عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 12-26-2011
الصورة الرمزية المقداد
 
المقداد
كاتب مبدع

  المقداد غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 3563
تـاريخ التسجيـل : 12-02-2009
الـــــدولـــــــــــة : ضوء الظل
المشاركـــــــات : 1,283
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 89
قوة التـرشيــــح : المقداد تميز فوق العادة
افتراضي ذكريات عصية على النسيان ..!

ذكريات عصية على النسيان ..! ذكريات عصية على النسيان ..! ذكريات عصية على النسيان ..! ذكريات عصية على النسيان ..! ذكريات عصية على النسيان ..!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

بعد أن بدأ قعر البئر تنحصر عنه المياه معلنة إنتهاء موسم الحصاد إنتهاءً كان حافلاً بما قسمه رب العباد وجادت به مزرعة المقداد الأعظم إذ لم تعد (النضبة) المتبقية في أسفل البئر أن تسعفة بسقاية حوضين أو ثلاثة مما تبقى له من عدة (قصبات) أسفل الركيب, أخذت آثارها تبدو عليه واضحة جلية إنعكست على حالته النفسية في تلك الليلة التي لم تكن مثل سابقتها من الليالي إذ كانت نبرات صوته حادة قليلاً مع والدتي رحمها الله تعالى , إلا أنها تفهمت الأمر وعزت تلك الحالة التي إنتابت المقداد الأكبر الى شح الماء في الوادي وتأخر هطول القطر, كم سمعته يردد هذا كثيراً ويدعو عند تجليه وهروعه الى الصلاة وأثناء نزولة الى الوادي بأن ينزل الله الغيث, أخذ في تلك الليلة يلملم أوراق (رجاع) وهي حصيلة ما جاد به واديه من خيرات خلال ذلك الموسم المنصرم والذي صادف أن يبيع محصوله في حلقة الخضار بجده ويعهد بترحيل بضائعه مع صديقه (الجمال) الذي كان لا يفارقه إلا لماماً ولا نكاد نسمع قهقهاته وتسطيحة ضحكاته الا بحضرة ذلك الصديق الجمال رحمه الله كان يمتلك سيارة ونيت هاف ذات لون أحمر قاني ومن أوائل سيارات النقل الثقيل التي دخلت القرية في تلك الحقبة .


بعد أن جمع المقداد رجاعه ورصها الى بعض وهو لا يعرف كم كانت من الارقام تحتويه ولا حتى كم له فيها من خير ومقسوم من رب العباد ..!
أحكم رباطها بقطعت قماش من فوقه مغاط وأخفاها في إحدى أدراج كمره ذاللون البني والذي أعتاد أن يرتديه ويحتزم به من تحت رداءه أثناء ذهابه للسوق أو بعض الإحتفالات الخاصة والعامة على حد سواء.
لم تكن ليلته تلك هانئة المنام سيما وجسمه منهكاً وتعباً بسبب يوم (حطيط)شاق وطويل , مسحاته التي عقد معها صداقة حتى أصبحت رفيقته في (قلع) الجزر من بعد ذلك اليوم عندما أتلف أخي ذات مرة من غير قصد وعدم دراية محصول الجزر وقرر بعدها المقداد توليه مهمة القلع بنفسه .
كان متملالاً في فراشه تلك الليلة يرقب نجمة الصبح وقدوم ذلك الصديق الجمال لشد هواري الجزر ولفائف الفجل العرائسي لمرافقته الى جده ومحاسبة رجاعه, لم يمضي وقت طويل حتى نهض من فراشه وتوضئ ثم صلى الفجر,إلتمس طريقه الى الوادي وجلس جانب هوارى الجزر سانداً ظهره اليها تارة ومتكئ تارة آخرى ينتظر قدوم الجمال الذي لم يتأخر عليه كثيراً .
ألقى عليه التحية وداعبه ببعض قفشاته وحملا البضاعة معاً داخل السيارة ثم سارا يرافقهما في رحلتهما شخص ثالث سنأتي بالحديث عنه في حينه, توقفوا بأحد مقاهي الطائف الشهيرة وتناولا جميعاً إفطارهم ثم أنصرفوا وعلى غير العادة كانت الصمت مطبقاً وسيد ذلك الموقف وعلامات الحزن والكدر واضحة على محيا صديقه الجمال إثر خبر غير سار تلقاه عند وصولهم للطائف يتعلق بمحيط أسرته, إستلموا طريقهم في رحلة الذهاب وبينما راح المقداد الاكبر في تفكير عميق أخذ يستعيد شريط حياته وذكرياته ويستعرض محطات العمر بين سعادة وشقاء واضعاً لنفسه ولأسرته الخطط المستقبلية والأمنيات والآمال وماذا عساه أن يتدبر بفائض المبلغ الذي سيتحصل عليه من ذلك التاجر (الدلال) بعد أن يقتطع منه جزءاً كان يمثل قيمة ماكينة (روبسون وارد باغانم) تم شراؤها عن طريقة بداية الموسم مع الوعد بسداد قيمتها له عند نهاية موسم الحصاد , (وهنا تتجلى الثقة والامانة بين ارباب المزارع وتجار السوق) ويبدو أن المقداد نسي نفسه وسرح بفكره بعيداً مع كل ما دار في مخيلته من أفكار ملحه وأحلام مؤجلة ولم يعد لواقعه الا عندما نبهه صديقه السائق الجمال في أن يتوخى الحذر ولا يرمي بثقله على الباب كي لا يفتح ويحدث مالا يحمد عقباه.
يقول المقداد وأثناء رحلتنا الى جده وعند وصولنا عصراً الى مكة المكرمة في جو قائض مشمس شديد الحرارة (سموم) حدث عطل بمحرك السيارة المحملة بالبضائع أدى ذلك الى توقفها والانتظار ما يقرب الثلاث ساعات لحين الانتهاء من إصلاح ذلك العطب ,
رحم الله ذلك الجمال كم كان حريصاً وخائفاً على بضائع القوم الذين أتمنوه عليها, كم رأيته بأم عيني وهو يرش ويسكب المياه الباردة فوق تلك الهواري واللفائف المليئة بالخضار والفواكه داخل صندوق السيارة كي لا تتعرض للتلف من الحرارة وملامحه تطفح بالسعادة والسرور .... رحمه الله رحمه الله ..


يتبع لا حقاً


المقداد
رد مع اقتباس