عرض مشاركة واحدة
قديم 12-21-2009   رقم المشاركة : ( 9 )
ابن ابي محمد
ذهبي


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 563
تـاريخ التسجيـل : 25-07-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 1,185
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : ابن ابي محمد


ابن ابي محمد غير متواجد حالياً

افتراضي رد: أحباب الأرض أحباب الله

أخي الكريم الحارث بن همام :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , وجزاك الله خيرا على هذا الموضوع التوعوي للحفاظ على البيئة , والذي من الواضح أنه موجه للقراء بمجتمعنا المحلي , من الشريحة التي لا تكترث برمي النفايات بأي مكان كان وكيفما كان, وبعد :
المشكلة لدينا مشكلة ثقافة , ولتوضيح ذلك أسمح لي يا شيخنا أن لا أقتصر على من عنيت , فقد كتب الله لي أن أعيش فترة من العمر تعد ببضع سنين جارا للذين كفروا من أهل الكتاب , ومن غير أهل الكتاب .
ووجدت فيما وجدت بينهم حسنا للجوار , وهذا ليس موضوعنا , ووجدت فيهم حرصا على الحفاظ على البيئة , وشعورا بمسئؤلية جماعية عنها .
وجدتهم في هذا الجانب يتحلون ببعض ما نسيه المسلمون أو تناسوه مما حثنا عليه ديننا من المحافظة على البيئه والنظافة العامه .
أقول قولي هذا أمتثالا لقوله تعالى , ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا , أعدلوا هو أقرب للتقوى .
علما أن شنآني ليس لشعوب أهل تلك الديار الطيبين أجمالا , المنفتحين على غيرهم , المتعطشين للهدى فيما لو وجدوا أمة راشدة يقتدى بها في سلوكها ويهتدى بها في نهجها .
وأنما شنآني بعد تجربة ومعايشة , أصبح مقصورا على المؤسسات التي تدير سياسات تلك ألأوطان بخبث متناهي تجاه ألأمم الأخرى .
لقد تشرب القوم هناك بعضا مما تركناه من ثقافتنا ألأسلامية , فأصبحوا يعيشون كأفراد وأسر بسلام مع البيئة من حولهم , فالشجر والحجر والحيوان هناك , في مأمن من ألأذى طوعا قبل أن يكون كرها .
تعشش الطيور الى جانب نوافذ بيوتهم , وترعى الأرانب والسناجب والغزلان والبط في حدائق دورهم , فلا يؤذيها صغارهم فضلا عن كبارهم.
يحافظون على النظافة العامة ويضعون كل مخلفاتهم المنزلية في أوعية بلاستيكية بحاويات أمام بيوتهم لمرتين أو ثلاث في ألأسبوع .
الزجاج بأوعية بلاستيكية منفصله , وكذلك ورق الجرائد والكتب والمجلات والمعادن , كل نوع على حده , وما أقل نفايات القوم ومخلفاتهم في تلك الديار, فقل أن تلاحظ آثار ألأسراف وقلة التدبير المنزلي .
وهم عندما يتخلصون من نفاياتهم , لا يخرجونها الى خارج منازلهم ألا بحاوياتها المحكمة ألأغلاق قبل سويعات من مجيىء شاحنات نقلها , وكل ذلك الجهد المنظم المنضبط توقيتا وتغليفا ونقلا على حسابهم الخاص .
ومن يلقي بأي شيء من مخلفاته بجوار سكنه او في الشارع , أو يضعها بحاويات دون تغليف (تكيس) قلت أو كثرت , أو يترك عشب الحديقة المحيطة بالمنزل وأزهارها دون قص وتقليم وتشذيب وري , مصيره الترحيل أن عاجلا أو آجلا من الحي بسبب شكاوي المجاورين حتى قبل أن تتنبه وتتدخل الجهات الرسمية المعنية بالنظافه , ومصيرالمخالف عند بحثه عن أي مسكن جديد , هو الرفض بالأحياء الراقيه, بسبب سوء السمعة التي تسجل عليه حالما يرتكب أي مخالفه .
