الموضوع: قصور العقل !
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-20-2008   رقم المشاركة : ( 4 )
مناهل
ذهبي مشارك

الصورة الرمزية مناهل

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2376
تـاريخ التسجيـل : 22-03-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 1,623
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 290
قوة التـرشيــــح : مناهل تميز فوق العادةمناهل تميز فوق العادةمناهل تميز فوق العادة


مناهل غير متواجد حالياً

افتراضي رد : قصور العقل !

بورك فيك أختي / ورد الجوري

موضوع مهم , ما أحوجنا إلي تلك الوقفة !
وما ظهور فرق الضلال , و أهل الجدل والكلام إلا نتاج التأثر بفلاسفة اليونان , وتقديم العقل على النقل , و هذا مزلق خطير , وأمر مبتدع .

__________________________________________________ ________________________

( من المساوئ التي ابتلي بها بعض المنتسبين إلى الإسلام تقديس العقل واعتماده مصدراً أعلى من كلام خالق العقل. وقد لبس عليهم إبليس فرأوا أنهم على صواب، وقويت في نفوسهم شبه الملاحدة أعداء الدين، فارتكبوا هذا الجرم الشنيع، ورأوا أنه إذا تعارض النقل والعقل في شيء فإن العقل هو المقدم، وذلك عند الجمهية والمعتزلة وجمهور الأشعارة المتأخرين، ظانين أنه يوجد بالفعل تعارض بين العقل السليم والنص الصحيح – حسب زعمهم – ولهم حجج في تقديم العقل على النقل وهى شبه لا تسلم لهم، ومنها:

أن العقل هو الأصل والأساس للنقل وإلا لم يرد النقل.

أن الدلالة العقلية قطعية بينما الدلالة النقلية ظنية.

أن معرفة الله تعالى لا تنال إلا بحجة العقل وهى أصل وما عداها فرع، وهذا الأصل إنما قام على العقل، فلو قدمنا النقل لكان من باب تقديم الفرع على الأصل فالعقل هو الأساس، فلو حكم باستحالة الشيء وحكم السمع بخلافه فيجب تأويل السمع، ليتوافق مع العقل، فإن هو الذي شهد بصدق الشرع ولم يعرف الشرع إلا بالعقل، فمن كذب العقل فقد كذب الشرع والعقل معاً سواء كان في الصفات أو في غيرها من الأخبار، وما ورد من آيات الصفات في القرآن الكريم ينبغي عرضها على العقل، فإذا عارضها وجب تأويلها لتوافق العقل أو تفويض عملها إلى الله.

إن صدق الأنبياء في إخبارهم عن الله لا يتوقف على النقل بل يتوقف على العقل، لأن النقل لا يقبل إلا أن يكون عن الأنبياء فلو توقف صدق الأنبياء على النقل للزم الدور.

ما ثبت بالتواتر وخالفه العقل إما أن يؤول أو يفوض، وما ثبت بأخبار الآحاد فإنه لا يقبل بأي حال في العقائد

الرد عليهم:

مهما حاول دعاة تقديم العقل على النقل من سرد المبررات لقبول ذلك، فإن تلك المحاولات والاحتجاجات والجداول والخصومة، غير مقبولة عند من وفقه الله لمعرفة دينه، وابتعد عن الوساوس التي جاء بها علم الكلام، وهذه المسألة على بساطة الرد عليها قد أخذت حيزاً واسعاً من الجدال والخصومة بين المثبتين والنافين، إلا أنه يمكن إيجاز الرد عليهم فيما يلى:

هل يوجد بالفعل تعارض بين العقل السليم والنقل الصحيح؟

الجواب: لا يوجد تعارض بين العقل والنقل، فإن النقل وهى النصوص الشرعية إذا صحت من كتاب الله عز وجل أو من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، لا يمكن أن يعارضها العقل السليم الخالي عن الشهوات والبدع، فإنه لا يمكن أن يحصل التعارض بين دليل عقلي قطعي وآخر نقلى قطعي، أما إذا كان الدليلان ظنيين فإنه يقدم الراجح منهما سواء كان عقلياً أو نقلياً، إن كان أحدهما ظنياً والآخر قطعياً، فإنه يقدم الدليل القطعي بغض النظر عن كونه نقلياً أو عقلياً، إذا القطعي هو الذي يمكن الاعتماد علية حتى وإن كان عقلياً، فالمزية إنما هي لكونه قطعياً لا لأجل لأنه عقلي.

وأما ما ذهبوا إليه من إسقاطهم أخبار الآحاد في العقد، فهو من المساوئ التي وقع فيها هؤلاء، كما زعموا أن المتواتر حتى وإن كان قطعي السند فهو غير قطعي الدلالة، وذلك لأن الدلالة اللفظية لا تفيد اليقين حسب مفهومهم.

وأخبار الآحاد – حسب زعمهم – لا تفيد العلم وهو من جملة أقوالهم البدعية العارية عن الأدلة الشرعية، لا من الكتاب ولا من السنة ولا من أقوال علماء الأمة الذين يعتبر كلامهم في هذه القضية، ذلك أن الحق هو قبول خبر الآحاد في باب الاعتقاد وفى غيره مادام ثابتاً .

قال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا )

ولولا أن خبر الواحد مقبول، لما توجه الأمر بالتثبت فيما يخبر به مما يحتاج إلى تثبيت خصوصاً إذا جاء من فاسق، ومعناه أنه إذا كان غير فاسق فإن خبره يقبل.

ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكتفي بخبر الواحد ويأمر بالاكتفاء به، حيث كان يرسل الشخص الواحد إلى مجموعة من الناس ويأمره بتبليغ ما يأمره به، ويطلب إلى الناس قبول ما يأمرهم به والانتهاء عما ينهاهم عنه.

وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أرسل معاذاً إلى اليمن وأمره بتعليمهم الدين وسائر شعائر الإسلام، وكان يرسل من أصحابه الواحد والاثنين أو الثلاثة أو أكثر – حسب ما يتيسر له – بغض النظر عن قضية خبر الآحاد التي ابتدعها أهل الكلام، وقد حصل ذلك منه في وقائع كثيرة، وعلى قبول خبر الآحاد جميع الأمة خلفاً وأعرض عن النصوص الشرعية من الجهمية والمعتزلة والرافضة والخوارج ومن سار عليهم طريقتهم.

وكان السلف من الصحابة فمن بعدهم، لا يشترطون لقبول رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل به، سوى عدالة الراوي وثقته وتقواه، وكانوا إذا روى الثقة حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم تلقوه بالقبول والعمل، ولم يخطر في أذهانهم

أنه خبر آحاد، وأن أخبار الآحاد غير مقبولة كما هي حجة من أراد رد النصوص وتعطيلها والتشويش على عقول عامة المسلمين.

وهنا أمر جدير بالذكر، وهو أن السلف حينما يقدمون النقل على العقل، ليس مقصودهم احتقار العقل وأنه لا يستفاد به المعرفة، بل يقدرون دور العقل في المعرفة والاهتداء به إلى الحق، ولكنهم لا يوصلونه إلى درجة التقديس التام وتقديمه على كلام الله عز وجل وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم.

فكل ما في القرآن الكريم وكل ما صح في السنة النبوية، لا يستجيز مسلم يؤمن بالله رباً، وبحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، وبالإسلام ديناً، أن يعارضه بعقلة أو باجتهادات العلماء، وهو يعلم ثبوت النص، اللهم إلا أن يكون من باب

الاجتهاد وتنوع المفاهيم في معاني النصوص وتوجيهها، فإن الشخص حينئذ إن اجتهد فأصاب له أجران وإن اجتهد فأخطأ فله أجر اجتهاده ونيته.

أما إذا قدم عقله فلاسفة اليونان، فعلية حينئذ إثمه وإثم من عمل بقوله، وحسن رد ما جاءت به الأنبياء واستبدال مفاهيم الفلاسفة السقيمة بها، التي يسميها بالأدلة والبراهين اليقينية، تهويلاً لأمرها ورفعاً لشأنها، ليتم له ما يريد من رد النصوص الشعرية وتأويلها – فعلية حينئذ إثمه وإثم من عمل بقوله.

إن الهداية لم تأتنا إلا عن طريق الوحي وعلى أيدي رسل الله الكرام، فبأي مسوغ نترك طريق الهداية ونرجع إلى تقديم العقل، فلو كان العقل يكفى للوصول إلى الحق مجرداً عن النقل، لما عاش هؤلاء المعرضون عن الله في متاهات الكفر والضلال، ولما احتجنا إلى الأنبياء، فمن الإجرام أن نترك طريق الهداية واضحاً مشرقاً، ثم نتعلل بتقديس العقل في مقابل نصوص الكتاب والسنة، فالعقل حد إذا تجاوزه صاحبه انقلب إلى الجهل والخزعبلات.

فمثلاً المشبهة حينما أبوا الوقف عند حدود الشرع، بحثوا وتعمقوا في الصفات إلى أن وصلوا إلى تشبيه الله بخلقة تماماً، ووصفوه إنساناً واقفاً أمامهم، وظنوا أن عقولهم أوصلتهم إلى علم غزير، فهل ذلك صحيح؟ كلا.

وقابل هؤلاء نفاة الصفات فقد أوصلتهم عقولهم حينما تجاوزت الوقوف عند النصوص الشرعية إلى حد أن وصفوا ربهم بصفات، نتيجتها أن الله لا وجود له حتى وإن لم يصرحوا بنفي وجود الله لكن تلك الأوصاف السلبية لا نتيجة لها إلا هذه النتيجة، وظنوا أنهم اهتدوا بعقولهم إلى الوصول إلى الحق وزين لهم الشيطان ذلك.

فقارن بين مواقف هؤلاء ومواقف أهل الحق أهل السنة والجماعة، الذين يسيرون وراء النصوص مستعملين عقولهم إلى الحد الذي تنتهي عنده، وبالتالي فالقائد هو النص إلى أن يصلوا إلى غاية ما يريدون أو يطلب منهم.

فأمنوا العثار واهتدوا إلى سواء السبيل، ورضوا بما جاء به كتاب ربهم وسنة نبيهم، وما كان علية سلفهم الكرام من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وعلموا أن العقل الصحيح لا يعارض النقل الصحيح، فأراحوا أنفسهم عناء التأويلات والتكلفات التي ابتلى بها غيرهم، حين بحثوا كثيراً وأتبعوا أنفسهم طويلاً وخرجوا عن الحق الذي طلبوه بتلك التأويلات والتكلفات وهم لا يشعرون.

لأن السلف يعلمون أن النقل حينما جاء مخاطباً للعقل ومبيناً له الطريق الصحيح يعلمون أن بينهما توافقاً تاماً، فالخطاب إنما جاء لأهل العقول لا للمجانين ولا للحيوانات البهيمية، فكيف يتصور بعد ذلك أن العقل أعلى من النقل بحجة أن العقل هو الأصل وإلا لم يرد النص، فالنقل هو الموجه لمحل قابل للتوجيه وهو العقل، ولم تأت العقول لتوجه النقول في أي زمن من عمر البشر. )

من كتاب (فرق معاصرة تنتسب إلى الاسلام)
منقـــــــــــــول
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس