عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 06-03-2010
 
الحاج سلام
كاتب مبدع

  الحاج سلام غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 568
تـاريخ التسجيـل : 27-07-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 2,301
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 70
قوة التـرشيــــح : الحاج سلام تميز فوق العادة
slam العوض على الله .

العوض على الله . العوض على الله . العوض على الله . العوض على الله . العوض على الله .

بسم الله الرحمن الرحيم
سبق ان كتبت هنا عددا من القصص الحقيقية وقعت احداثها في المنطقة ويتداول الاهالي روايتها وقد مضى عليها بعضا من الوقت تغيرت فيه العديد من المفاهيم واصبحت شخصيات هذه القصص واحداثها متقادمة بعض الشيئ مما يجعلنا نستغرب وفق مفاهيم وقتنا الحاضر شيئا من وقائع هذه القصص .
وكنت قدمت لهذه القصص بمقدمة بررت فيها سبب روايتي لها و ايرادها هنا في منتدى التراث واقترح على من لم يقرأ ما كتب سابقا ان يعود اليه على الروابط الموجودة ادناه .
http://www.thomala.com/vb/showthread.php?t=45348



اما قصتنا اليوم او مرويتنا الشعبية ان صح التعبير فهي امتاداد لسابقاتها وهي قصة حقيقية تعمدت ان اخفي بعض اسماء ابطالها الحقيقين سيرا على ما سبق ان انتهجته مع القصص السابقة ورمزت لبعض الشخصيات باسماء حتى يمكن استيعاب كامل القصة . وقد اخترت لقصتي اليوم عنوانا هو:

( العوض على الله )

كان احد ابطال قصتنا وافدا من اليمن الشقيق واسمه عوض وكان يمتهن التجارة بمفهومها المبسط حيث كانت تجارته بعضا مما يحتاجه سكان القرى من اقمشة وما يلزم لخياطتها من خيوط وابر وحرير وقصب وكذا شيئا من الحلويات وقليلا من لعب الاطفال مثل الصفارات والبلونات والكور وبعضا من مستلزمات ذلك الوقت من البهارات والسكر والشاهي .
لقد كانت مهنة عوض تعرف في تلكم الايام (فرقنا ) وهي الكلمة التي يرددها هؤلاء الباعة للفت انتباه الناس لوصولهم للقرى حيث يصيحون باعلى صوت فرقنا ، فرقنا ، فرقنا , فيتقاطر عليهم الاطفال من كل حدب وصوب ثم ينتشر خبر وصولهم بين السكان ، وغالبا ما ينزل فرقنا في بيت احد افراد القرية ويأتي اليه كل من له حاجة ليشتري حاجته ، او يبقى في ساحة القرية الى ان ينتهي من البيع لمن تجمعوا حوله .والحق ان فرقنا لهم السبق في نظام البيع الحديث المسمى ( الهوم دلفري ) او ايصال البضاعة الى المنزل .
كان عوض تاجرا من الطراز الاول ولم يكن مثل فرقنا البسطاء الذين يحملون بضاعتهم على ظهورهم حيث كان يمتلك اثنين من الحمير الكبيرة لزيادة كمية البضاعة وحتى يستطيع ان يجد ما يساعده في قطع المسافات البعيدة التي يقطعها في كل رحلة مكوكية يقوم بها ويكررها في الشهر مرتين او ثلاث مرات بلا ملل ولا كلل حتى اصبح ( عوض فرقنا ) مشهورا ومعروفا لدى سكان القرى التى يمر بها كبيرا وصغيرا ذكرا و انثى .
لم يكن ( عوض فرقنا ) تاجرا فحسب بل راوية ومتحدثا لا تُمل مروياته ولا تنفد حكاياته ووكالة انباء متنقلة يأتي بالاخبار ( العلوم ) في وقت كانت فيه وسائل نقل الاخبار شحيحة بل معدومة . وبنك اقراض يسلف بالقرض الحسن كل من يجده محتاجا او ينظره في تسديد ثمن ما اشتراه الى رحلة قادمة ، وصديقا للعديد من الناس لما حباه الله به من صفاء عقيدة وصدق ايمان وحسن تعامل ، ولم يكن يرد على من يسوم سلعة من بضاعته باقل من ثمنها او من باع له بعد مماكسة باقل من السعر المحدد لم يكن يرد الا بعبارة حفظها اغلب الناس واصبحت لكثرة ما يكررها لزمة يعرف بها عوض تلكم اللزمة هي: ( العوض على الله ) حتى انك تسمعها في احاديث بعض الناس وقد استعاروها منه ونسبوها له مقرونة باسمه ( العوض على الله مثل ما يقول عوض ) .
كانت لدى (عوض فرقنا ) مشكلة لم يجد لها حلا تلكم هي انه عندما يبيع جزءا من بضاعته تتجمع لديه النقود التي استلمها من زبائنه ( الغلة ) وربما حصًل جزءا من ديونه السابقة وكلما اتجه مبتعدا عن المدينة اصبحت هذه النقود هاجسا يشغل باله خشية من ضياعها او سرقتها .
وقد لجأ عوض الى حل لهذه المشكلة ابتكره ولم يكن موفقا فيه ، وهو ان يقوم بدفن هذه النقود في مكان بعيد عن القرى يحسب انه آمنا ويعود اليه فيما بعد ليأخذها في طريق عودته للمدينة ليتبضع بها وربما دفن نقودا في اكثر من موضع .
لقد صادف ان مر المرحوم ابو محمد في الطريق بين قريته والقرية المجاورة ورفع لسبب او لآخر حجرا بجوار شجرة طلح قريبة من الطريق فوجد منديلا مصرورا فيه صرة هاله عندما فتحها ان بها نيفا ومائة ريال وكان مبلغا كبيرا في ذلك الوقت قل ان يملكه احد من اهالي القرى ، اخذ ابو محمد المبلغ بعد ان عده واعاد صره ثم وضعه فوق رف في منزله ولم يحدث بذلك احدا .
وفي يوم من الايام عاد عوض الى المكان الذي دفن فيه النقود ولم يجد شيئا ثم التبس عليه الامر . هل هذا هو المكان الذي وضع فيه النقود ام انها في موضع آخر ؟ ولعله اقنع نفسه بعد ان اضناه البحث وانقطع امله في الوصول الى مكان المال بانه لم يضع النقود في هذه المنطقة اصلا وختم بحثه بعبارته المعهودة اللهم عليك العوض ومنك العوض ، ثم مضى ولم يحدث احدا .
ومضت الايام والشهور ، وذات مساء وعندما كان عوض يسامر صديقا له في واحدة من قرى المنطقة اسرً اليه بالواقعة وانه لم يجد النقود و ان العوض على الله ، فسأله صديقه : كم كان عدد تلك النقود ياعوض ؟ فذكر له العدد او ما يقاربه ثم سأله عن الوعاء الذي وضعها فيه فذكر لون المنديل وشكله وختم الحديث بلزمته المعودة العوض على الله يا ابا محمد .
فما كان من ( ابا محمد ) الا ان قام واقفا ورفع يده الى الرف العلوي في زاوية بيته وتناول الصرة التي مضى على وضعها هناك قرابة الستة اشهر ،ونفض عنها الغبار ثم ناولها لعوض، وسأله قائلا :
هل هذه هي نقودك يا عوض ؟
فتح عوض الصرة وعد النقود ثم رفع رأسه الى السماء و اجاب قائلا :
العوض على الله .

كتبه لكم : الحاج سلام الثمالي ،،
رد مع اقتباس