حوزته من ذي قبل خصوصا البنادق المتعددة الطلقات التي تطال أهدافها من مسافات بعيده بدقة وسرعة وسهولة أذا كان الهدف طائرا ضخما وجسورا كالعقاب الذي لم يكن جفولا ولم يتعود على الخوف ولا على ألأمعان في الأبتعاد لندرة أعدائه الطبيعيين.
هذا الوضع بما أستجد فيه من سلاح متطور أصبح في يد أنسان المنطقة الناقم على ألأعاقيب نقمته على الذئآب مكن الرعاة من الفتك بها وقتلها أثناء تحليقها في الأجواء أو عند هبوطها على الأرض , بل تمت ملاحقتها في أوكارها بأعالي القمم الصخرية التي لم يسبق لأحد أن طالها فيها أو تسلقها واقترب منها لشدة وعورتها وعلو ارتفاعها .
وبالرغم من تعميرها الذي يزيد في معدله على الثلاثين عاما ألا أنه قد زاد من سرعة أنقراضها قلة تفريخها , أذ لا تضع أنثى العقاب في الغالب سوى بيضة أو بيضتين في العام , وبعد التفريخ قد لا يعيش ألا فرخا واحدا بسبب مهاجمة الكبير منهما للصغير أن عضه جوع .
هذا عن الماضي , أما اليوم وقد خلت أجواؤكم من حليها وبهجتها وما كان يزينها من عالم الطير التي كان أسبقها أختفاء سيد ألأجواء العقاب المهيب والجارح الرهيب , فلم يعد بينكم من يأتيكم بشيء من ذكرى ذلك الطائر العجيب ألا قلة من أولئك الذين ناهزوا الثمانين , الجيل الذي لم يفقد ألأعاقيب وحدها بل فقد معها الكثير من الحياة البرية وفقد بيئته وثقافته التي غشيها الكثير من النسيان وأسدل عليها ستار من الصمت منذ عقود .
أما وقد حصل ما حصل فلم يعد بالأمكان سوى الذكريات , وشيء من التدوين لذكريات جيل الثمانين لكي لا تنساهم ألأجيال من بعدهم وتنسى معهم سيد الطير .
الى هذا الحد أتوقف بكم , على أن أستأنف الحديث معكم بالجزء الثالث عن طائر آخر كان يحلق في ألأعالي وانقرض من بيئتكم بعد سيد الطير, ولكن لسبب آخر غير سبب أنقراض ألأعاقيب , طائر كان الرعاة يتشاءمون من تحليقه قريبا من مفالي مواشيهم , ليس تخوفا منه كما يتخوفون من ألأعاقيب , وأنما لكون تحليقه أول وأصدق النذر على أن بعض الرعية قد أفترسته السباع في دائرة تحليقه.
تابعوا معي , وحاولوا التعرف على ذلك الطائر الذي أفل منذ ما يزيد على ثلاثة عقود ولم يطل علينا من وراء ألأفق مرة أخرى .
سبحانك اللهم وبحمدك , أشهد أن لا أله ألا أنت , أستغفرك اللهم وأتوب أليك ...
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس