الموضوع: الكرم الحقيقي .
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-10-2009   رقم المشاركة : ( 7 )
المستعين بالله ابوعبدالله
كاتب مبدع


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 197
تـاريخ التسجيـل : 24-11-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 820
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : المستعين بالله ابوعبدالله


المستعين بالله ابوعبدالله غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الكرم الحقيقي .

بارك الله فيك يا شيخ سلام , وكثر الله من أمثالك , وأثابك على هذه السلسلة القصصية الجميلة التي تذكر فيها ألأحفاد بماضي ألأجداد , وتحثهم فيها على مكارم الأخلاق .
وكما تفضلت , كان لأكرام الجار وحسن الجوار شأن عظيم ومكانة بارزة في ثقافة أبائنا وأجدادنا , وهو سلوك كان جزء من أخلاقيات وثقافة العربي في الجاهلية , وجاء الأسلام ليتممه مع ما تمم من مكارم ألأخلاق , (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جار , فليكرم ضيفه , ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه , والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه ...الخ) .
وكانوا يقدمون أهمية الجار على موقع الدار , فيقولون الجار قبل الدار , وليتك يا كاتبنا القدير ذكرت أسم المجير (لا المجار) حتى نوفيه حقه بدعوة طيبة , أو ذكر طيب , حيث أرى أن لا مانع يمنع من ذكر ألأسماء أذا كان من نذكره نثني عليه بذكرنا له , ونبرز بذلك جانبا مضيئا من سيرته .
ومن أولئك الذين أجاروا وأحسنوا الجوار من ثماله , عبد الله بن وافي الثمالي رحمه الله , الذي أجار فيمن أجار رجلا لمدة تزيد على ثلاثين عاما , ولم تكن تربطه به أي رابطة من قرابة أوغيره , وأعطاه دارا بحوشها وسوحها وفسوحها (دار المحابيس) الى جانب البير يستقي منها لبيته متى شاء وكيفما شاء , ويسقي منها بهائمه , وبقي على تلك الحال مكرما معززا كل تلك المدة حتى جاءت الطفرة ورحل بأختياره الى دياره بالوهط .
وكان المستجيرون بهذا الرجل يزيدون في مواسم الخير كمواسم الحصاد , وكانوا من كل القبائل , (من فهم وبنيوس وبني سفيان والنمور وطويرق والعيله , وبعض من فخوذ عتيبة وغيرهم) , وتلك القبائل كانت ثمالة تستجير بها أذا مر بديارها جدب وقحط .
والحقيقة أن حقوق الجوار وحق الجار قد أنقرضت من ثقافة أكثرية من أجيال هذا الزمان , ولم يعد يراعي ذلك سوى القلة القليلة من أصحاب الشيم والقيم .
وأصبح كرم أهل هذا الزمان أنتقائي يغلب عليه التصنع والأسرف والتبذير والمطامع الدنيويه , فالكرام الحقيقيون يكرمون من يعرفون ومن لا يعرفون , ولا يسرفون ولا يستعلون ولا يستثنون ضعفاء القوم وبسطاءها من كرمهم, ويحتسبون كرمهم لوجه لله (أنما نطعمكم لوجه الله , لا نريد منكم جزاء ولا شكورا , أنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا , فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا , وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا) فلمثل ذلك فليعمل العاملون , أذ أن ألأعمال بالنيات , فمن كانت هجرته الى الله ورسوله , فهجرته الى الله ورسوله , ومن كانت هجرته لأمرأة ينكحها أو دنيا يصيبها , فهجرته الى ما هاجر أليه .
ومن أكرم ليقال أنه كريم فقد خسر الثواب وألأجر, أذ أن من شروط القبول خلوص العمل لوجه الله , والأنضباط بشرعه بالبعد عن ألأسراف وغيره .
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس