كشف غموض قتل الطفلة ضحية العنف الأسري
يستأجر 6 من بني جلدتها للتخلص من الجثة مقابل 3 آلاف ريال
إبراهيم علوي ـ جدة
نجحت شرطة جدة في إماطة اللثام عن جريمة بالغة الغموض والغرابة وقعت في أحد أحياء مدينة جدة، حيث أقدم ستة صوماليين على دفن طفلة (8 أعوام) عقب وفاتها، وذلك لإخفاء مقتلها تحت التعذيب على يد جدتها في ظل وجود شبهات حولها، وهو ما تحقق الأجهزة الأمنية فيه حاليا بعد أن كشفت جميع أفراد العصابة. سقوط العصابة جاء بعد تحقيقات وتحريات مكثفة بذلها فريق التحقيق في مركز شرطة الكندرة وشعبة التحريات والبحث الجنائي، والذين نجحوا في الوصول إلى جدة الطفلة والتي تعد المتهم الرئيسي في وفاتها، إضافة إلى أعوانها ممن ساهموا في دفن الطفلة وذلك بعد التوصل إلى الموقع الذي دفنت فيه داخل عمارة تحت الإنشاء مكونة من خمسة أدوار في حي باب شريف في جدة القديمة.
تفاصيل الحادثة بدأت عندما تلقت شرطة جدة بلاغا غامضا تقدمت به سيدة من الجنسية الإفريقية أكدت من خلاله تعرض طفلة (8 أعوام) إلى عنف جسدي تسبب في وفاتها على حد قولها، وأشارت المبلغة إلى عنوان ذوي الطفلة وحددته في وسط جدة، ولم تقدم معلومات إضافية خلال بلاغها والذي حصرته في الاتصال الهاتفي بغرفة العمليات التابعة للشرطة.
وذكرت السيدة في بلاغها الهاتفي أنها شاهدت سيدة صومالية مسنة تعذب حفيدتها بقسوة وبصورة مستمرة بحجة تربيتها، مشيرة إلى أن هذه الطفلة لم تعد تشاهد داخل الحي ولديها شكوك بأنها فارقت الحياة نتيجة للعنف الذي تتعرض له على يد جدتها داخل منزل بينت موقعه وشارعه ولون بابه في حي حددته بدقة في وسط جدة، ومن ثم أغلقت هاتفها منهية مكالمتها.
التحفظ على جدة الطفلة
رجال الأمن تعاملوا مع البلاغ بشكل جدي وتم نشر عشرات رجال الأمن في الحي المشار إليه في البلاغ، وخلال ساعات تم التوصل إلى المنزل المحدد، وكانت تسكنه سيدة صومالية أشار سكان الحي إلى أنها تتلقى العزاء في وفاة أحد أقاربها وجرى استدعاؤها للتحقيق، حيث أفادت بأن حفيدتها توفيت بعد إصابتها بالإسهال والحمى.
ادعاءات الجدة لم تنته بعد حيث أكدت لرجال الأمن في مركز شرطة الكندرة بقيادة العقيد صالح بويخيت تسليم الطفلة إلى أمها، وأكدت بأنها لا تعرف عنوان سكنها الجديد على حد وصفها، وهو ما عزز الشبهات بأن الجدة تخفي معلومات لذا جرى التحفظ عليها على ذمه التحقيق.
صاحبة البلاغ الغامض تعترف
وواصل رجال البحث الجنائي في المركز البحث عن الأم في عدة مواقع، وفي تلك الأثناء زارت سيدة صومالية الجدة الموقوفة بحجة الاطمئنان عليها كونها قريبة لها، وشك ضابط التحقيق في الأسباب التي ساقتها السيدة والتي ظهر عليها الارتباك والخوف ليقوم الضابط بمواجهتها بأنها السيدة المتصلة التي قدمت بلاغا بالحادثة، وحاولت الإنكار لبعض الوقت غير أنها عادت لتعترف بأنها صاحبة البلاغ، وأرشدت على جهازها الجوال والرقم الذي اتصلت منه؛ وذلك لكي تكشف ما تقوم به جدة الطفلة بعد أن شاهدتها أكثر من مرة تقسو في ضربها وتعنيفها، غير أنها خافت أن تتم مساءلتها ودلت على زوج والدة الطفلة وموقع عمله.
استدعاء والدة القتيلة وزوجها
تسارع الأحداث مكن رجال الأمن من المضي في تحقيقاتهم المكثفة وجرى إحضار الزوج والذي أرشد على مقر سكنه، وتم استدعاء والدة الطفلة وكانت المفاجأة بأنها تعلم بأن طفلتها توفيت وأنكرت استلامها من والدتها على حد قولها.
وأضافت خلال التحقيقات معها أنها أم الطفلة ووالدها يمني تزوجها وأنجبتها قبل أن يفترقا ويسافر طليقها، وظلت الطفلة معها حتى تزوجت زوجها الحالي وتركت الطفلة مع والدتها كونها جدة الطفلة، وقالت: أخبرتني والدتي بأن طفلتي مرضت وتوفيت وحضرت وشاهدتها وغادرت حيث تولت هي دفنها على حد زعمها.
3 آلاف للتخلص من الجثة
اعترافات الأم كانت مفاجئة لفريق التحقيق بعد أن تركت طفلتها متوفاة دون أن تبادر لدفنها أو كشف الأسباب الحقيقية للوفاة، وتم التحفظ عليها ومواجهتها بوالدتها والتي انهارت لتعترف بأن الطفلة توفيت في منزلها وأنها طلبت من والدة الطفلة الحضور، غير أنها حضرت وشاهدتها وتركتها على حالها وغادرت؛ لذا لجأت للبحث عمن يخلصها من جثة الطفلة حتى لا يتم الكشف عن أسباب الوفاة، ووجدت إحدى بنات جلدتها حيث طلبت منها مبلغ ثلاثة آلاف ريال لكي تخلصها من الجثة ووافقت على الفور.
المرأة غادرت منزل الجدة واتفقت مع أحد معارفها من نفس جنسيتها على التخلص من جثة الطفلة مقابل 1500 ريال، وبادر هو بالاتفاق مع آخر مقابل 800 ريال لكي يتخلصا من الجثة، واستمر الأمر بأن وجدوا أحد الصوماليين كان يعمل في مجال البناء أشار إلى أنه يعرف عمارة تتكون من خمسة أدوار في حي باب شريف يعمل فيها حارسا، ويستطيعون دفن الجثة داخلها دون أن يلاحظهم أي شخص وسيأخذ مبلغ 400 ريال مقابل ذلك.
التنسيق بدأ مع المرأة وانتهى مع حارس العمارة، حيث حضر رجلان مع المرأة إلى منزل الجدة وحملا الطفلة وغادرا بالجثة إلى العمارة، والتي كان يتواجد عندها بقية أفراد العصابة والذين استلموا الجثة ودلفوا إلى المبنى واختاروا أحد الممرات المغلقة، حيث حفروا قبرا صغيرا وضعوها بداخله قبل أن يدفنوه ويغادروا لاستلام أموالهم، الجدة بدورها تقبلت العزاء في حفيدتها بحجة وفاتها حتى لا تثير الانتباه إليها غير أن اتصال قريبتها كشف دورها في الجريمة .
اعترافات تقود إلى قبر القتيلة
اعترافات الجناة قادت إلى عمارة تحت الإنشاء وتم تطويقها مساء أمس بنخبة من رجال التحقيقات الجنائية في الشرطة، بمتابعة من مدير شرطة جدة اللواء علي الغامدي ومباشرة ميدانية من مساعده للأمن الجنائي و مدير التحقيقات الجنائية ورئيس مركز شرطة الكندرة ورئيس التحقيقات في المركز وخبراء الأدلة الجنائية، والذين طوقوا الموقع بشريط عازل وتم توثيق الحادثة و عمل رجال الأمن في نبش القبر واستخراج الجثة، حيث أشار الطبيب الشرعي إلى أن رأس الجثة مفصول عنها وأشار إلى أنه قد يكون نتيجة للتحلل الكامل الذي أصاب الجثة بعد أن ظهرت عظام الجمجمة واضحة، إضافة إلى بقية عظام الجسم، وأشار الطبيب الشرعي في تقريره المبدئي إلى أن أسباب الوفاة الحقيقية سيتم الكشف عنها بعد الكشف الطبي اللازم عليها.
الموقع غص بالعديد من المواطنين والمقيمين والذين أذهلهم توصل رجال الأمن لخيوط الجريمة، وكشف الموقع الذي دفنت فيه الطفلة رغم أن المنطقة تشهد حركة يومية دائبة من قبل عمال المقاولات كما يقول سالم الزيلعي، مشيرا إلى أنه يعمل بجوار العمارة ولم يكن يتوقع أن يكون بداخلها قبر لطفلة بريئة.
الناطق الإعلامي في شرطة جدة العقيد مسفر الجعيد أشار إلى أن التحقيقات لا تزال تتواصل مع الموقوفين وجميعهم من جنسية واحدة مؤكدا التوصل إلى قبر الطفلة.