[صقر قريش]

الوطن :الأربعاء 19 رمضان 1430هـ العدد 3267
طاش وانتهى!
عبدالرحمن الشلاش
برنامج" طاش ما طاش" والذي بلغ عمره ستة عشر عاما نكتب عنه وننتقده كونه البرنامج الأكثر جماهيرية لدى السعوديين "من البحر إلى البحر".. والبرنامج الكوميدي السعودي الأكثر متابعة من بعض إخواننا العرب.. وإبرازنا لسلبياته نابع من حرصنا على أن يقدم صورة جميلة عن مجتمعنا دون اتكاء من مسيريه على التهريج وسطحية الطرح وتقديم شخصيات مبتذلة لا تمثل المواطن السعودي بأية حال.. وعرض مشكلاتنا للعالم في سياقات ناقصة ومجتزأة أو مشوهة تعتمد فقط على الإثارة البعيدة عن الهدف. أعتبره كمتابع البرنامج الأكثر جرأة في تناول وطرح موضوعات حساسة للغاية.. إذ تمكن في بداياته من صنع إثارة غير مسبوقة.. وحشد جماهيرية طاغية.. ولفت الأنظار إلى قضايا اجتماعية مدفونة كان ينظر إليها بتعام مقصود. انتظرنا البرنامج مع مطلع رمضان الحالي وكلنا أمل في ظهور مدهش يختلف به عن أعوامه الأخيرة.. إلا أننا صدمنا بظهور باهت لا يليق بمسلسل يحظى بمتابعة جل الجماهير.. فمازال يقدم نفس الشخصيات النمطية التي سئمناها ومللنا منها.. وبمعالجة درامية سطحية تذكرنا بالمسرح المدرسي.. وكما قال زميلي الصديق محمد السحيمي"... فالرؤية الإخراجية شربة طبخت على عجل.. والسيناريو لا يعدو كونه توزيعا على النجوم.. وخلصنا عاوزين نروح".. وهذا ما ظهر في حلقة تطوير فبرغم أنها أبرزت فئة المعوقين لتطوير التعليم إلا أنها أغفلت جهود قيادات وطنية في مجال التعليم حاربت الفكر الضال ومازالت.. وأبعدت عن المراكز القيادية في الإشراف وإدارات المدارس كل من لا يؤمن بالتجديد والتطوير.. وكل من لا يضع مصلحة الوطن في طليعة أولوياته... وقضية على جانب كبير من الأهمية مثل تطوير التعليم لا يمكن ابتسارها في حلقة واحدة ولو طرحت من منظور شمولي فربما احتاجت لخمس حلقات على الأقل لكن تقديمها بصورة انتقائية حرم المشاهدين من التعرف على أبعاد المشكلة الأخرى مثل البيئة المدرسية ومستويات المعلمين وطرق التدريس وسلوكيات الطلاب وغيرها.. وقدمت بعض الحلقات في قالب تغلفه المبالغة ولدرجة تقترب من الخيال. وقد تأثر البرنامج بابتعاد نجوم كان لهم دور كبير في نجاح البرنامج في السنوات الماضية مثل فهد الحيان وخالد سامي وبشير الغنيم وغيرهم.. وتهميش يوسف الجراح.. وهيمنة الثنائي السد حان والقصبي على البطولة المطلقة لحلقات البرنامج.. ولذا فالبرنامج قد طاش وانتهى.. ويعيش حاليا على أمجاد ماضيه وارتباطه بآنية الزمان الرمضاني.. ونثره بين حين وآخر لعبق الماضي.. ورائحة الآباء والأجداد.. وإحيائه لذكريات جميلة ظلت عالقة في الذهنية السعودية فأصبح وكأنه من مستلزمات جلسة الإفطار الرمضانية لا أكثر.