عرض مشاركة واحدة
قديم 06-04-2010   رقم المشاركة : ( 29 )
الحاج سلام
كاتب مبدع


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 568
تـاريخ التسجيـل : 27-07-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 2,301
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 70
قوة التـرشيــــح : الحاج سلام تميز فوق العادة


الحاج سلام غير متواجد حالياً

افتراضي رد: Re: العوض على الله .

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المقداد مشاهدة المشاركة
إمتداداً للمشاركة التي وعدت بأن أعود إليها بثراء ..



وإستدراكاً لبعض صفات هذا البائع المتنقل والحاذق من وجهة نظري (فرّقنا) وبلغة مقدادنا الأعظم (فقّرنا)..
أجدني أمتلك بعض الذكريات والتصورات عن "باعوض" الذي إستطاع جني ما كان يمتلكه عجائزنا وكبار السن في بيضهم وسمنهم وعسلهم مقابل قطعة قماش من (ستن أو حلبي أو مسفع وخرّاط وكرته مزركشة بالترتر). ولعله هو بعينه من يقصده الحاج سلام .
وكأني الأن أتصور بعض الألفاظ التي كانت دارجة على لسانه من قبيل [ستن, ستن, تترون, ترفيله, خرّاط, مسافع] عندما كان يشنف آذاننا بها ضحى اليوم الذي يحل فيه علينا, ويهرع الأطفال وأنا من بينهم صوب بيوتنا يتنادون وهم راكضين معلنين قدوم الـ "باعوض" وحماره فينبري العجائز نحو دجاجهن لعله جاد لهم ببعض من بيض وصررهن ومدخراتهن ليضعونها مطمئنين أمام رأس حماره مقابل وصلة من قماش ستن أو تترون أو ترفيله أو خراط لونه أحمر أو حلبي مقلم.
كما أنني أجدني أستحضر حماره ناصع البياض وهيئته كأنها الفرس واسع العينيين عريض الجبهة وظهر ممتد الى ما لا نهاية, كيف لا يكون كذلك وهو ينوء بحمل ثقيل و(تنكتين) محكمة الإقفال وسايس بالغ الحنكة والدهاء, إذ إستطاع أن يُخرج ما إدخرنهن جدّاتنا.
وأتذكر أيضاً أنه كان صعب المراس بهندام مرتب نوعاً ما وجزمه (أكرمكم الله) سوداء اللون أكل عليها الدهر وشرب وستره (كوت) بلونها الأخضر القاني وأذكر أيضاً أنه كان قليل الجسم لا يحيد عن كلمته في سعر سلعة ما قيد أنمله
على وجه العموم هذا بعض مما تختزله الذاكره عن هذا الشخص الذي كان يختفي فترة طويلة ثم يهل علينا الى أن غاب غيبةً لا رجعة فيها حتى كتابة هذا المقال ووضع لنفسه مكانه من خلال النشاط التجاري الذي كان يزاوله في وقت يصعب فيه الذهاب الى (سويقه) للتبضع, وللتاريخ أن ما كان يقوم به من جلب بضائع ومستلزمات ضرورية تلبي إحتياجاتنا رغم الظروف آنذاك يعد من حسنات ذلك الرجل.
ختاماً:

أتمنى أن أكون قد وُفقت في وضع القارئ الكريم أمام شخصية كانت لها شأن ودور في حياتنا قبل 50 سنه من خلال بيعه وشرائه والشكر موصول للشيخ الحاج سلام الذي ذكّرنا ونقلنا الى حقبة من الزمن لم نكن لنتذكرها لولا أن تفضل علينا الحاج بذلك.
تسلم اناملك من الاوخاز يامقداد :
وصف جميل هذا الذي نثرته من الذاكرة التي تبدو نشطة ماشاء الله .

وفرقنا هذا الذي تتذكره والذي اسميته باعوض يبدو انه كما ذكرت كان يتجول قبل خمسين عاما وقد شوقتني الى رؤية حماره ذي العينين الواسعتين والخدود الاسيلة وكأنه من سلالة الاتان التي تغزل بها حمار بشار في القصة التي مختصرها .
قال محمد بن الحجاج راوية بشار بن برد : مات لبشار حمار , فقال : رأيت حماري البارحة في النوم فقلت له : ويلك كيف متَّ ؟
قال الحمار: إنك ركبتني يوم كذا فمررنا على باب الأصفهاني , فرأيت أتانا( ألاتان = أنثى الحمار ) عند بابه فعشقتها , فمتُّ , وأنشد الحمار يقول:ـ
سيدي خذ لي أمانا ... من أتان الأصبهانــي
إن بالباب أتانـا ... فَضَلَـت كــلّ أتـــانِ
تيمتنــي يوم رحنا... بثنـايـاها الحسـانِ
وبحســـــنٍ ودلالٍ ... سَـلَّ جسمي وبرانـــي
ولهــا خـدٌّ أسيـل ... مثـل خـد الشنفراني
فبِها مـتُّ ولوعشـتُ ... إذاً طــال هوانـــي

فقال رجل : ياأبا معاذ , ما الشنفراني ؟ قال : هو شيء يتحدث به الحمير , فإذا لقيت حماراً فاسأله .

ولكن فرقنا هذا الذي وصفته يبدو لي بانه غير فرقنا ( العوض على الله )بطل قصتي لان الاخير ذهب ولم يعد منذ اثنين وخمسين عاما عاما مع تحفظي على تشابه الجزم التي اكل عليها الدهر وشرب والكوت الاخضر او الاغبر الذي كان سمة لكل فرقنا .
عموما العوض على الله في ما فقدته الجدات من مدخرات ، وشكرا لك مرة اخرى على هذا العرض المشوق الذي اعاد لنا ذكريات الماضي في ادق تفاصيلها خاصة الوقوف امام رأس الحمار الاليف وتفحص كامل دقائق صفاته .
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس