الموضوع: المقال التربوي
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 02-08-2010
الصورة الرمزية صقر قريش
 
صقر قريش
مشرف الأقسام التعليمية

  صقر قريش غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2814
تـاريخ التسجيـل : 22-08-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 31,556
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 596
قوة التـرشيــــح : صقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادةصقر قريش تميز فوق العادة
افتراضي المقال التربوي

المقال التربوي المقال التربوي المقال التربوي المقال التربوي المقال التربوي

الوطن :الاثنين 24 صفر 1431 هـ العدد 3419
المعلم.. أولاً ـ وآخراً
سعد عطية الغامدي
يظل المعلم قلب العملية التعليمية وروحها وضميرها، لأنه يستقبل الطالب الذي يتلقى عنه ويرجع إليه بل ويتخذ منه أحياناً نموذجاً يستلهمه كلما طاف بخاطره طائف من شؤون الحياة، وتغدو بقية العوامل مساعدة تعطي آثاراً لكنها كالهالة التي تحيط بمصدر الإشعاع، وما لم يكن هناك إعداد رفيع وتطوير مستمر وتكريم للتميز والمتميزين فإن مصدر الإشعاع سوف يخبو، وسوف تغدو الهالة ثقباً أسود تهوي في أعماقه عقول وقلوب وأحاسيس فلا يتحقق منها في الحياة ما يصبو إليه المجتمع.
إذا كان كثير من المعلمين والمعلمات مشغولين بتحديد مستواهم ومتابعة المستوى الذي يستحقونه في ضوء النظام فإن جزءاً مهماً من وجدانهم سيظل خارج نطاق التأثير المضيء في سماء التعليم، ليس لأنهم لا يريدون أن يضيفوا من بهائهم وتألقهم بل لأن الشعور بالمرارة يطغى على مشاعرهم فيصرف عنها المصدر الذي تستلهم منه ما يجعلها قادرة على الإنتاجية العالية والإضاءة المشرقة، وحين ينظرون من حولهم لا يجدون إلا أروقة المدارس من جهة وأروقة التقاضي من جهة أخرى.
كثير من هؤلاء يذهب وقتهم وهم يلاحقون ظلال المسؤولين لعلهم يصطادون من أحدهم كلمة واحدة تشعرهم أنهم يتفهمون ما هم فيه أو ما يصبون إليه، فهم وراءهم في الزيارات وأمامهم في الرحلات وبينهم في اللقاءات، والغاية من ذلك كله ليس التعمق في فهم البيئة التي يعملون بها من أجل مستوى أفضل في تحقيق النتائج، وإنما في فك إشكالية بيئة ارتضت ــ إما بالصمت أو بالتعبير ــ الوضع الذي هم فيه، فأصبح التساؤل رفيقاً والإلحاح ملازماً .
كان ينبغي أن تقف الوزارة إلى جانبهم وتختار أن تستوعب أن التفرقة في منح المستويات خطأ وقع عليهم - بغض النظر عن المتسبب فيه - وأن واجبها يحتم عليها أن تكون العدالة مطلباً عاماً كما هو من حق الطالب والطالبة فهو أيضاً من حق المعلم والمعلمة، لأن التباين في التعيين لمن هم في نفس المجال وبنفس الدرجات العلمية بل ويعاني بعضهم من تعيينه في مناطق نائية إنما تصب في صالح أن تكون القضية قضية الوزارة لا قضية المعلم، هي تتولاها وهي تتابعها، وهي تحقق لهؤلاء ما يطمحون إليه.
لكن الجانب الآخر من إعداد المعلم وتطويره يتعلق باستثمار قدراته ومواهبه في إعداد جيل سوي سليم، وأذكر في بعض اللقاءات العامة في الولايات المتحدة استضافة تربوي كان ينادي بضرورة اختيار أفضل خريجي الثانوية العامة للتعليم والشريعة حتى يمكن أن يكون هناك قادرون على أن يتحقق لحقل التعليم ولحقل القضاء أفضل الكفاءات ذكاء وتحصيلاً وقدرات لأنهم يتناولون أخطر قضايا المجتمع على النحو الذي يحقق الفائدة : التعليم والقضاء .
رخصة المعلم تثار من حين لآخر على أساس أن يكون هناك معيار للاختيار ومعيار للاستمرار، بحيث يحدد الأول صلاحية الشخص للتعليم من حيث التحصيل والقدرات، ويحدد الثاني قدراته ورغباته في تطوير مستمر في عالم معرفي لا يكفي فيه أن يحصل شخص على مؤهل علمي ثم يترك الاطلاع والبحث والقراءة، ولا يغيب عن البال أن كثيراً من أصحاب المهن المتقدمة لن يكونوا قادرين على القيام بوظائفهم في الحد الأدنى ــ وليس عند مستوى الإتقان ــ ما لم يطلعوا على الجديد في أمر هذه المهن.
هل تقوم وزارة التربية والتعليم بما يكفي من اختيار ومتابعة للمعلم شأنها في ذلك شأن كثير من الشركات والمؤسسات التي تبذل ما تبذل في سبيل اختيار الموظف الكفء ثم في تهيئة الفرصة له للإبداع على النحو الذي يمكنه من إطلاق مواهبه وقدراته على نحو رفيع ثم تسعى في تطويره لتحقيق المزيد من التعلم والإتقان لأن المعرفة تفتح آفاق الإبداع، والمرء كما يقولون عدو ما يجهل، ثم تسعى إلى تكريم المتميزين والمبدعين وإلى الأخذ بأيدي المقصرين كي يرتقوا بأنفسهم؟!
كبار المسؤولين في الحكومات والشركات والمؤسسات المحلية والدولية كانوا ذات يوم أطفالاً صغاراً لكن أحلامهم أو أحلام كثير منهم كانت أحلاماً كباراً، وربما أتيح لبعض هؤلاء أن يكونوا تلاميذ في مدارس يقوم عليها معلمون ذوو أخلاق كبيرة جعلتهم يرسمون لهؤلاء الصغار مستقبلاً يطيرون إليه بإنجازهم ويسعون إليه باجتهادهم، وليس ببعيد أن يستحضر كل واحد من هؤلاء معلماً أو أكثر في ذهنه كل لحظة من لحظات حياته وكأنه مصدر إلهام يعينه على مواصلة العطاء.
رد مع اقتباس