عرض مشاركة واحدة
قديم 05-28-2008   رقم المشاركة : ( 7 )
مناهل
ذهبي مشارك

الصورة الرمزية مناهل

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2376
تـاريخ التسجيـل : 22-03-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 1,623
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 290
قوة التـرشيــــح : مناهل تميز فوق العادةمناهل تميز فوق العادةمناهل تميز فوق العادة


مناهل غير متواجد حالياً

افتراضي رد : المذاهب الأدبية الغربية ( رؤية إسلامية )

المذهب الواقعي


* لمحة سريعة :

نشأ بسبب انتشار الفلسفات : الوضعية / التجريبية / المادية الجدلية في أوروبا .
و قد امتد تأثير هذه الفلسفات إلى الفنون و الآداب .
و نتيجة لذلك اهتم عدد من الأدباء بتصوير الحياة الاجتماعية ، و بالطبقات الدنيا التي أعرض عنها الكلاسيكيون و نسيها الرومانسيون .
و يتفق رواد هذا المذهب في مباديء رئيسة محددة ، و يختلفون في مباديء أخرى كثيرة ..
الأمر الذي جعل الواقعية تتشعب إلى واقعيات عدة .. أهمها :
الواقعية الانتقادية / الواقعية الطبيعية / الواقعية الاشتراكية .

.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.

* الواقعية الانتقادية :
- تهتم هذه الواقعية بقضايا المجتمع و مشكلاته ، و تركز اهتمامها بشكل خاص على جوانب الفساد و الشر و الجريمة .
- تميل هذه الواقعية إلى التشاؤم ، و تعتبر الشر عنصرا أصيلا في الحياة لذلك تبحث عنه و تجعله محور العمل الأدبي .
- تُعد " القصة " مجال الواقعية الانتقادية الأكبر و تليها " المسرحية " ، فمعظم إنتاج الواقعيين الانتقاديين قصص و روايات و مسرحيات ..
- و من أشهر قصاصها الأديب الفرنسي " بلزاك " / " شارلز ديكنز " / " تولستوي " / "دستويوفسكي " / " أبسن " / " إرنست همنغواي " .

* الواقعية الطبيعية :
- تتفق هذه الواقعية مع الواقعية الانتقادية في جميع مبادئها ، و تزيد عليها في تأثرها الشديد بالنظريات العلمية ، و دعوتها إلى تطبيقها في المجالات الإنسانية ، و إظهارها في العمل الأدبي .
- الإنسان في تصور هذه الواقعية --> حيوان تسيّره غرائزه و حاجاته العضوية ، لذلك فإن سلوكه و فكره و مشاعره هي نتائج حتمية لبنيته العضوية و لما تقوله قوانين الوراثة .. و أما حياته الشعورية و العقلية فظاهرة طفيلية تتسلق على حقيقته العضوية .
- يُعد القاص " إميل زولا " رائد هذه الواقعية .. و قد كتب قصته الشهيرة " الحيوان البشري " ليجسد مبادئها ، و ليطبق نظريات " دارون " في التطور ، و " مندل " في الوراثة ، و ليثبت أن سلوك الإنسان و فكره و مشاعره هي نتائج طبيعية لما تقوله هذه النظريات .
- و من أشهر كتابها أيضا --> فلوبير صاحب قصة " مدام بوفاري .

* الواقعية الاشتراكية :
- تجسّد هذه الواقعية الرؤية الماركسية للأدب ، و تحمل مباديء الفلسفة المادية الجدلية التي تقوم عليها الشيوعية .
- يرى أنصارها أن الأدب مبني على النشاط الاقتصادي ، و أنه يؤثر في المجتمع بقوته الخاصة .. لذلك ينبغي توظيفه في خدمة المجتمع وفق المفهومات الماركسية .
- تقضي هذه المفهومات أن يهتم بالطبقات الدنيا ، و لا سيما طبقات العمل و الفلاحين ، و أن يصور الصراع الطبقي بينهم و بين الرأسماليين و البرجوازيين ، و يجعل الرأسمالية و البرجوازية مصدر الشرور في الحياة .. فيدينهما و يكشف عيوبهما .
- من هذه الزاوية يعد الواقعيون الاشتراكيون مذهبهم متفائلا و مرجحا لجانب الخير ، و يتصورون أن ماركسيتهم ستحكم العالم ، و تحل تناقضاته ، و يطالبون الأدباء أن يبثوا هذا التصور في أعمالهم الأدبية .
- أنهم يرفضون أية تصورات ترتبط بالعقائد السماوية .. لأنهم يرفضون العقائد السماوية ذاتها .!
- أول من استخدم اصطلاح الواقعية الاشتراكية في كتاباته هو الأديب الروسي " مكسيم جوركي " ثم انتشر المصطلح في أنحاء العالم ، و قرر الاتحاد السوفيتي و الصين و بعض الدول الشيوعية الأخرى اعتباره المذهب الرسمي للأدب فيها .
- كان ميدانه " القصة " ثم دخل إلى " المسرحية " .. و أخيرا إلى " الشعر " .. ثم عمّ الأجناس الأدبية كلها .
- و من أشهر أدبائهم : مكسيم جوركي / شولخوف / ماياكوفسكي / حمزانوف / ناظم حكمت / لوركا / بابللو نيرودا / جورج لو كامش / و روجيه جاوروي قبل إسلامه .

.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.

* الرؤية الإسلامية للواقعية :

أن الاهتمام بالواقع و عرض قضايا الحياة و مشكلات الإنسان فيها بقالب أدبي ناجح أمر يحبّذه الإسلام .. " من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم " .
و إذا نظرنا إلى الواقعيات الغربية و جدنا أنها تهتم بأمور الحياة و قضايا المجتمع أيضا ..

و لكن بمنهج و تصورات مستمدة من فلسفات بشرية منحرفة ، تجعلها تتعارض مع المنهج الإسلامي و تصوراته في جوانب عدّة أهمها :

1 - أن الواقعيتين الانتقادية و الطبيعية تجعلان الحياة محكومة بالشر و الفساد ، و هذه نظرة سوداوية متشائمة - لعلها من آثار النظرة اليونانية للقدر - و الإسلام يرفض هذا التصور ..
فليس ثمة ما هو محكوم عليه بالشر أو محكوم عليه بالخير ، و ليس ثمة ما يمنع فاعلية الإنسان من التأثير في الحياة و المجتمع .

2 - أن الواقعيتين الانتقادية و الطبيعية تبرزان صور الشر و الفساد في المجتمع لإضرام الثورة فيه و تغيير قيمه - كما تزعمان - غير أنهما في الحقيقة لا تقدمان أي بديل لهذه القيم ، و نحن المسلمين لا نقبل أن يكون الهدم وحده غاية العمل الأدبي فلا بد من التخطيط المسبق للبديل الذي يعوض عما نريد هدمه .

3 - أن الإنسان عند الواقعيين عامة ، و الطبيعين خاصة حيوان بشري ، يتكون من مجموعة عوامل مادية و غريزية و حسب .. و ليس للجانب الروحي أي اعتبار عندهم .
أما الإسلام فيكرم الإنسان ، و لا يقبل أن يكون سلوكه و فكره و مشاعره استجابة آلية للغرائز و الغدد ..
و الإنسان في التصور الإسلامي جسد و روح ، و لكل من الجسد و الروح حاجات ضرورية لا يجوز إغفالها ، و لا الاقتصار على إحداها دون الآخر .

4 - أن الواقعية الاشتراكية تناقض التصورات الإسلامية في جميع مبادئها :
أ - فهي تبني الأدب على العامل الاقتصادي ، و نحن نرى أن الأدب ظاهرة إنسانية ضخمة لا يصح ربطها بعامل واحد .
ب - أنها توجه الأدب إلى الاهتمام بالطبقات الدنيا و حسب ..!
و نحن نريد من الأدب أن يهتم بالمجتمع كله .
جـ - أنها تفسّر الحياة وفق النظرية المادية الجدلية .. و الإسلام يرفض هذا التفسير .
د - أنها توجه الأدب إلى التبشير بالمجتمع الشيوعي ، و ترى أنه الحل الأمثل لتناقضات الأنظمة كلها .. و الإسلام يرفض المجتمع الشيوعي و يبشر بالمجتمع الإسلامي و يريد من الأدب أن يسهم في بنائه .
هـ - أنها ترفض الجانب الروحي في الإنسان ، و توجّه الأدب إلى محاربته ... و الإسلام يبني الجانب الروحي في الإنسان و لا يهمل الجانب المادي ، و يوجّه الأدب إلى تعميق صلة الإنسان بالله عز وجل ، و تعزيز إيمانه .

لذلك كله ..
فإن الواقعية الاشتراكية تناقض التصورات الإسلامية ، و تنحدر بالأدب إلى المادية و الإلحاد و دنيا الغرائز ..
و هي مرفوضة مهما تلونت أو اتخذت أسماء متغيرة .

و خلال سنوات تطبيقها الماضية ظهرت مساوئها بوضوح ..
حتى أن بعض النقاد الماركسيين هاجموا سيطرتها على الأدب و سفّهوا إنتاجها " كجورج لوكاتش " الذي كتب يقول :
( إن الأدب الذي أنتجته الواقعية الاشتراكية جدب يتميز بالجمود و ضيق الأفق )
و " كروجيه جاوروي " الذي تحوّل عن الاشتراكية كلها و اهتدى بهدي الإسلام .
آخر مواضيعي