عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 06-16-2007
 
المستعين بالله ابوعبدالله
كاتب مبدع

  المستعين بالله ابوعبدالله غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 197
تـاريخ التسجيـل : 24-11-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 820
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : المستعين بالله ابوعبدالله
افتراضي من الذكريات / الحلقة الأولى .

من الذكريات / الحلقة الأولى . من الذكريات / الحلقة الأولى . من الذكريات / الحلقة الأولى . من الذكريات / الحلقة الأولى . من الذكريات / الحلقة الأولى .

بسم الله الرحمن الرحيم

ألحمد والشكرلله , والصلاة والسلام على رسول الله , وآله وصحبه ومن والاه , وبعد :
ألزمان , عام 1379 هجريه , ألمكان , الفرعه بوادي السواعده ببلاد ثماله ,, يومها كنت صبيا لم أتجاوز السابعه , وكانت عادات قومي وطريقة معيشتهم لا زالت على أيقاعها القديم مثل ما كانت منذ قرون لم يطرأ عليها أي تغير يذكر ..
وكان ألدبى (بفتح الدال والباء) أذا حل بمجتمع رعوي وزراعي كمجتمع قومي عد واحدة من الكوارث الطبيعيه والفواجع ألأستثنائيه التي لا تنسى ويؤرخ بها الناس ,,, وما ذاك ألا لأن الدبى أذا حل بديار أحالها قفرا يبابا وقاعا صفصفا لا ترى فيها ثمارا تجنى ولا خضارا يرعى .
ألدبى الذي هو صغار الجراد قبل أن يكتمل نمو أجنحته حشرات تفترش ألأرض وتكسوها عندما تتحرك عليها مشيا وقفزا بشكل جماعي مشكلة بساطا واحدا متصلا غير منفصل لا يكاد الماشي أن يجد فيه موضعا لموطىء قدم واحدة , بساط كبير (بعرض وطول) يغطي عدة كيلومترات مربعة دفعة واحده , ولكثافة بساطه المتحرك في أتجاه واحد فلا تكاد ترى العين على ألأرض شيئا سواه وهو يدب في ازدحام شديد وحركة متواصله يغشى بعضها بعضا , وأذا أعترض طريقه سورا رفيعا أو أخدودا عميقا تراكمت ألأفواج اللاحقة على السابقة الى أن تشكل معبرا يمر من متنه اللاحقون على السابقين , لذلك كان الدبى يتكدس في ألأبار الواقعة في طريقه ويلوثها لتبقى من بعده فترة من الزمن منتنه غير صالحة لشرب أنسان ولا حيوان ..
أنه البلاء الزاحف المكون من حشرات شرهة تأكل كل نبت في طريقها حتى تمحو جل آثاره من على ألأرض ثم تتسلق ألأشجار وتأكل أوراقها والغض من أغصانها واللين من لحائها وتتركها وراءها هياكل لاتلبث أن تموت من بعدها .

وفي ما عدا الحكم الألاهيه التي لا يلم بها أحد سوى الله فليس هناك شيئا أيجابيا ظاهرا يتذكره الناس للدبى , فلا هو ذاك ألذي يؤكل كما يؤكل الجراد , ولا الذي يحل فجأة ثم يغادر بسرعة كالجراد ليخلف وراءه شيئا من الحياة النباتيه ,,, ولا هو ذاك الذي يمكن تنفيره وتطيره عن بعض الأشجار لتقليل ضرره كما يفعل الحماة مع أسراب الجراد..
كلا , فلا هذا ولا ذاك , وأنما يحل الدبى على الديارغازيا شرها بطىء الحركة ثقيل الخطا لا يخرج من ديار حل بها ألا بعد أن يفرغها من كل خضراء ويحيلها قاحلة جرداء ليبحث عن غيرها ليقتات على ما فيها الى أن يتم أكتمال نمو أجنحته ليتحول الى جراد طائر ,, أما أهل الديار فلم يكن في وسعهم بتلك ألأيام سوى ألأستسلام ومشاهدة الطوفان وهو يجتاح مزارعهم ويغمر مفالي بهائمهم والأنتظار الى أن ينكشف ما بهم ,, والمستفيد الأوحد في حدود ما أعلم بعض أصناف الطيور ألآكلة للحوم الحشرات وبعض الهوام كالأفاعي والعقارب وغيرها التي تخرج من ألأرض حالما يحل الدبى لتأكل من تلك الوجبة السهلة الوفيره ...

في ذلك الزمان(1379) وذاك المكان (الفرعه) صاح صائح من أهل المنطقه في ضحى أحد ألأيام مستصرخا ألأهالي شيبا وشبابا وصبيانا للتوجه حالا الى شعاف الجبال المطلة من الفرعة على أعالي شعاب النعامة واليسراء المنحدرة من قمم جبال الفرعة الى وادي عورش لأعتراض مقدمة الدبى الذي كان يسير بصعوبة متناهية لأرتقاء الجبال التي تطل رؤوسها من تهامة على شفا الفرعه ومحاولة صده لينكفىء ويعود على أعقابه من حيث أتى الى وادي عورش ووادي علق خلال المنحدرات الوعرة التي يسهل منها صده قبل أن يصل الى ألأرض ألأكثر أنفتاحا والأقل وعورة في الفرعه..

في ذلك اليوم شاهدت لأول وآخر مرة في حياتي طوفان الدبى وهو يلحف الأرض على مدى أمتداد البصر, ولوعورة المنطقة التي كان يحاول صعودها فقد كان لبساط الدبى ما يشبه رؤوس ألأسهم في أماكن متعدده من مقدمة البساط حيث قام الناس (صغارا وكبارا) يومها بأعتراضها وهشها ونشها بالعمائم والشجيرات لينكفىء وينحدرمن حيث أتى خلال منحدرات حاده شديدة الميول تتجهة الى أودية تهامه , وكان عندما نتصدى لمقدماته تنكفيء الى الوراء وينكفىء تبعا لها بقية البساط في منظر يذكرني بتكسر أمواج ألمياه ..

وبعد عناء كبير وساعات طوال تمكن المعترضون بمساعدة الهيئآت الطبيعيه من تغير أتجاه الدبى وعودته الى تهامه , وكان ذلك المشهد الفريد هو آخرمنظر تشاهده عينا المستعين بالله , أما أسراب الجراد الضخمه التي تحجب جزءا من أشعة الشمس لكثافتها فقد تكررت مشاهدتها بعد تلك الذكرى بسنوات قليله قبل أن تتعزز وسائل مكافحة أسراب الجراد , ثم أسدل الستار على تلك الظواهر الطبيعية ولم أشاهدها مرة أخرى مما يجعل الذاكرة تستحضر الحديث الذي جاء في معناه أن أمة الجراد أول ألأمم هلاكا , (1)..

فهل بدأ العد ألتنازلي للأمم الذي تضمنه الحديث ؟, علم ذلك عند علام الغيوب , ولكن الشواهد تجعلني ممن يميل الى هذا ألأعتقاد ..

سبحانك اللهم وبحمدك ,أشهد أن لا أله ألا أنت , أستغفرك اللهم وأتوب أليك .
رد مع اقتباس