عرض مشاركة واحدة
قديم 06-17-2007   رقم المشاركة : ( 8 )
المستعين بالله ابوعبدالله
كاتب مبدع


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 197
تـاريخ التسجيـل : 24-11-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 820
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : المستعين بالله ابوعبدالله


المستعين بالله ابوعبدالله غير متواجد حالياً

افتراضي رد : من الذكريات / الحلقة الأولى .

نبذة عن الجراد
جاء في المعجم الوسيط (باب جَرَدَ): جرده ـ جرداً : قشره وأزال ما عليه.
ويقال: جرده من ثوبه: عرّاه. وجرد الجلد: نزع عنه الشعر، وجرد الجراد الأرض: أكل ما عليها من النبات فلم يبقِ منه شيئاً. وجرد القحط الأرض : أذهب نباتها. وجرد السيف من غمده: سلّه. وجرد القطن: حلجهُ. جرد المكان : خلا من النبات، فهو أجرد، وجرد، وجرد. وأرض جردة وجرداء. جرد الرجل: شرى جلده من أكله الجراد، فهو جرد. جرد الرجال: اشتكى بطنه من أكل الجراد. جُرد الزرع : أصابه الجراد، فهو مجرود، ويقال أرضٌ مجرودة : كثيرة الجراد.
الجراد(Locusts) يشترك مع النطاطات (Grasshoppers) في الانتساب إلى فصيلة الجراديات (Acridiidae) وهي التابعة لرتبة الحشرات مستقيمة الأجنحة (Orthoptere) في عالم الحشرات.
وتضم فصيلة أكريديدي أي الجراديات الكثير من أنواع الجراد والنطاطات التي تلحق الضرر بالمزروعات وتدمر الحاصلات الزراعية، سواء كان ذلك في قارة أفريقيا أم في قارة آسيا أم في مناطق أخرى من العالم، وعلى وجه الخصوص الجراد الصحراوي، وتنشر من الجراد أنواع مختلفة في مناطق متفرقة من العالم، منها على سبيل المثال:
الجراد الصحراوي (الرّحال) Schistocerca gregaria
الجراد الآسيوي المهاجرLocusta migratoria migratoria
الجراد الإفريقي المهاجرLocusta migratoria migratorioides
الجراد المصريAnacidium aegyptim
الجراد الأحمر Nomadacris septemfasciata
ويتكون جسم الجرادة من رأس وصدر وبطن، أما الرأس فيغلفها جلُيد سميك متصلب يسمى علبة الرأس (Head capsule)، وتوجد بها العيون المركبة والعيون البسيطة وقرناً الاستشعار (الزباني) وأجزاء الفم القاضمة. وتتكون علبة الرأس من مساحات تفصلها عن بعضها البعض حزوز أو دروز (Sutures)، وهي الجبة والدرقة والجداريّات والوجنة.
وأما الصدر فيتصل بالرأس عن طريق العنق، ويتكون من ثلاث عقل أو شدف، تحمل كل منها زوجاً من الأرجل المجهرية للمشي والوثب العالى.
أما الشدفة الصدرية الثانية والشدفة الصدرية الثالثة فيحمل كل منها زوجاً من الأجنحة الغشائية الواسعة المساحة.
وهي التي تتصل بالصدر عن طريق دواعم.
ويتحرك الجناحان بعضلات قوية ترفوف بقوة تمكن الجراد من الطيران لمسافات طويلة تقطع خلالها مسافات شاسعة.
أما دودة حياة الجراد فإنه يتكاثر في أجيال متعاقبة، وفي العادة يبدأ الجيل بوضع البيض وينتهي بقيام الإناث البوالغ بوضع البيض لإنتاج جيل جديد لاحق. ومن المعروف في الجراد أن البيض الموضوع يفقس لتخرج منه حوريات (NymphS)، وهي التي سماها الجاحظ والدميري وغيرها " دبا " أو " دبى " وهذه تضطر للقيام بعمليات انسلاخ (Moulting) حتى تتمكن من النمو والازدياد في الحجم، والوصول إلى الشكل اليافع في حياتها، وهذه العملية العامة التي تسمى " التحول "(****morphosis).
للجراد الصحراوي مظاهر ثلاثة في حياته، المظهر التجميعي (Migratory Phase) وهو الذي يتجمع ويطير في أسراب ويهاجر ويسبب الخسائر الأقتصادية للناس، المظهر الانعزالي أو الأنفرادي(Solitary Phase)، وهذا لا يهاجر لأنه لا يتجمع ولا يكون أسراباً، ومن ثم فأضراره الاقتصادية أقل بكثير من أضرار المظهر السابق.
لكنه يمثل الخامة الأولية التي منها يتشكل أو يتكون أو ينتج المظهر التجميعي، وهذه مرحلة أو مظهر انتقالي يسمى المظهر التحولي (Transition Phase).
ولأطوار الجراد في دورة حياته أسماء عديدة ـ نرجع إلى علماء التراث العلمي لنتعرف عليها ـ وأشهرها : الدّبي : (بتشديد الدال وتخفيفها، وإبدال الياء ألفا أحياناً)، وهو أول ما يفقس من البيض، ومفرده (دباة)، وأرض مدببة أي كثير الدّبي . الجنادب: ومفردها (جندب) وهو حوريات منسلخة من الدبى.
الكتفان : ومفردها : كُتفانة. ويقول الدميري في كتابه (حياة الحيوان الكبرى) : هو الجراد أول ما يطير، وقد يكون هو الجراد بعد الغوغاء. وقيل أن أول الجراد السرء (أي البيض) ثم الدبى ثم الغوغاء ثم الكتفان. خَيفان: ومفردها خيفانة. وغوغاء : ومفردها غوغاءة وغوغاة.
فإذا هزلت الجرادة سميت حرشوف، وقد شبهت خولة بنت ثعلبة زوجها أوس بن الصامت بالحرشاف (أو الحرشوف)، وهي الجرادة الهزيلة الكثيرة الأكل. وقد وجدنا عند الجاحظ في كتابه الموسوعي (الحيوان) أن صوت الجراد هو الصوصأة.
انتشار الجراد وأسرابه وغاراته :
تكمن خطورة الجراد الصحراوي في قدرته على الترحل والقيام برحلات الهجرة والطيران التي تقطع فيها مسافات شاسعة، وكذلك اقتداره التكاثري (Reproductive potential) في أجواء مختلفة حيث ينتشر في مناطق تضم أربعاً وستين دولة هي معظم دول إفريقيا حول خط الاستواء، وفي آسيا تشمل الدول شبه الجزيرة العربية وفلسطين ولبنان وسوريا وتركيا والعراق وإيران وأفغانستان وباكستان والهند وحدود ما كان يسمى " الأتحاد السوفيتي" المتاخمة لأفغانستان وإيران وتركيا.

صورة لأحد أسراب الجراد وهو في حالة انتشار
مناطق التكاثر الموسمية للجراد الصحراوي:
تشمل هذه المناطق ما يلي :
1. منطقة التكاثر الصيفي :وتضم الهند والباكستان واليمن وعدن وإثيوبيا والسودان وتشاد والنيجر ونيجيريا وموريتانيا ومالي والسنغال.
2. منطقة التكاثر الشتوي :وتضم شبه جزيرة الصومال وشواطئ البحر الأحمر لليمن والسعودية وأريتريا والسودان ومصر وعمان وساحل إيران على الخليج العربي.
3. منطقة التكاثر الربيعي :وتشمل بلاد شمال إفريقيا والشرق الأوسط وإيران وأفغانستان وغرب الباكستان والحدود الجنوبية لما كان يمسى " الاتحاد السوفيتي " وشبه جزيرة الصومال.
تخرج أسراب الجراد من مناطق التكاثر المذكورة، وتعود إليها، بقصد المحافظة على النوع، مع اختلافات الظروف البيئة، وأهم ما يؤثر على مصر هو الأسراب الناتجة من مناطق التكاثر الصيفي بشرق إفريقيا وخاصة إثيوبيا والصومال واريتريا والسودان ـ وكذلك الأسراب الناتجة من المناطق الشرقية من الهند والباكستان وإيران والمملكة العربية السعودية حيث تهاجر الأسراب من هذه المناطق إلى منطقة الشرق الأوسط.
حينما يلاحظ المرء تحرُّك أسراب الجراد الصحراوي في منطقة من مناطق انتشاره، يعرف أن هناك غزوة أو غارة جراد تنذر بالكارثة، أما إذا لم ير المرء أسراب في تلك المناطق فإنه يطلق على هذه الحالة " تراجع " أو " انحسار" أو " سكون " الغزوات .
ويلاحظ أنه لا توجد فترات سكون أو دورات منتظمة للغارات، وبذلك لا يتمكن المراقبون من الاستعانة بتاريخ الغارة السابقة في التنبؤ بالتطورات المتوقعة للغارات المستقبلة.
وقد يستمر التكاثر المحدود للجراد الصحراوي عدداً من السنوات في إحدى مناطق التكاثر الموسمي دون أن يخرج منها أسراب، بينما في منطقة أخرى قد تتزايد أعداد الجراد فيها بشكل سريع. وتتكاثف الحشرات وتتكون الأسراب، وتعرف هذه المناطق بالمنابت الأصلية للجراد، وهذه المنابت الأصلية لا تتصف بأنها دائمة بل هي مؤقتة، تتغير من وقت لآخر في مناطق انتشاره.
كيف نتفادى أسراب الجراد ؟
تكمن كوارث الجراد ـ كما أشرنا آنفاً ـ في قدراته التجمعية وتكوينه للأسراب المهاجرة، ومن هنا فإننا إذا استطعنا منع أو إيقاف هذا التجمع أو أعقنا عملية تكوين الأسراب، خصوصاً عملية تحول الجراد من المظهر الانعزالي إلى المظهر التجمعي، فإننا نقي البلاد من الغارات والكوارث منذ لحظة منشئها بدلا من انتظار مجيء الأسراب إلينا ثم نقوم بمكافحتها.
وللوصول إلى هذا الهدف لابد من الإلمام الكامل بمواطن التكاثر والانتشار التي يوجد فيها المظهر الانعزالي للجراد، ومنها سواحل البحر الأحمر ومصر والسودان والمملكة العربية السعودية، وهي مناطق تعد بحق مخازن طبيعية للجراد الانعزالي، وقد قلنا من قبل إنها الخامة الأولية لنشأة أسراب الجراد المهاجر، ومن هنا تبرز خطورته، أي الجراد الانعزالي.
وعلى الرغم من صعوبة تحديد المنابت الأصلية للجراد الصحراوي، إلا أنه يمكن تحديد الأماكن التي تعتبر مناسبة لتكاثره، وهي التي يجب وضعها تحت الملاحظات المستمرة .
قدرات الجراد على الطيران:
يستطيع الجراد أن يطير لمسافات بعيدة، فتقطع الجرادة الواحدة مائة كيلومتر في اليوم الواحد (وثلاثمائة وخمسين كيلومتراً في الشهر) وذلك بما لديها من قدرة عضلية تمكنها من الرفرفة بالجناحين لمدة تتراوح ما بين ست وست عشرة ساعة، وهي قدرة تساعدها على اجتياز الموانع المائية والطبوغرافية .
وبدراسة قدرة عضلات الطيران في الجراد، وجد أنها تعمل بكفاءة تفوق كفاءة عضلات الحركة في الإنسان بنحو ثماني مرات(إذا أخذنا في الاعتبار الفرق في الحجم) فإذا علمنا هذه القدرة الهائلة على الطيران لساعات طويلة أثناء النهار، فمن أين لهذه العضلات أن تأتي بالطاقة المطلوبة لهذا النشاط؟ تأتيها هذه الطاقة من عمليات أيض (****bolism)المواد النشوية داخل خلايا الجسم، فإذا نفد ما لديها من مخزون النشا تبدأ في استنزاف احتياجاتها من مخزون الدهن الموجود بها، فهو الذي يمدها بالطاقة اللازمة لقطع مسافات طويلة في الطيران.
تكوين وتوزيع وتنظيم الأسراب المهاجرة:
من المعروف أن أسراب الجراد الطائرة في الهواء تحط ليلا على النباتات وتجثم على الأشجار لتلتهم كميات من الغذاء الأخضر تعينها على استئناف الرحلة في صبيحة اليوم التالي.
حينما تشرق الشمس صباحاً تشعر أفراد السرب الجاثمة على النباتات بالدفء فتبدأ في هز أجنحتها، ثم تطير أفراد منه متنقلة في مسافات محدودة داخل منطقة الانتشار، وحينما تزداد حرارة الجو تبدأ تيارات الحمل فيه تتجه إلى أعلى حاملة معها مجموعات من سرب الجراد، وهكذا يرى السرب معلقاً في جو منطقة الانتشار، بينما تظل المجموعات الأخرى من السرب في حالة جثوم، وهي المجموعات التي تمثل مؤخرة السرب فلا تطير إلا بعد أن يأخذ السرب وجهته، وهذا السلوك يتيح لمؤخرة السرب أن تتناول كميات أخرى من الغذاء، ثم لا تلبث أن تحلق في الهواء لتلحق بمقدم السرب، وهو الذي تهبط أفراده فوق ما تراه من كساء أخضر على سطح الأرض، بقصد التهام كميات منه، بينما لا تزال المؤخرة في الهواء ولم تهبط بعد، وهكذا تهبط المقدمة قبل المؤخرة، ثم تصعد المؤخرة بعد المقدمة، فيبدو السرب في حلقات متصلة دون استقرار كامل في الجو.
وعند توفر درجة الحرارة الجوية الملائمة (23 ـ 40م) فإن السرب يظهر كاملاً وبشكل واضح التنظيم في الجو.
صورة لسرب جراد أفريقي وهو ينتشر
ويوجد من الأسراب الطائرة نوعان:
1. Stratiform swarmالسرب الطبقي():ويرى عادة في ظروف جوية غائمة أو متأخرا بعد الظهر حين يبرد سطح الأرض وتنتهي تيارات الحمل المتنقلة. وهذا النوع من الأسراب يظهر في شكل مساحة مسطحة مكونة من أفراد الجراد المتراصة. ويطير هذا النوع على ارتفاعات قليلة لا تزيد على (200) متر من سطح الأرض.
2. السرب الركامي (Cumuliform swarm) :يرى في أكثر ساعات النهار في ظروف تسودها الشمس الساطعة، وتتراكم أفراده فوق بعضها في الجو فتشكل ما يشبه البرج. وغالباً ما يطير هذا النوع من الأسراب على ارتفاعات شاهقة تصل أحياناً إلى (1000) متر من سطح الأرض وتساعدها في ذلك تيارات الحمل المتنقلة، وتظهر في السرب تغيرات مستمرة بالنسبة لكثافة أجزائه المختلفة أثناء الطيران.

أما عن توزيع الأفراد داخل السرب، فيتميز النوع الأول المذكور سابقاً بأن الكثافة العددية لأفراد كبيرة [2] أما النوع الثاني فكثافة توزيع أفراده قليلة جداً [3] حتى يمكنها أن تملأ حدود السرب المنتشر إلى أعلى .
وإنه لمن المدهش أن تعرف أن طلائع السرب إذا شعرت بين الحين والآخر أن مؤخرة السرب قد بعدت عن مقدمته وكاد السرب يتمزق شمله وتشتت أجزاؤه، فإن المقدمة ـ أو الطلائع ـ تبطئ من حركتها حتى يتمكن المتأخرون عنها من اللحاق بها والالتحام بالسرب، وبهذا يحتفظ السرب دائماً بشكله وانتظامه، ولا يمكن لأية جرادة أن تنفر من السرب وتخرج بعيداً عن إطاره العام، فإذا حدث ذلك أسرعت بالدخول ثانية في الجماعة.
أما سرعة التقدم إلى الأمام، فإنها لا تزيد عن نصف سرعة الريح المواتية والمصاحبة له، وذلك لعدم استمرار طيران السرب حيث أنه يتوقف مرات عديدة في طريق الهجرة خصوصاً مع دخول الليل كل يوم من أيام الرحلة، ولكن إذا فرض أن السرب يواصل طيرانه بلا توقف فإن سرعته حينئذ تكون مساوية لسرعة الريح المواتية، وهذا ما لم يحدث.
كيف يحصل الجراد على حاجته من الماء أثناء رحلة الهجرة؟
يمكن للجراد المهاجر أن يقطع مسافة تبلغ آلاف الكيومترات خلال ثلاث أسابيع وفي عام 1956م لوحظ أن الجراد الحاج هو الأكثر قدرة على التحليق من أي نوع آخر، ولمسافات بعيدة، فلقد تمكن من عبور البحر المسافة 500كيلو متر للوصول إلى جزيرة Cap vertوطالما تم التساؤل حول الكيفية التي يستطيع بها الجراد قطع مسافة شاسعة من الصحراء دون ماء، والحقيقة أنه من خلال الدراسات تم التواصل إلى أن الجراد يقوم بهضم السليولوز (Cellulose) الذي يعثر عليه في الأدغال اليابسة ويحلله إلى مادة دهنية تحتوي الهيدروجين، وعندما تدخل تلك الدهنيات في الدم، وتحصل عملية الاحتراق بواسطة الأوكسجين خلال الطيران، يتحرر ماء بمعدل (7) ملليجرامات من كل (10) مليجرامات دهون. وهذا يسمى فسيولوجيا " الماء الأيضي" وهذه عملية تدل على المرونة الفزيولوجية لهذا النوع من الجراد، فقد واجه اختفاء الماء في الصحراء بإنتاج ما يحتاج إليه بطريقة كيميائية.
وبعد فهذه كانت محاولة متواضعة لإجلاء وجه من وجوه الإعجاز العلمي لآية قرآنية، شبه الله فيها انتشار الناس يوم البعث وتحركهم نحو ربهم للعرض عليه، بالجراد في انتشاره وتحرك أسرابه وتقدمها في أجواء الفضاء وهي صورة تشبيهية لتقريب المقصود، كما أننا قدمنا للقارئ جرعة علمية تناسب الهدف من الموضوع، والله سبحانه أعلى وأعلم...
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس