عرض مشاركة واحدة
قديم 05-20-2010   رقم المشاركة : ( 6 )
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

الصورة الرمزية صقر قريش

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة


صقر قريش غير متواجد حالياً

افتراضي رد: لملف الصحفي للتربية الخميس 6-6-1431هـ

الرياض :الخميس6 جمادى الاخرة 1431هـ -العدد 15305
تاريخ الفن التشيكلي ومعاهد المعلمين
ناصر الحجيلان
أصدر الفنان التشكيلي المتميز والأكاديمي الرصين الدكتور محمد الرصيّص كتابًا توثيقيًا للفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية ضمّنه نماذج متنوعة للوحات فنية وفق مراحل النمو الفني لدى عدد كبير من الفنانين والفنانات. ومن يطّلع على الكتاب يشعر بالحسّ الفني الراقي للمؤلف في جوانب متعدّدة تظهر في انتقاء اللوحات والنماذج، وفي العرض التاريخي المتدرج منطقيًا، وفي الوصف الذي يأخذك مباشرة إلى حيث الحدث ، كما يظهر في الدراسة النقدية التي استوعبت الحركة الفنية في تنوّعها واتجاهاتها المختلفة؛ زد على ذلك جمال إخراج الكتاب بحلة زاهية وديباج أنيق. وقد أرّخ المؤلف بشكل دقيق لمراحل تطوّر الفن التشكيلي ابتداء من الخمسينيات الميلادية حينما نظّمت وزارة المعارف عام 1953م أول معرض للنشاطات الدراسية ضمّ رسومات فنيّة من إنتاج الطلاب في مقر المعهد العلمي السعودي بمكة المكرمة (الذي تأسس عام 1937م). وقد كانت تلك المبادرة بجهود مدير المعهد محمد حلمي الذي كان الإحساس بالفن دافعه وراء إقامة ذلك النشاط، فقد عُرف عنه أنه خطّاط متميّز؛ مما جعله يبذل جهده في سبيل إقرار الفكرة، وفسح المجال لعرض الأعمال الفنية لطالبين في تلك الفترة. وبعد ذلك، يتناول الكتاب تاريخ دخول مادة الرسم إلى المقررات الدراسية في المراحل التعليمية الثلاث للبنين في عام 1957م، وبعد عامين اعتمدت في مدارس البنات، وعُدّل مسمّاها إلى "التربية الفنية" في عام 1962م، وظلت موجودة في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة إلى وقتنا الحالي. كما حفل الكتاب باستعراض تاريخ المعارض التشكيلية ابتداء من افتتاح الملك سعود بن عبدالعزيز، رحمه الله، أول معرض فني مدرسي عام 1958م في بهو وزارة المعارف (الذي كان وزيرها آنذاك الملك فهد بن عبدالعزيز، رحمه الله) بالرياض واشتمل المعرض على أعمال الطلاب بعد مرور عام على اعتماد تدريس مادة الرسم مقررًا دراسيًا عليهم لتستمر بعد ذلك المعارض الفنية المتنوعة، وتُصبح المعارض الشخصية والجماعية ظاهرة مألوفة في الوسط التعليمي والثقافي. ويُدوّن المؤلف المؤشرات التي ساهمت في تطوير الفن التشكيلي ابتداء من البعثات الدراسية التي بدأت عام 1960م، لدراسة الفنون الجميلة في روما، ثم تتابعت البعثات في عام 1967م إلى عدد من كليات الفنون الجميلة ومعاهدها في إيطاليا، وقد ضمّت جيلاً من الفنانين البارزين. يضاف إلى ذلك تأسيس معهد التربية الفنية للمعلمين في الرياض عام 1965م الذي أنشئ لإعداد معلمين فنّانين يتولّون تدريس الرسم والفنون في المدارس. ولأنّي ممّن حالفهم الحظ بالدراسة عند معلمين ممّن تخرّجوا من هذا المعهد، ثم زاملت بعضهم، فإني أستطيع أن أؤكد جدارتهم الفنية وقدرتهم على نقل الإحساس الجمالي بالفن إلى الطلاب وإلى البيئة المدرسية بأكملها. وقد درّسنا في المرحلة الابتدائية معلمون من العراق ومصر. وكان المعلم الفاضل حمود الحليّان من أوائل السعوديين الذين تخرّجوا من ذلك المعهد وقام بتدريسنا في متوسطة الغزالة. وأتذكّر بإجلال كبير الدور التربوي