عرض مشاركة واحدة
قديم 05-29-2008   رقم المشاركة : ( 8 )
مناهل
ذهبي مشارك

الصورة الرمزية مناهل

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2376
تـاريخ التسجيـل : 22-03-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 1,623
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 290
قوة التـرشيــــح : مناهل تميز فوق العادةمناهل تميز فوق العادةمناهل تميز فوق العادة


مناهل غير متواجد حالياً

افتراضي رد : المذاهب الأدبية الغربية ( رؤية إسلامية )

المذهب الوجودي



* لمحة سريعة :

يُعد هذا المذهب أحد نتائج اضطراب العقيدة في الغرب .
و قد ظهرت فلسفات تحاول أن تُعيد للفرد سكينته ، و تشعره بوجوده في الحياة ، و تقنعه بأنه يستطيع أن يصنع ذاته و كيانه بإرادته . و قد عُرفت هذه الفلسفات باسم الوجودية .

و الوجودية نوعان : وجودية نصرانية / و وجودية ملحدة .

* الوجودية النصرانية :
1 - تمثلها آراء ( كير كجارد و كارل يسبرز و غبرائيل مارسييل ) .
2 - أنها تعتمد على نظرية " الإنسان الخاطيء " النصرانية ، و على عدد من آراء " مارتن لوثر " المتمرد على الكاثوليكيه و مؤسس البروتستانتية .
3 - أنها ترى أن الإنسان وارث لخطيئة أبيه " آدم " و أن الشعور بالإثم الذي يملؤه يدفعه إلى تحقيق وجوده أمام الله ، بالعمل النابع من إرادته الحرة فهو يتولى خلق أعماله ، و دون أن يُفرض عليه شيء من خارجه .

* الوجودية الملحدة :
1 - زعماؤها ( هيدجر و سارتر والبير كامو ) .
2 - أنها ترى أن الإنسان في هذه الحياة هو الحقيقة الوحيدة ، و لا يوجد شيء سابق عليها و لا بعدها .
و من ثم فلا يوجد إله و لا توجد ماهية ، و لا توجد مثل و لا قيم أخلاقية متوارثة لها صفة اليقين .، و إن كل القيم و العقائد و التقاليد تراث عتيق ينبغي التخلص منه ، ليستطيع الفرد أن ينطلق في الحياة دون قيود تعيقه ، و ليصنع بإرادته الحرة ما يشاء فتحمل ذاته ما كان يسميه السابقون الماهية .
.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.

* وقفات مع الوجودية :

- يحصر الوجوديون قضاياهم و فلسفتهم في الأمور التي تدور بين الولادة و الموت " الوجود و العدم " و يقيمونها على ثلاثة محاور رئيسية هي : الحرية / و المسؤولية / و الالتزام .

- أن المرء حر في أن يفعل ما يشاء و يختار ما يريد ، لأنه غير مرتبط بخالق أو بقيم خارجة عن إرادته .

- اعتمد الوجوديون على الأدب في تجسيد أفكارهم ليدعموا به كتاباتهم الفلسفية ، و لا سيما الوجوديون الملحدون فكتبوا قصصا و مسرحيات و دراسات نقدية ، و صنعوا بهذه الكتابات مذهبا أدبيا وجوديا .

و المذهب الأدبي الوجودي مكمل للفلسفة الوجودية ، و إطار يظهر قضاياها بوساطة الأدب ، و أهم القضايا الوجودية :
1 - الاغتراب الوجودي :
حيث يشعر الأديب الوجودي - و ينشر هذا الشعور - بالغربة في مجتمعه ، لأنه لا يقتنع بالقيم المفروضة عليه من خارج ذاته ، و لأنه لا يدري من أين جاء ، و لماذا يعيش ؟؟ و ليس له هدف إلا أن يحقق وجوده في أن يعيش كما يريد .
2 - الثورة على القيم و التقاليد قضية مهمة عند الوجودي ، و تشمل التقاليد في مفهومه : العقائد و الأديان كلها .
3 - التأكيد على الحرية و المسؤولية و الالتزام و تحقيق الذات من خلالها .

و ليس لمذهب الوجودية الأدبي آراء خاصة في شكل العمل الأدبي و قالبه لأن اهتماماتهم منصبّة على المضمون ، و همّهم أن يجعلوا الأدب ملتزما بعرضِ أفكارهم و خدمتها ، و قد استثنى " سارتر " الشعر من هذا الالتزام وعدّه بنية لغوية إيقاعية مجرّدة - كالموسيقا - لا تصلح بطبيعتها لحمل الأفكار و الدعوات ، أما القصة / و المسرحية فهما ميدان الالتزام الأكبر ، و هما اللذان جسّدا المذهب الوجودي الأدبي .
و قد استطاع الوجوديون - بملكاتهم الأدبية و النقدية - أن ينتجوا قصصا و مسرحيات قوية في صياغتها و مشحونة بأفكارهم الوجودية و كانت وسيلة ذكية لنشر فلسفتهم و مبادئهم ، استطاعت أن تؤثر في آداب كثيرة منها الأدب العربي المعاصر ، و أشهر أدبائهم ( جان بول سارتر ) و له عدّة مسرحيات أهمها : الذباب - جلسة سرية - رجال بلا ظلال ، و أشهر رواياته : الغريب - الطاعون .
.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.

* الرؤية الإسلامية للوجودية :

1 - أن الإسلام يرفض الوجودية بجميع أشكالها فالوجودية النصرانية تستمد مبادئها من التصور النصراني المُحرّف ، و هو تصوّر يجعل الإنسان حاملاً للخطيئة الأبدية ، و يزعم أن " آدم " أورث أبناءه خطيئته ، و هذا مخالف تماما للتصور الإسلامي الذي يقرر أن " آدم " قد تاب من معصيته ، و أن الله قبل توبته كما يقول تعالى ( فوسوس إليه الشيطان ، قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد و ملك لا يبلى ، فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما و طفقا يخصفان عليها من ورق الجنة ، و عصى آدم ربه فغوى ، ثم اجتباه ربه فتاب عليه و هدى ) ، و هذا التصور مخالف أيضا للقاعدة الإسلامية الكبيرة ( و لا تزر وازرة وزر أخرى ) .

2 - ترفض الرؤية الإسلامية زعم الوجودية النصرانية بأن الطريق إلى الله يبدأ من الشعور بالإثم و الخطيئة ، و تُقرر أن الطريق إلى الله ينطلق من المعرفة الصحيحة و المحبة و الشكر ، و أما الشعور بالإثم فيكون مع التقصير و اقتراف الذنوب .

3 - و الوجودية الملحدة مرفوضة لأنها ملحدة أولا و آخرا ، و كل ما تأتي به مرفوض و لو توهم الواهمون أن فيه إبداعا و براعة فنية و متعة كبيرة .

4 - أن القضايا الوجودية التي يزرعها المذهب الأدبي الوجودي مرفوضة إسلاميا ، فالاغتراب الوجودي بعيد عن المسلم ، لأنه يتصل بخالقه عبر العبادة ، و قد حدثنا القرآن كيف خلق ، و لِمَ خلق ، و ما سيؤول إليه ، و ليس هناك حيرة و لا ضياع .

5 - و أما قضايا الحرية و المسؤولية و الالتزام فتختلف معالجتها في الإسلام عن المعالجة الوجودية اختلافا هائلا :
# فالحرية التي تدعو إليها الوجودية تبدأ بالتفلت من العقيدة ، و الحرية في الإسلام تبدأ من فهم الإنسان لموقفه من الله ، ثم من الآخرين ، و هي منظمة بقواعد شرعية تحفظها .

# و المسؤولية عند الوجوديين هي مسؤولية مرتبطة بمفهوم الحرية الوجودي ، و موجهة إلى تنظيم الحياة وفق معطيات العقل البشري ، أما المسؤولية في الإسلام فهي مسؤولية - الخلافة في الأرض - وفق المنهج الإلهي ، يُحاسب عليها أمام الله أولا ثم أمام الكيانات البشرية الشرعية .

# و أما الالتزام فيقترن عند الوجوديين بخدمة الإنسان من وجهة نظرهم ، و الأديب الوجودي يحمل - باقتناعه الكامل - واجب تحقيق الدعوة لمبادئه الوجودية ، و أما الالتزام في الإسلام فيختلف مضمونه تماما ، لأن الأديب الإسلامي ملتزم بالدعوة الإسلامية في أدبه ، لا يخرج عن إطارها من جهة و يدعو إليها بالوسيلة الأدبية المناسبة من جهة أخرى ، و التزامه مقترن بإيمانه ، فهو طوعي إلى أبعد حد .

و كما نرى ..
فقد تتفق العناوين في المذهب الوجودي و الرؤية الإسلامية ، و لكنها تختلف اختلافا شديدا في مضمونها و دلالاتها ، لأن الوجودية تبدأ بالكفر فتقطع الإنسان عن خالقه ، و الإسلام يبدأ بالإيمان فيربط الإنسان بخالقه ، و لا يمكن أن يلتقيا في أي من القضايا و لو كانت أسماؤها واحدة .
آخر مواضيعي