[صقر قريش]

الوطن :الجمعه 3 رجب 1430هـ - 26 يونيو 2009م - العدد 3192
حتى لا يتحول مسار تطوير التعليم إلى الوهم
علي الخبتي
هذه رسالة صادقة وأمينة ومتأنية ومخلصة إلى سمو الأمير فيصل بن عبدالله آل سعود وزير التربية والتعليم الذي أنا متفائل بأنه سيحقق تطويراً حقيقياً للتعليم لاعتبارات كثيرة.. لكنني ألفت النظر هنا إلى بعض الحقائق التي أوردها بعيداً عن التنظير وسرد القصص الجميلة البليغة والمنفعلة..
سمو الأمير: لا يوجد في جهاز الوزارة بوضعها الحالي جهة تستطيع أن ترسم لك واقع التعليم على حقيقته بالشواهد والأدلة والأمثلة..يستطيع البعض أن يعطيك رؤية أو وجهة نظر أو رأياً. لا أحد يستطيع أن يعرف إلى أين يتجه التعليم لدينا. وفي ظل غياب التعرف على الوضع القائم يتفق كل العقلاء على أنه لا يمكن إحداث أي تطوير.الإشراف التربوي جهة رقابية .. تحاول أن ترصد واقع التعليم لكنها لا تملك الأدوات العلمية التي تمكنها من ذلك.. إضافة إلى أن المفهوم القائم عليه الإشراف التربوي لا يؤهله لمثل هذه الوظيفة .والأمر فيه تفاصيل كثيرة.التقويم الشامل يمتلك الأدوات العلمية التي يمكنها أن ترصد الشواهد والأمثلة والأدلة على وضع التعليم الحقيقي وهو مؤهل بكل المقاييس لرسم صورة صادقة عن التعليم لامتلاكه لكل تلك الأدوات ولأن التقويم فيه جماعي من قبل لجنة متكاملة.. والتقويم فيه شامل لجميع عناصر العملية التربوية والتعليمية بكامل عناصرها وهو يُحمِّل القائمين والعاملين في المدرسة المسؤولية بدل الوصاية القائمة عليهم في الوضع القائم . ويعد خطة عمل لتعزيز الإيجابيات ومعالجة السلبيات معززة ببرنامج عمل تحدد فيه المسؤوليات، كل مسؤول عن ماذا .. والتاريخ المحدد لمعالجة المشكلة وهل عولجت أم لا وما الأسباب..إلا أن التقويم الشامل في المكان الخطأ يجب أن يكون جهة محايدة خارج الوزارة. وليس كل العاملين فيه مؤهلين للمهمة. والطريقة وتكوين اللجان العاملة للتقويم قائمة على أساس خاطئ. والأمر أيضا فيه تفاصيل لا يتسع المقام لشرحها.إذًا الواقع أننا لا نعرف الوضع الحقيقي لتعليمنا: مشكلاته, حجمها، أسبابها, والحلول المقترحة لها. أتحدى أن يزعم أي مسؤول في الوزارة بتقديم لا قصة جميلة يعكسها تقرير بليغ لكن تقديم شواهد وأدلة وأمثلة يستخدم فيها أدوات علمية يكشف بها الوضع الحقيقي للتعليم.
هذه المشكلة الأولى.
والمشكلة الثانية :
أن محور الارتكاز في العملية التربوية والتعليمية هو المعلم وهناك العديد من المعلمين ( أيضا ليس لدينا الأدوات العلمية للتعرف عليهم من هم وكم نسبتهم) :
- من لا يرغب تطوير نفسه.
- من لا يستطيع تطوير نفسه.
- من لا نعرف المشكلة الحقيقية التي يعاني منها..لا نمتلك الأدوات العلمية لمعرفة:
- من هم المعلمون الذين يعانون من ضعف التأهيل العلمي.
- من هم المعلمون الذين يعانون من مشكلة إدارة الصف.
- من هم المعلمون الذين لا يستطيعون استيعاب التقنية المصاحبة للتعلم؟
- من هم المعلمون المتميزون الذين ثبتت جدارتهم في الميدان ويستحقون الإشادة والمكافأة؟ ومن هم المعلمون العاجزون الكسالى الخاملون الذين ينظرون إلى مهنة التعليم كوظيفة يقتاتون منها لا كرسالة تتطلب منهم الكثير من الجهد والعمل؟
والأمر أيضا فيه تفصيل.
وهناك مشكلتان تتعلقان بهذا الأمر:
الأولى: أن الدورات التدريبية تعد لكل المعلمين مثل (البرساتمول) الذي يعطي للقضاء على الألم دون معرفة مصدرة ..الأمر يتطلب تحليل احتياج يبنى عليه التعرف على المشكلات التي يعاني منها المعلمون بكل دقة وترسل كل فئة إلى برنامج محدد ويعالج بالضبط النقص الذي تعاني فيه. الثانية: أن هناك من المعلمين من لا فائدة مرجوة منهم ولا يمكن تطويرهم. وهم وبال على التعليم، لأنهم حلقات ضعيفة فيه يقاومون كل تغيير ويقضون على كل جهد وهم مضيعة للوقت. وقوة السلسلة تساوي قوة أضعف حلقة فيها. فمهما طورنا سيعملون على سحب مستوى التطوير إلى مستواهم لتنعدم فائدة التطوير ولهذا لابد من إبعادهم.نخشى على مشروع الملك عبدالله بكل أجزائه الأربعة من عدم تحقيق أهدافه لا سمح الله في ظل وجود معلمين ليسوا في مستواه. وهناك طرق كثيرة ومشرفة لهم وللوزارة للتخلص منهم والأمر يحتاج إلى قرار حاسم وجريء. لعلك تدرك يا سمو الأمير أنني هنا قد سقت وقائع ولم أسق قصة جميلة بليغة.. أسأل الله أن يكون فيها الخير والعون لكم. وفقك الله سمو الأمير وأعانك وجميع العاملين معك