والتعليمي الذي قام به في إكسابنا المهارات الفنية في الرسم والأشكال والتشكيلات الفنية التي كانت تستهوينا وتجعلنا في ألفة مع الجمال الفني. وحينما أتذكر الدور الفني لجيل المعلمين الأوائل، فإن صورة مدير المدرسة الابتدائية آنذاك الأستاذ القدير محمد القازي لن تغيب عن الذهن وهو يكتب بخطٍ في غاية الجمال والأناقة صباح كل يوم في سبورة متحركة موضوعة في باحة مدرستنا الطينية. يكتب عليها حكمة أو مقولة أو عبارة تربوية؛ وكنّا نُشدّ إلى أسلوبه ونقضي وقتًا خلال الفسحة لتأمّل ما نعتبره تحفة من الجمال في الخط والألوان. وبالمناسبة، فإن جمال الخط كان أبرز سمات المعلمين الأوائل، ولاتزال تلمع في ذهني حركة يد معلمي في الصف الأول الابتدائي الأستاذ محمد العبدالرحمن الرشيد، وهي تتموج بانسيابية مدهشة لكي ترسم الكلمات والجمل أمامنا. وكان معلم الهندسة والحساب وهو الأستاذ محمد العبيد، رحمه الله، من أصحاب الخطوط المتميزة باستقامتها ووضوحها، وأذكر طريقته المميزة في تصحيح الكراسات بالقلم الحبر الأحمر، وأسلوبه الدقيق في رسم المثلث والخطوط باستقامة لاتقل عن استقامة المسطرة. وفي الصف الرابع الابتدائي، كان معلم القراءة وهو خالي المعلم عبدالكريم الزايد، رحمه الله، صاحب خط مميز ليس فقط في جماله، بل وفي مضمونه، فقد كان الناس يسعون إليه لكي ينقل أفكارهم إلى خطابات ومعاريض، على اعتبار أن خطّه لايخيب أبدًا (ويقصدون مضمون كتابته). كما لايغيب عن الذهن الدهشة التي كانت تسحرنا حينما يرسم معلم الدين الأستاذ القدير محمد العقيل، صورة البسملة على السبورة؛ وكانت أعيننا تُراقب الخطوط والتعرّجات والالتواءات الدقيقة والدوائر الهندسية التي تتشكل في النهاية لترسم البسملة أحيانًا، وبعض الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة أحيانًا أخرى. وفي الصف السادس، كانت سعادتنا لا تُوصف حينما كان مدير مدرستنا التي صارت مبنى اسمنتيًا، وهو الأستاذ خلف الحليان، هو الذي يتولّى تدريس مادة الخط لما يتقنه من خط بهيج وبأشكال مختلفة. أتذكر تلك النماذج الزاهية من المعلمين أصحاب الخطوط الجميلة، وأشعر بالحسرة حينما أقارنهم بوضع بعض المعلمين في الوقت الراهن، ومنهم معلمو التربية الفنية أنفسهم. ومع أن المؤلف أشار إلى أهمية تأسيس أقسام أكاديمية في الجامعات للتربية الفنية، وكان هو نفسه رئيس قسم التربية الفنية في جامعة الملك سعود، إلا أن خريجي تلك الأقسام من حملة البكالوريوس، لم يتركوا الأثر الإيجابي في الطلاب بمثل دور خريجي معاهد التربية الفنية؛ فقد زاملت أحدهم وكان لايحسن الخط ولا الرسم، ويقضي أغلب وقته مع الطلاب في تقديم المواعظ الأخلاقية التي كان من ضمنها منعهم من الرسم والتصوير. ومع أني متأكد من وجود نماذج متميزة من خريجي الكليات، إلا أن الشواهد على ذلك ليست واضحة بدرجة تلفت الانتباه. وقد سمعت هذه الملاحظة من عدد من المشتغلين في مجال التربية والتعليم حاليًا. ومن هذا المنطلق، لعله من المناسب التذكير باقتراح قديم للدكتور محمد الرصيص، وسبق أن كتبت عنه في هذه الزاوية في 29 نوفمبر 2007م؛ وهو إنشاء أكاديمية للفنون الجميلة، بحيث تستفيد من تجربة معاهد التربية الفنية السابقة، وتطوّر ذلك لكي تشمل جميع الفنون المختلفة. ولعل ما تقوم به اللجنة الاستشارية للثقافة في عهد وزير الثقافة والإعلام معالي الدكتور عبدالعزيز خوجة، من جهد سيخدم مثل هذه الفكرة ويُخرجها للنور خدمة للثقافة السعودية والفن الجميل.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس