الحلقة الأولى
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمدلله والصّلاة والسّلام على رسول الله
أيّها الأخوة والأخوات :
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
رحلتنا هذه المرّة ليست كالرّحلات السّابقة,ولابد أن نحسب لها ألف حساب
فالتأريخ أمامنا عظيم,والجغرافية أعظم,وأمّة التّرك أمّة من الكثرة بحيث أنّها
تنتشر من بلاد ماوراء النّهرين حتّى الأناضول,أمّة لها صولات وجولات,ومجد
سطّرته هذه الأمّة و تستحقّ عليه رفع القبّعات,كيف لا والعثمانيون من هذه
الأمّة قد حكموا من المحيط إلى المحيط,ودكّوا بلاد البيزنط , ودبّوا الرّعب في
قلوبهم وذلك بجيشهم الإنكشاري أي جيش العثمانييين,ولا تقتصر المتعة
والعجب فقط على أرضهم الجميلة ,بل تجدها كذلك في تاريخ سلاطينهم
والّذين سنأتي على ذكرهم في تقريرنا هذا المطوّل,وسنقف كثيراّ عند محمّد
الفاتح(فاتح القسطنطينية),وعند سليمان القانوني أو المشّرع,وسنقف على
قصورهم,وقلاعهم,ومساجدهم فهم حكموا باسم الإسلام ستّة قرون,ولقد
كانت مساحة أرضهم 20000000كم2 ولكنّها اليوم وبعد أن انحصرت فيما يسمى
بتركيا أصبحت هذه المساحة 800000كم2 وشتّان مابين الثّرى والثّريا,سنأتي
بمشيئة الله على ذكر نشأتها وقوّتها وعلى ذكر السّلاطين الأقوياء,ومن بعدهم
التّنابلة,ثم الخلفاء الأطفال الّذين أضاعوا بضعفهم الإمبراطوريّة العثمانيّة وحين
دخلن النّساء في شؤون الدّولة,وحين تمّرد عليهم جيشهم الإنكشاري
حتّى أصبحت هذه الإمبراطورية تسمى بالرّجل المريض ,غير أنّ القشّة التي
قصمت ظهر البعير تمثّلت في قيام الحربين الأولى والثّانية ,ووجود جمعيّة
الإتّحاد والتّرقّي والتي كان أحد أعضائها مصطفى كمال أتاترك ,هذه الجمعيّة
زجّت بالدّولة العثمانية في الحرب إلى جانب ألمانيا وحليفاتها ,وعندما
وضعت الحرب أوزارها بهزيمة ألمانيا وحليفاتها بدأت الدّول المنتصرة تسيطر
وتقسم وتستعمر تركة الدّولة العثمانية وغيرها.
سنأتي أيّها الأحبّة في الله على الحديث عن مصطفى كمال أتاترك وسنرى
فيما إذا كان له فضل على التّمسّك بتركيا اليوم بما في ذلك استانبول أمام
هذا التّقسيم الذي منح للإسرائيلين الأراضي الفلسطينية وأنّه يستحق تلك
القصيدة التي امتدحه بها أمير الشّعراء حين قال :
الله أكبرُ كم في الفتح من عجبِ = يا خالد التّرك جدّد خالد العربِ
أم أن مصطفى كما أتاترك يستحق التّثبير والنّبذ ذلك أنّه أنهى الخلافة الإسلاميّة
ونزع حجاب المرأة ,ونادى بالحرّية والعلمانيّة والأخذ بثقافة الغرب,غير أنّ مايبعث
على السّرور هو أنّ الشّعب التركي أبى على إسلامه ومذهبه السّنّي ,إنّ ثمانين
بالمئة من السّكان البالغ عددهم 80000000 مليون نسمه هم مسلمون سنّه .
سنتحدّث أيّها الأحبّة في الله عن أوزانجول السّاحرة وهي غير بعيدٍ عن طرابزون
الواقعة في الشّمال الشّرقي من تركيا ,وسنتحدّث عن بورصة ,ويلوا ,وأنطاليا
وأزمير,وبودروم.
أمّا الحديث عن حبيبة قلبي استانبول فسيكون له النّصيب الأكبر والأكبر بلا منازع
على أنّ أكثر السّياح لا يشدون الرّحال إلا إلى (استانبول,وأنطاليا,وبودرم) كيف ؟
سأذكر لكم فيما بعد.
ولكن قبل أن أبدأ في تقريري هذا يجب عليكم أن تحفظوا وعن ظهر قلب الخرائط
التّاليّة ,والتي كانت من ضمن تخطيط رحلتي إلى استانبول ,وهي خرائط يدويّة
لن تجدوا أوضح منها ولا أسهل منها حتى لو استعنتم بالعم قوقل إرث,أو بالأطالس
المختلفة,وإليكم هذه الخرائط والتي لا تحتاج إلى مزيد شرح :
إذاً هذه مجرّد توطئة للتّقرير وسنبدأ رحلتنا المصوّرة في الحلقات القادمة
دمتم بخير وعافية .
محبّكم / خلف بن عبدالعزيز الثمالي