عرض مشاركة واحدة
قديم 12-28-2012   رقم المشاركة : ( 5 )
رحلة الذاكرين
عضو


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1531
تـاريخ التسجيـل : 18-08-2007
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 14
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : رحلة الذاكرين يستحق التميز


رحلة الذاكرين غير متواجد حالياً

افتراضي رد : أقوى موضوع في أدلة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ... رائع جداً !!


الدليل الثاني والعشرون :


من أدلة نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ذلك الحوار العجيب الذي كان بين هرقل عظيم الروم وبين سيد مكة ابي سفيان رضي الله عنه - وكان حينها قائد المشركين - وهذا الحوار حصل قبل فتح مكة بسنة تقريبا ….. وهرقل بالإضافة إلى كونه حاكما للدولة الرومانية في الشام فإنه كان أيضا عالما بدين النصارى وبالنبؤات التي تُبشر بخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم …… وهذه القصة العظيمة التي حدثت بين هرقل وأبي سفيان رواها البخاري ومسلم وأبو داود والإمام أحمد ووردت في عدد من كتب السنة، وفيما يلي نص هذه القصة كما جاءت في صحيح البخاري، وما بين القوسين فهي زيادات من الروايات الأخرى :

روى البخاري عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما (أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إِلَى الإِسْلامِ وَبَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَيْهِ مَعَ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى لِيَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ.

وَكَانَ قَيْصَرُ لَمَّا كَشَفَ اللَّهُ عَنْهُ جُنُودَ فَارِسَ مَشَى مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ شُكْرًا لِمَا أَبْلاهُ اللَّهُ فَلَمَّا جَاءَ قَيْصَرَ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ حِينَ قَرَأَهُ الْتَمِسُوا لِي هَا هُنَا أَحَدًا مِنْ قَوْمِهِ لأَسْأَلَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ أَنَّهُ كَانَ بِالشَّأْمِ فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدِمُوا تِجَارًا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ.

قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَوَجَدَنَا رَسُولُ قَيْصَرَ بِبَعْضِ الشَّأْمِ فَانْطُلِقَ بِي وَبِأَصْحَابِي حَتَّى قَدِمْنَا إِيلِيَاءَ فَأُدْخِلْنَا عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فِي مَجْلِسِ مُلْكِهِ وَعَلَيْهِ التَّاجُ وَإِذَا حَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ)، وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ.

فَقَالَ (هرقل): أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟.

(قَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَقُلْتُ: أَنَا أَقْرَبُهُمْ إِلَيْهِ نَسَبًا.
قَالَ: مَا قَرَابَةُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ فَقُلْتُ هُوَ ابْنُ عَمِّي؛ وَلَيْسَ فِي الرَّكْبِ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ غَيْرِي).

فَقَالَ (هرقل): أَدْنُوهُ مِنِّي وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ، (قالَ أَبُو سُفْيَانَ وَاللَّهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ يَوْمَئِذٍ مِنْ أَنْ يَأْثُرَ أَصْحَابِي عَنِّي الْكَذِبَ لَكَذَبْتُهُ حِينَ سَأَلَنِي عَنْهُ وَلَكِنِّي اسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَأْثُرُوا الْكَذِبَ عَنِّي فَصَدَقْتُهُ).

قَالَ كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟، قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ.

قَالَ فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ؟، قُلْتُ لا.

قَالَ فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟، قُلْتُ لا.

قَالَ فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟، فَقُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ.

قَالَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟، قُلْتُ بَلْ يَزِيدُونَ.

قَالَ فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟، قُلْتُ لا.

قَالَ فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟، قُلْتُ لا.

قَالَ فَهَلْ يَغْدِرُ؟، قُلْتُ لَا وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا، قَالَ وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ.

قَالَ فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟، قُلْتُ نَعَمْ، قَالَ فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟، قُلْتُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ.

قَالَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟، قُلْتُ يَقُولُ اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ.

فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ قُلْ لَهُ سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا.

وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ فَذَكَرْتَ أَنْ لا فَقُلْتُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ لَقُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ.

وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ فَذَكَرْتَ أَنْ لا قُلْتُ فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ.

وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ فَذَكَرْتَ أَنْ لا فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ – ليترك – الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ.

وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمْ اتَّبَعُوهُ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ.

وَسَأَلْتُكَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ وَكَذَلِكَ أَمْرُ الإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ.

وَسَأَلْتُكَ أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ فَذَكَرْتَ أَنْ لا وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ.

وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَذَكَرْتَ أَنْ لا وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لا تَغْدِرُ.

(وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ وَقَاتَلَكُمْ فَزَعَمْتَ أَنْ قَدْ فَعَلَ وَأَنَّ حَرْبَكُمْ وَحَرْبَهُ تَكُونُ دُوَلا وَيُدَالُ عَلَيْكُمْ الْمَرَّةَ وَتُدَالُونَ عَلَيْهِ الأُخْرَى وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى وَتَكُونُ لَهَا الْعَاقِبَةُ).

وَسَأَلْتُكَ بِمَا يَأْمُرُكُمْ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ، فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ.

ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ سَلامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ وَ{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }.


قَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ وَارْتَفَعَتْ الْأَصْوَاتُ وَأُخْرِجْنَا، (قَالَ أَبُو سُفْيَانَ وَاللَّهِ مَا زِلْتُ ذَلِيلا مُسْتَيْقِنًا بِأَنَّ أَمْرَهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ قَلْبِي الإِسْلامَ وَأَنَا كَارِهٌ).

فكما نرى فإن في هذا الحوار من الأدلة العقلية الواضحة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ما لا تخفى على أحد وقد كان سببا في إسلام كبير قريش أبوسفيان بن حرب رضي الله عنه ….

وهرقل كان يُريد بأسئلته تلك أن يعرف هل نبينا صلى الله عليه وسلم هو نبيٌ صادق أم مدعي للنبوة …. وقد اتضح له بجلاء من أجوبة ابي سفيان – الذي كان مشركاً حينها – أنه نبي صادق وأنه دعوته ستنتشر في الأرض وأن مُلك أمته سيبلغ قصره الذي هو فيه وقد حدث ذلك في عهد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه عندما فتح المسلمون بلاد الشام ….

فإلى هؤلاء المُشككين في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم هل الصفات التي سمعها هرقل هي صفات صادق أمين أم مُدعِ للنبوة كما تزعمون ؟

الدليل الثالث والعشرون :


كيف علِم النبي صلى الله عليه وسلم بأن أصحابه رضي الله تعالى عنهم سيُستخلفون في الأرض من بعده وسيتمكن الإسلام في الأرض ؟

{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور55

قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية :

” هذا وعد من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم . بأنه سيجعل أمته خلفاء الأرض ، أي : أئمة الناس والولاة عليهم ، وبهم تصلح البلاد ، وتخضع لهم العباد ، وليبدلن بعد خوفهم من الناس أمنا وحكما فيهم ، وقد فعل تبارك وتعالى ذلك . وله الحمد والمنة ، فإنه لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فتح الله عليه مكة وخيبر ، وسائر جزيرة العرب وأرض اليمن بكمالها . وأخذ الجزية من مجوس هجر ، ومن بعض أطراف الشام ، وهاداه هرقل ملك الروم وصاحب مصر والإسكندرية – وهو المقوقس – وملوك عمان والنجاشي ملك الحبشة ، الذي تملك بعد أصحمة ، رحمه الله وأكرمه .

ثم لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم واختار الله له ما عنده من الكرامة ، قام بالأمر بعده خليفته أبو بكر الصديق فبعث الجيوش الإسلامية إلى بلاد فارس بصُحبة خالد بن الوليد ، رضي الله عنه ، ففتحوا طرفا منها ، وقتلوا خلقا من أهلها . وجيشا آخر بصُحبة أبي عبيدة ، رضي الله عنه ، ومن معه من الأمراء إلى أرض الشام ، وثالثا بصُحبة عمرو بن العاص ، رضي الله عنه ، إلى بلاد مصر ، ففتح الله للجيش الشامي في أيامه بصرى ودمشق ومخاليفهما من بلاد حوران وما والاها ، وتوفاه الله عز وجل ، واختار له ما عنده من الكرامة .

ومنُّ على الإسلام وأهله بأن ألهم الصديق أن استخلف عمر الفاروق رضي الله تعالى عنه ، فقام في الأمر بعده قياما تاما ، لم يدر الفلك بعد الأنبياء [ عليهم السلام ] على مثله ، في قوة سيرته وكمال عدله . وتم في أيامه فتح البلاد الشامية بكمالها ، وديار مصر إلى آخرها ، وأكثر إقليم فارس وكسر َ كسرى وأهانه غاية الهوان ، وتقهقر إلى أقصى مملكته ، وقُصِرَ قيصر ، وانتُزِعت يده عن بلاد الشام فانحاز إلى قسطنطينة ، وأُنفقت أموالهما -كسرى و قيصر – في سبيل الله ، كما أخبر بذلك ووعد به رسول الله ، عليه من ربه أتم سلام وأزكى صلاة .

ثم لما كانت خلافة عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه ، امتدت المماليك الإسلامية إلى أقصى مشارق الأرض ومغاربها ، ففتحت بلاد المغرب إلى أقصى ما هنالك : الأندلس ، وقبرص ، وبلاد القيروان ، وبلاد سبتة مما يلي البحر المحيط ، ومن ناحية المشرق إلى أقصى بلاد الصين ، وقُتل كسرى ، وباد ملكه بالكلية . وفتحت مدائن العراق ، وخراسان ، والأهواز ، وقتل المسلمون من الترك – التتار والمغول – مقتلة عظيمة جدا ، وخذل الله ملكهم الأعظم خاقان ، وجبي الخراج من المشارق والمغارب إلى حضرة أمير المؤمنين عثمان بن عفان ، رضي الله عنه . وذلك ببركة تلاوته ودراسته وجمعه الأمة على حفظ القرآن; ولهذا ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” إن الله زوى لي الأرض ، فرأيت مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها ” فها نحن نتقلب فيما وعدنا الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله ، فنسأل الله الإيمان به ، وبرسوله ، والقيام بشكره على الوجه الذي يرضيه عنا . “

الدليل الرابع والعشرون :


الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى له حوار قصير لكنه عظيم الفائدة مع أحد كبار علماء اليهود حول نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ………. يقول ابن القيم رحمه الله :

وقد جرت لي مناظرة بمصر مع أكبر من يُشير إليه اليهود بالعلم والرئاسة، فقلت له في أثناء الكلام: أنتم بتكذيبكم محمدًا صلى الله عليه وسلم قد شتمتم الله أعظم شتيمة، فعجِب من ذلك وقال: مثلك يقول هذا الكلام؟

فقلت له: اسمع الآن تقريره – الشرح – , إذا قلتم : إن محمدًا ملك ظالم، وليس برسول من عند الله، وقد أقام ثلاثا وعشرين سنة يدُّعي أنه رسول الله أرسله إلى الخلق كافة، ويقول أمرني الله بكذا ونهاني عن كذا، وأُوحي إليُّ كذا؛ ولم يكن من ذلك شيء، وهو يدأب – مستمر – في تغيير دين الأنبياء، ومعاداة أممهم، ونسخ – تغيير – شرائعهم , فلا يخلو إما أن تقولوا: إن الله سبحانه كان يطُّلع على ذلك ويشاهده ويعلمه، أو تقولوا: إنه خفي عنه ولم يعلم به.


فإن قلتم: لم يعلم الله به فقد نسبتموه إذن إلى أقبح الجهل، وكان من عَلَم ذلك أعلم من الله !.

وإن قلتم: بل كان ذلك كله بعلم الله ومشاهدته واطلاعه عليه، فلا يخلو الأمر من أن يكون الله إمُّا قادرا على تغييره والأخذ على يديه ومنعه من ذلك أو لا ..

فإن لم يكن الله قادرا فقد نسبتموه إلى أقبح العجز المنافي للربوبية ..

وإن كان الله قادرا وهو مع ذلك يُعزه وينصره، ويؤيده ويُعليه ويُعلى كلمته، ويجيب دعاءه، ويمكنه من أعدائه، ويُظهِر على يديه من أنواع المعجزات والكرامات ما يزيد على الألف، ولا يقصده أحد بسوء إلا أظفره به ، ولا يدعوه بدعوة إلا استجابها له، فهذا من أعظم الظلم والسفه الذي لا يليق نسبته إلى آحاد العقلاء، فضلا عن رب الأرض والسماء، فكيف وهو يشهد له بإقراره على دعوته وبتأييده وبكلامه ؟


فلما سمع ذلك قال معاذ الله أن يفعل الله هذا بكاذب مفتر بل هو نبي صادق من اتبعه أفلح وسعد.

قلت : فما لك لا تدخل في دينه ؟

قال : إنما بُعث إلى الأميين الذين لا كتاب لهم، وأما نحن فعندنا كتاب نتبعه.

قلت له : غُلبت كل الغلب، فإنه قد علم الخاص والعام أنه أخبر أنه رسول الله إلى جميع الخلق، وإن من لم يتبعه فهو كافر من أهل الجحيم، وقاتل اليهود والنصارى وهم أهل كتاب، وإذا صحت رسالته وجب تصديقه في كل ما أخبر به، فأمسك ولم يحر جواباً”.

إن هذه المناظرة التي أجراها الإمام ابن القيم لهي دليل واضح على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الله عزوجل لم يكن لينصر محمد صلى الله عليه وسلم ويؤيده هذا التأييد لو لم يكن نبيا من عنده سبحانه وتعالى …

الخاتمة :

ما جمعناه هنا من أدلة نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو شيء بسيط جدا مما هو موجود في كتب دلائل النبوة أو أدلة النبوة أو أعلام النبوة …. فعلماء المسلمين السابقين واللاحقين ألُّفوا مئات الكتب في أدلة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم حتى قيل أنهم جمعوا أكثر من ألف دليل …. فمن أراد أن يقرأ المزيد فما عليه سوى أن يقرأ كتب دلائل النبوة وهي كثيرة جدا وموجودة على الانترنت ….


اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، في العَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ


اللهم احشرنا مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم آمين

اللهم ارزقنا منازل الشهداء والفردوس الاعلى من الجنة آمين
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس