الآن في الطريق إلى ميسان
ابتعد فلم يعد فيّ جهداً أن أضرب عليك بالمنبّه وقد أضناني
التّعب
هنا أيّها الأحبّة في الله تذكرت غر أو أغر
والمناضح والمكره هذه القرى قد زرتها
قبل أكثر من أربعين عاماً مع جيرانٍ لنا
وبت فيها ليلة في ذلك الوقت لم يكن هنالك
لا ماء ولا كهرباء ولا طريقاً مسفلته
ولقد ذهبت مع جيران أهلي في جيب
هذا ما أذكره ولست أعرف أين الطّريق
المؤدية إلى تلكم المناطق , أيعقل مع الحراء ؟
ربّما
ما أجمل ميسان !
لقد كست الخضرة هذا الجبل حلّةً جميلة
تغيّر لون الجبال أليس كذلك ؟ وهذا يعود إلى مكونات
الذرّة والجزيء والعناصر المؤلفة للمركبات
وبالتالي للمادة وهي هنا المعدن المؤلف للصّخر
وبالمناسبة تعتبر صخور ( جبال الحجاز ) صخور
قرانيتيّة صلبة تسمّى بصخور الدّرع العربي
وهي على النقيض من الصّخور الرّسوبيه
المؤلفة للصحاري في نجد أومايسمى بمنطقة
الرّف العربي
مثل هذه الجبال لانجد فيها الأحافير ولا مخزون المياه
ولا المناجم المعدنيّة وذلك لصلابتها عكس صخور
المنطقة الرسوبيّة ( نجد وما جاورها ) والتي نجد فيها
الذّهب الأسود وغيره
ولكن الله حباها بهذه الطّبيعة الخلاّبة والتي تسر الناظرين
نحن نقترب من الحدب وقصر بن دريويش
هذه البوابة لم أعهدها من قبل ولكنّها مدخل لبلاد بالحارث
جميل
هنااااالك تعرفون ما معنى كلمة هنااااالك
نعم هناااااالك
ومن هنا
انتبهوا لذلكم الوادي البعيد وهو وادي مقسى في منطقة الغور
( تهامة )
ومن خلال هذه العقبة وهي عقبة الثنيّة
نعم ذااااااالك الوادي إذ لا ماء ولا كهرباء ولا طريق مسفلتة
ولا أنيس ولا جليس قمت بالتدريس واستعذت بالله من إبليس في مدرسة وادي مقسى الابتدائية لسنةٍ دراسية كاملة سمعت خلالها ضغيب الأرنب , وزئير الأسد , وفحيح الأفاعي
وصرصرة البازي , وبطبطة البطّة , وخوار البقرة
وطنين البعوضة , وشحيج البغل , وتغريد البلبل
ونعيق البومة , وضباح الثعلب , ونقنقة الدّجاجة
وصياح الدّيك , وعواء الذئب , وأزيز الذّبابة
وصرير الجرادة , وهدير الجمل , وصهيل الحصان
ونهيق الحمار , وهديل الحمامة , ومأمأة الخروف
وغقغقة الصّقر , وزمجرة الضّبع , وخرخرة النمر
ونقيق الضفدع , ونزيب الظبي , وخوار العجل
وزقزقة العصافير , وصني العقرب , وعندلة العندليب
ونعيب الغراب , وسليل الغزال , وثغاء الضأن
ونمنمة الفأر , وضحك القرد , ومواء القطط
ونباح الكلاب , وثغاء الماعز , وحنين الناقة
وطنين النّحلة , وزعاق النّسر , وزمار النّعامة
وخفق النمل , وهدهدة الهدهد , وخرير الماء
وحفيف الشّجر , وصليل السيف , وصرير الباب
ورنين جرس الجوال , وعرفت الإحتطاب , ونشيج اللّحم
وهزيم الرّعد , ونوض البرق , وزفير النّار , وأزيز الرّصاص , وعزيف الجن , وهزيز الرّيح , وفرقعة المدفع.
ولكن القصّة ستبدأ في الحلقة القادمة وهي الحلقة الأخيرة
والتي سنتحدث فيها عن وادي مقسى وبنيوس وعن تلكم الأيام الخوالي ومن ثمّة سنعرّج على ديار حليمة السّعدية
فإلى ذلك الحين أترككم مع هذه الأبيات من قصيدة لي
كنت قد كتبتها قبل فترة ومنها :-
لا تذكري الصّحب والأشواق يا جُمَلُ
قد عزّ عندي لفقد الصّحبة الأملُ
كم كنتُ أبكي على أطلالهم زمناً
حتّى بكى من وقوفي فوقه الطللُ
ثم استفقتُ على أن لا أجد أحداً
غير السّكون وما أبداه لي الحَجَلُ
ياصحبة اليوم ما للأمس من عوضٍ
حتّى تروا كيف كان الوصل يشتملُ
عزاء نفسي إذا ما بتُّ أرقبكم
إقناعها أن هذا البين محتملُ
.
.
.
دمتم بخير وعافية
محبكم / خلف بن عبدالعزيز الثمالي