عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 05-27-2008
الصورة الرمزية مناهل
 
مناهل
ذهبي مشارك

  مناهل غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2376
تـاريخ التسجيـل : 22-03-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 1,623
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 290
قوة التـرشيــــح : مناهل تميز فوق العادةمناهل تميز فوق العادةمناهل تميز فوق العادة
افتراضي المذاهب الأدبية الغربية ( رؤية إسلامية )

المذاهب الأدبية الغربية ( رؤية إسلامية ) المذاهب الأدبية الغربية ( رؤية إسلامية ) المذاهب الأدبية الغربية ( رؤية إسلامية ) المذاهب الأدبية الغربية ( رؤية إسلامية ) المذاهب الأدبية الغربية ( رؤية إسلامية )

المذاهب الأدبية الغربية ( رؤية إسلامية )
عبد الملك الزميع



تطالعنا في الكتابات النقدية الحديثة كثير من التسميات والمصطلحات الغربية في جميع فنون المعرفة الإنسانية ، تنهمر علينا كالمطر ، بلا تصريف ولا ( فلترة ) ، من ذلك تسميات لمدارس أدبية ظهرت في أوروبا في فترة معينة ، ثم انهارت أو تزيا قسم منها بأزياء أخرى ، منها تسميات لتيارات أو نزعات اجتاحت الفكر الأوروبي ، وبعد أن لاكها هذا الفكر تم تصديرها إلى الأدب العربي . ومن ذلك ما يسمى بـ(المذاهب الأدبية ) والتي منها :
( الكلاسيكية ، الرومانسية ، الواقعية ، البرناسية ، الرمزية ، السريالية ، الوجودية... ) إلى آخر ما ستجد من هذه المذاهب ، ولعل آخرها ( ما بعد البنيوية والألسنية ) وهذه المذاهب قد تسللت إلى نسيج أدبنا المعاصر ، وقاموس نقادنا ، وقد جذب اهتمام الدارسين ما ظهر في أدبنا العربي الحديث من أصداء لتلك المذاهب أو المدارس الأوروبية . فبعض نقادنا مازال يتكئ عليها ، وآخرون يرون أن الزمن قد تجاوزها، فأخذوا ينتظرون الجديد منهم .
وكان للأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية دور مهم في تكوين هذه المذاهب وتطورها وتعددها .
ويمكن أن يُقسم تطور هذه المذاهب إلى ثلاث مراحل رئيسة :
الأولى : منذ القرن الخامس عشر حتى منتصف القرن الثامن عشر ، وهي فترة المذهب الكلاسيكي .
الثانية : أواخر القرن الثامن عشر حتى منتصف القرن التاسع عشر ، وهي فترة المذهب الرومانسي .
الثالثة : من منتصف القرن التاسع عشر حتى الوقت الحاضر ، وهي فترةٌ تلاحقت فيها مجموعة من المذاهب الأدبية بدءًا بالواقعية وانتهاء الآن ( ما بعد البنيوية ) حسب علمي .
ونحن نريد أن نستعرض هذه المذاهب أو أغلبها استعراضاً مختصراً يركز على المذهب وأصوله العامة التي تلتقي عليها معظم أتباعه ، مع إيجاز للقضايا الفنية لكل مذهب ، ثم الرؤية الإسلامية لهذه المذاهب ...
وكل هذه المذاهب هي صناعة غير إسلامية , وجذورها غربية صرفة – كما ذكرت سلفاً - لذا قد يقول قائل فلم القراءة الإسلامية لها إذن ؟
أولاً : أننا لا نستطيع أن نغلق نوافذنا في وجه آداب الأمم الأخرى وليس من الحكمة أن نفعل ذلك حتى ولو استطعنا ، إذا لابد من نظرة هادئة فيما يفيد إلينا ، نظرة تحكمنا فيها عقيدة راسخة من جهة ، ورغبة أكيدة في الاستفادة من التجارب الإنسانية الفنية من جهة أخرى .
ثانياً : أن هذه المذاهب تمد الأديب المسلم بكثير من التجارب الفنية والشكلية وهو بحاجة ماسة إليها ليصل أدبه إلى مستوى من الإبداع . والحكمة ضالة المؤمن . ( انظر : مذاهب الأدب الغربي ، رؤية إسلامية . د. عبد الباسط بدر ) .
وقبل ذلك لابد أن يتكامل للأديب البصيرة المترعة بالمفهوم الصافي للعقيدة الإسلامية ، وتجارب الإسلام الواسعة .
وقليل من النقاد من اعتنى بهذه المذاهب الغربية من خلال النظرة الإسلامية . وأجمل دراسة لهذه المذاهب دراسة الأستاذ الدكتور عبدالباسط بدر ، الأستاذ المساعد بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة سابقاً ، فقد ناولها في كتاب مستقل تحت عنوان : "مذاهب الأدب الغربي . رؤية إسلامية"

.وجاء هذا العرض مستفادا من هذا الكتاب الرائع الفريد في بابه ...
( 1 ) المذهب الكلاسيكي .
يعد الدارسون القرن السادس عشر الميلادي تاريخاً لظهور المبادئ الكلاسيكية في الأدب ونقده ، والقرنين السابع عشر والثامن عشر تاريخاً لازدهارها ، والقرن التاسع عشر تاريخاً لانسحابها أمام هجوم الرومانسية الساحق .
وقد نشأت في إيطاليا واكتملت التجربة في فرنسا ، وانتقلت منها إلى إنكلترا وألمانيا .

