عرض مشاركة واحدة
قديم 11-25-2008   رقم المشاركة : ( 29 )
المستعين بالله ابوعبدالله
كاتب مبدع


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 197
تـاريخ التسجيـل : 24-11-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 820
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : المستعين بالله ابوعبدالله


المستعين بالله ابوعبدالله غير متواجد حالياً

افتراضي رد: من الذكريات ج4 متجدد

من الذكريات ,/ح4/, الجزء الثالث.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد والشكر لله , والصلاة والسلام على رسول الله , وآله وصحبه ومن والاه , ومن تبعهم بأحسان الى يوم نلقاه , وبعد :
في الجزء الماضي (الثاني) طلبت منكم التعرف على طائر أعطيتكم بعض المؤشرات التي تدل عليه , وذكرت لكم فيما قلت , أنه أفل عنكم منذ ما يزيد على ثلاثة عقود ولم يطل عليكم من وراء ألأفق مرة أخرى .
طائركم ذاك الذي سألتكم عنه , عندما يبحث عن غذائه يحلق في ألأعالي, ويعيش على هيئة مجموعات مع بقية صنفه ,, طائر أذا طار وارتفع حلق على مستويات شاهقة جدا لا تراه فيها العيون المجردة أثناء مسحه بنظر حاد وبصر ثاقب لمساحات شاسعة من البراري الممتدة من تحته , وعندما يبصر مائدة يهوي حالا الى المستويات الدنيا في تحليق دائري تضيق دائرته كلما أقترب من الوليمة الى أن يلامس ألأرض على بعد أمتار منها.
هذا التحليق المخروطي الذي تضيق دائرته كلما دنا نزولا في أتجاهه الى ألأرض , يمكنه من مسح المناطق المجاورة لهدفه مرات متكرره ويساعده في الهبوط المتدرج المريح , ويعطي أشارة واضحة لبقية بني جنسه المنتشرين في الفضاء من حوله عن وجود وجبة سانحة في مركز دائرة تحليقه .
أنه طائر النسر العملاق مقارنة بالطيور الذي يصل بعد طرفي جناحيه عن بعضهما الى قرابة المترين ونصف المتر , الطائر الذي يهبط لوليمته بشكل لولبي مخروطي , فتكرر من بعده بقية النسور من حوله ذات الهبوط لتبعث بنفس ألأشارة لغيرها من أفراد مجموعتها أثناء هبوطها من أعالي الأجواء , فتتكرر بذلك ألأشارة للبقية المحلقة على أبعاد متفاوته بمدى الرؤية المتبادلة فيما بينها .
عملية المسح تلك , تقوم بها النسور أثناء النهار ووضوح الرؤية من علو شاهق بأسلوب عمل الفريق الواحد , حيث يغطي كل نسر مساحة من ألأرض من تحته , ويغطي نسر آخر المساحة المجاورة لها , وهكذا , بحيث يغطي الفريق مناطق شاسعة جدا دون وجود ثغرات ميتة بينها , ويمسح كل نسر ما تحته من أراضي , وفي الوقت ذاته يتبادل الرؤية مع بقية النسور المحلقة الى جواره في أعالي الفضاء والتي تغطي مساحات مماثلة ومجاورة له في كل الأتجاهات .
وبذلك يتحقق بشكل عفوي وفطري مبدأ الدقة والتعاون وتوزيع المسئوليات في عملية المسح , ويتحقق في هيئة الهبوط المخروطي بعث والتقاط ألأشارة المتكرره بوجود فرصة سانحة لوجبة ما في أحدى مناطق المسح لكي تنضم بقية النسور البعيدة الى التي تليها من مجموعتها الى أن تتجمع في مكان الوليمة خلال وقت وجيز .
وبما أن النسر طائر لا يصيد لنفسه , فأن وجبته هي كل حيوان نافق أو مقتول أو محتضر (ينازع) , ويستوي في ذلك كون الحيوان جيفة منتنة أو حديث النفوق , وأعني بالجيفة , هو الحيوان الذي مضى على موته وقت حتى تعفن وتورمت أنسجته وأنتنت رائحته , وهذا لا يحدث ألا أذا بقي الحيوان الميت مطمور بالطين والأتربة لأيام كما تحدثه السيول , أو كان الحيوان الميت ضخما لا تستطيع الجوارح ألتهامه حال موته .
بعبارة أخرى , لا وقت للتعفن بسبب كثرة وسرعة قدوم المقتاتين الذين هيأهم الله لنظافة ألأرض وفي مقدمتهم النسور ألا في حالات الوفرة كأن تكثر الحيوانات النافقه بسبب وباء أو غيره , وذلك لأن الحيوان حالما يموت تتجمع عليه النسور وبقية الطيور والحيوانات ألآكلة للجيف (القمامه) لتنظف المكان والتهام كل ما يمكن التهامه الى أن تبقى العظام هيكلا نظيفا وخاليا من كل العوالق .
ولتتصوروا سرعة أكتشاف النسور لوليمتها , فأن السباع (ذئب أو فهد أو نمر أو غيره) حالما تجهزعلى فرائسها تبادر قبل ألأكل منها بسحبها ما أمكن وأخفائها عن النسور تحت أقرب شجرة أو صخره مع المسارعة في التهام ما يمكن ألتهامه قبل أن تهبط الى جوارها النسور , لأنه بمجرد الأكتشاف وانخراط أول نسر من الفضاء وتحليقه مباشرة فوق الشليمه (الحيوان المفترس) فتلك أول أشارة تلتقطها كل السباع وبعض الطيور الجارحة (كالحدأة والنسر والغراب ) للقدوم حالا للمكان والأستيلاء على الفريسه , مع أن غلبة الأستيلاء في النهاية تكون للنسور التي تتكاثر فوق الفريسة وتجلي عنها الجميع بما فيها الحيوان المفترس .
ولكن مالذي حدث لينقرض النسر من بيئتنا ويتوارى عن أنظارنا بعد أن كان يتوج سماءنا وينظف ألأرض من حولنا ؟, مالذي أدى الى أنقراضه وهو الطائر القوي التحمل الذي يأكل الجيف دون أن تؤذيه ؟ .
لقد تظافرت عوامل شتى أدت الى أنقراضه , ولكن العامل الرئيس منها هو ظهور أنواع من السموم لم تعرفها البشرية في تاريخها المديد ألا منذ عقود معدوده , أنها اللعنة التي يشتريها الرعاة ويخلطونها بلحوم الفرائس والحيوانات النافقة ليستأصلوا بها الذئاب , ولكنها عندما تفتك بالذئآب تقتل معها كل طير أو حيوان يأكل من لحمها .
أنه ألأفساد في ألأرض بعد أصلاحها , وأنعدام الوعي وغياب الوازع والرقيب , فها أنتم اليوم تشاهدون جثث الحيوانات النافقة ملقات في بعض المناطق الخالية لتبقى لأسابع منتنة تؤذي بروائحها كل من حولها ودون أن يحوم أو يهبط عليها نسر أو غيره بعد أن نفق الجميع .
سلام على الدنيا سلام على الورى @@@@ أذا ارتفع العصفور وانخفض النسر .
الى هذا الحد أتوقف بكم , على أن أستأنف الحديث معكم في الجزء القادم أن شاء الله عن طائر جارح لم نعد نراه اليوم , طائر كان في زمن أسلافكم يهاجم صبيانهم أذا رأى في أيديهم اللحم , لذلك كانوا لا يسمحون لصغارهم بالخروج من منازلهم وفي أيديهم اللحوم , لأن سماءهم يومئذ تعج بالطير ومنها طائر ينقض حالما يرى عظما أو لحمة بيد أحد الصبية ويختطفها مخلفا في الغالب جروحا وقطوعا في كفوفهم وسواعدهم نتيجة أنتشالها بمخالبه .
فهل تعرفون ذلك الطير ؟, وهل حز في وجدانكم فراقه واختفاؤه من دياركم ؟...
ثم تصوروا معي بيئة الطير تلك وموقع اللحم منها, وفي ظلال تلك المعاني تذكروا الوالي العادل الذي كان يبدأ بأهله في نهيهم عن كل حرام وحثهم على كل حلال قائلا : يا آل ..... , أني نهيت الناس عن كذا وكذا , وأن الناس ينظرون اليكم كما ينظر الطير الى اللحم , فأن وقعتم وقعوا , وأن هبتم هابوا , وأني والله لا أوتى بواحد منكم وقع فيما نهيت الناس عنه ألا ضاعفت عليه العقوبة لمكانه مني .
فهل تعرفون ذلك الوالي العظيم القدوة لكل الولاة , الذي تشرب الدين الحق وبدأ بتطبيق عدل الأسلام على نفسه ومن يعول أولا ؟.
سبحانك اللهم وبحمدك , أشهد أن لا أله ألا أنت , أستغفرك اللهم وأتوب أليك ...
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس