بسم الله الرحمن الرحيم
استثارني الشيخ منقاش بحديثه وتعليقه الجميل على هذا الموضوع وطلبه بأن نختصر في مناسبات الأفراح لدينا وأن نعوّد أنفسنا على الاعتدال وعدم الاسراف والتبذير والبذخ في طعام العشاء وتطبيق نظام ( الميز ) في مناسبات الزواج وأسهب في حديثه جزاه الله خيرا وهو يعرف في قرارة نفسه صعوبة ذلك !
وقد تذكرت قصة حدثت لأخيكم سهيل قبل ما يقارب العشر سنوات وأكثر في مدينة جدة . حيث كنت مدعوا لطعام العشاء مع ثلاثة نفر ٍ من أبناء عمومتي في مناسبة زواج لأحد الزملاء والأصدقاء ..
توجهنا إلى مدينة جدة مغادرين من الطائف المأنوس بعد صلاة العصر تقريبا ووصلنا إلى هناك مع صلاة العشاء ودلفنا إلى قاعة الاحتفالات في تمام الساعة الثامنة ..
وعندما وصلنا القاعة لم نجد ( مخلق ) !
ما عداا بعض العمال يهئوون المكان لاستقبال الضيوف ، وشككنا في الموعد والمكان فسألنا صاحب المكتب فأكد لنا الاسم والمكان !
وطلب منا الانتظار لأن من عادة أهل جدة أن يتأخروا في الحضور ، المهم لفلفنا في الحارة كم لفة إلى الساعة العاشرة تقريبا ولا ما حولك أحد .. والجوع قد وصل معنا حدّه !
فاتجهنا لأقرب بوفيه وهاتك يا سندوشتات تونه وجبنه بالمربى !
تعشينا والحمد لله .. وعدنا إلى القاعة وإذ بالعريس وأصحاب الحفل قد وصلوا في تمام الساعة الحادية عشر تقريبا ..
قلطنا يا خلق الله وقدمنا قهوتنا ودخلنا هاك الصالة اللي سراميك أرضيتها مثل المرايا !
يلق بياض ونظافة - ما شاء الله .. وشوي وخويا سهيل يصيحون ويصرخون من شدة البرد !
التكييف مركزي وصعب التحكم فيه .. وأروح السيارة وأجيب البشوت لأصحابي ويتلحفونها وسط ضحكات من المدعوين في هذا الحفل .. وبدأ المدعوون يتوافدون .. وشوي شوي تبدأ القاعة تمتلي !
واحنا عين في الساعة .. وعين في باب القاعة !
وشوي ولا هم يوم قاموا يوزعون في ( الشيش ) حسبي الله عليهم .. وينزلون الروس فوقها جراك ( باعشن ) صافي يدوخ أبو اللي ما يدوخ والعياذ بالله !
ومعنا واحد من خويانا ملتزم .. لم يعجبه الوضع صراحة وحاول أن يحتج بطريقة غير مباشرة .. وراح وجا .. وطلع ونزل .. فرضي بالأمر الواقع واستسلم لقضاء الله وقدره !
وماهي إلا دقائق معدودة إلا ويوزعون ( ورقة البلوت ) وتشتغل التربيعات وأذنك ما تسمع إلا : إكه .. إكه .. إكه .. والليله ما كو فكه !
عزى الله رحنا في خرايطها !
تخيلوا : برد شديد جدا يقص العظم .. وجراك باعشن .. وبلوت !
كيف يكون حالنا ومآلنا ؟
حاول خوينا الشاب الملتزم أن يعطر الأجواء الموبءة من حولنا بدهن العود الذي كان بحوزته .. ولكن دهن العوِد لم يستطع مقاومة رائحة الباعشن الذي فاح في أرجاء الصالة وجعل أصحابي صرعى !
وكانت أم المصائب والكوارث هي إذا قطع أحد الشيبان من حولنا في البلوت .. لأنهم إذا كتشفوه يضربوه برأس لي الشيشه ويروغ كما يروغ الثعلب .. ويأكل الضربة أخوكم سهيل ويكون العذر الجاهز : ما عليش يا أخويه !
استمرت الحال على ماهي عليه حتى أشارت عقارب الساعة إلى الواحدة صباحا .. فأذنوا لنا بتناول طعام العشاء !
وعند دلوفنا إلى صالة الطعام وجدنا ما يسمى بالميز أو ماشابه ذلك !
وصفته : نجلس حول الطاولة تستوعب تقريبا خمسة مقاعد .. وفوق الطاولة ( صحن كبير ) مشكل رز باللحم .. وحول ااالصحن الكبير مجموعة صحون صغيرة تكفي لشخص واحد وملعقة كبيرة للغرف !
قام مطوعنا يجمع في الصحون الصغيرة ويحطها فوق بعضها .. فقلت له :
انتظر نشوف جيرانا كيف يسوون ونسوي زيهم !
وراقبتهم إذ بهم كما وضع الشيخ منقاش يغرفون من الصحن الكبير في الصحون الصغيره يما يتبقى في الصحن الكبير من أكل يجلس نظيفا !
وما تسمع غلا قرقعة الصحون !!
فصنعنا زيهم ومشي الحال .. ولم يعكر صفونا إلا مطوعنا جزاه الله خيرا ..
إذ جاب العيد !
فكيف جاب العيد ؟
تذكرون قبل فترة طويله زمااان أول ما جات موية الصحة كانت تجي في
علب صغير مستطيله صغيرة الحجم .. والجماعة جايبين منها ...
واحنا صراحة أول مرة نشوفها .. وأخونا المطوع مع البرد ورائحة الشيشة
والسهر والتعب يحسب اللي في العلب ( خل ) فقام يفك في العلب ويصب
فوق الرز ... علامك يا مطوّع وش ذا اللي تصبه فوق الرز ؟
قال : خل .. خل .. كلوا .. كلوا حياكم الله ..
وين خل تخلخلت عظام بليسك ....
هذا ما حصل بالزبط لأخيكم سهيل مع الميز .. في مدينة جدة
ما رأيك يا منقاش ؟ تبينا نسوي زيهم .. وكل واحد يأكل لحاله مثل القرد !
وأنت تعرف ربعي وربعك وعاداتنا وتقاليدنا .. ما يشبع الواحد إلا ضرب الخمس !
حضرنا مناسبات ميز كثيره يا منقاش .. ولكن ما أظنها تناسب واحد من القبيلة
يدعو ألف من ربعه وبني عمه وأصدقائه لوليمة عشاء .. !