أهم الأسس التي يقوم عليها هذا المذهب :
أولاً : يمجد الكلاسيكي الأدبين اليوناني والروماني ، ويعدونهما نماذج عليا للأدب الرفيع ، ولا سيما القواعد التي قررها ( أرسطو ) في كتابيه الشهيرين " فن الشعر " و" فن الخطابة " مع مراعاة ما يقتضيه العصر من فروق واختلافات .
ثانياً : الدعوة إلى النزعة العقلية المتشددة ، فالعقل عندهم أساس فلسفة الجمال ، ويطبقون هذه النزعة على العمل الأدبي في ابتكاره وصياغته ونقده . ونتيجة لذلك يطالبون الأدباء بما يلي :
أ – التقيد بالقواعد والأنظمة التي يقررها النقاد .
ب- ضبط الخيال الأدبي وتقييده في حدود تتوافق مع العقل .
جـ- احترام القوانين والأعراف والتقاليد الاجتماعية السائدة وعدم التعرض لها، أياً كانت مبادئها وآثارها على الناس .
د – ربط الأدب بالمبدأ الخلقي وتوظيفه في الغايات التعليمية ، فعلى الأدب أن ينصر الخير على الشر دائماً ، وأن يعلم الناس شيئا يفيدهم . فهو مذهب عقلي ، وهذا لا يعني أنه تنقصه العاطفة ، لكنهم أخضعوها للعقل ، داعين إلى كبح جماح العاطفة وجيشانها والسيطرة عليها
ثالثاًَ : التعبير عن العواطف الإنسانية العامة التي يشترك فيها سائر الناس كالحب والحقد والغيرة والحسد والكراهية والتضحية .... إلخ .
رابعاً : الاهتمام بالطبقات العليا في المجتمع واختيار موضوعات الأدب من حياة القصور والنبلاء والقادة ، وقلة الاهتمام بالطبقات الشعبية والعامة .
خامساً : العناية الكبرى بالأسلوب ، والحرص على فصاحة اللغة ، وأناقة العبارة ، ومخاطبة جمهورٍ مثقفٍ غالباً .
سادساً : الاهتمام بالمسرح أكثر من الشعر الغنائي .
من أشهر أعلام هذا المذهب (راسين ، كورني ، موليير ) وهذا الأخير اشتهر بمسرحياته الكوميدية وغيرهم.


الرؤية الإسلامية للكلاسيكية :
أولاً : الارتباط الشديد بالأدبين اليوناني والروماني ، واعتبارهما النموذج الأعلى للأدب . وهذان الأدبان – على ما فيهما من تصوير بارع للعواطف الإنسانية – إلا أنهما مرتبطان بالتصورات الوثنية ، ولذا تأثر أدباؤهم بالروح الوثنية ونظرتها إلى القدر ، وكان من نتيجة هذا التأثر أن صوروا القدر في صورة ظالم شديد يقوم على الكيد للإنسان وإيذائه ، وهذا مخالف كل المخالفة للتصور الإسلامي ورؤيته الناصعة للقدر .

ثانياً : قلة اهتمامهم بمشكلات الحياة الاجتماعية والسياسية ، في حين أننا نريد من الأديب أن يهتم – فيما يهتم به – بهذه المشكلات ، ونرى أن الأدب للحياتين ، الدنيا والآخرة .

ثالثاً : يوجه الكلاسيكيون اهتمامهم إلى الطبقات العليا في المجتمع ، ويجعلونها محور أدبهم ويختارون منها موضوعاتهم وأبطالهم . مغفلين الطبقة الأخرى .....

رابعاً : يربط الكلاسيكيون الأدب بالمبدأ الخلقي ، وهذا أمر يتوافق مع الاتجاه الإسلامي في عمومه ، ولكن مفهوم المبدأ الخلقي عند الكلاسيكي يختلف اختلافاًَ كبيراً عن مفهومه الإسلامي . فالأخلاق الفاضلة عندهم هي التي يأخذ بها المجتمع في زمان ومكان محددين . وهذا غير صحيح ، لأن ما يقره مجتمع ما هو نتاج عقل بشري ، تحكمه ظروف محددة ، وهو – من ثم – قابل للتغير حالما تتغير ظروفه وهذا لا يقره التصور الإسلامي ، فالمبدأ الخلقي في الإسلام ثابت ، ومنزه عن الخطأ والبطلان ، لأنه لا يتقيد بأعراف المجتمع السائدة ، ولا يعدها مصدر تشريع للأخلاق ، فلا تحدده رغبة بشرية – منفردة أو جماعية – في زمان ومكان محددين إنما تقرر أصوله حكمة رب العالمين .
وبعد هذه الهيمنة للكلاسيكية انهارت قواعدها تحت مطارق التقدم الحضاري للمجتمع الأروبي وقيام الثورات ، ليقوم مذهب جديد على أنقاضها هو ( المذهب الرومانسي ) .وهذا ما سوف نتناوله في حلقة قادمة بإذن الله .
توقيع » مناهل