وهذا حالهم في ألأماكن العامة , لا يتركون مخلفاتهم , ولا يتلفون ما يجدونه أمامهم .
أتذكر أن أحد السعوديين رأى ثعبانا يتجول في حديقة البيت الذي كان يسكنه فسارع بقتله , فتعرض للمساءلة والتأنيب من المجاورين بعد أن أنذروه بعدم تكرار فعلته , وأعطوه درسا لا يعطى في بلادهم سوى للأطفال , أفهموه فيه أن الثعبان كائن يحافظ على التوازن الطبيعي ويقضي على طفرة القوارض المؤذيه (الفئران).
والأهم , أن القوم عندما يخططون لتحويل جزء من الغابة لمجمع سكني لحاجة ماسه , لا يقطعون من ألأشجار ألا ما تستدعي الحاجة لقطعه , ولا يجرفون التربة سوى ما كان تحت الطرق أو المبانى والمنشآت مباشرة , ويبقى الميول الى جوار جدران المبانى والطرق مباشرة على هيئته الطبيعية , وتبقى الحدائق المحيطة بالمنازل على هيئتها دون تغير أو تجريف سوى قطع المضر من أشجارها .
والأهم من المهم , أن لا تقام أي منشآت بأي مكان كان , مالم تجهز البنى التحتيه كاملة التي من بينها (تمديدات الصرف الصحي , تمديدات المياه , تمديدات ألأتصالات , تمديدات الكهرباء , تمديدات الغاز , تمديدات كيابل التلفزه , وغيرها) , وما أستلمته شبكات الصرف الصحي تستقبله محطات التنقيه , لتنقيته قبل خروجه الى ألأنهار والمياه الجوفيه .
أما تخطيط المجمعات السكنية بدون صرف صحي , وترك سكانها ليعتمدوا على البيارات أكرمكم الله , فتلك جريمة لا تغتفر , لأن تلك تعد أم الكبائر في التلف البيئي , فبسببها تتلف وتتسمم التربة والمياه الجوفية , ويمتد ضرر هذا التجاوز البيئي الفادح لأجيال بعد تصحيحه , لأن التربة أذا تشبعت بالسموم والكيماويات كما هو الحال بمدننا , قد تحتاج لعشرات أو مئآت السنين حتى تتخلص مما تشبعت به عندما غابت بنى الصرف الصحي والتنقية منذ البدايه , بل أن القوم يمنعون وضع موتاهم في قبورهم دون حاويات حافظة لمنع تسرب مخلفات تحلل الأجسام للتربة والمياه الجوفيه .
وفي عاصمة الضباب (لندن) التي كانت يوما ما من تاريخها لا يرى فيها حتى أعقاب السجائر , تلك المدينة عندما غزاها ألأعراب في بداية الطفرة بأوائل الثمانينيات من القرن الهجري الماضي , رأيت بنفسي بتلك الفترة ألشوارع التي سكنوها وقد تحولت الى شارع عربي في مدينة عربيه غير محترمه , تشاهد النفايات مكدسة , وتشاهد الرياح تتلاعب بالأوراق وأكياس البلاستك في شوارعها ,, بل أن السير على الرصيف بأماكن سكنى العرب أصبح غير مأمون بسبب المقذوفات التي تخرج من نوافذ ألأدوار العليا , وبذلك تسببوا في أساءة السمعة , ورحيل كثير من سكان المنطقة ألأصليين , وتدني أسعار العقار بها ..
أنها ثقافة غير أسلامية , لكنها موجودة في مجتمع وديار المسلمين , وأبطالها مسلمون , ثقافة خليط من ألأنانية وتخلف الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة , وقبل ذلك هي ثقافة لا تتخلق بأخلاق ألأسلام والمسلمين الصحيحه , المسلمون الذين يصلحون في ألأرض ولا يفسدون.
وهي الثقافة نفسها التي سمحت لأصحابها بأن يسمحوا للشركات الصناعية ألأجنبية بأن تحول أجزاء من بلادهم وسواحلهم الى مقبرة للنفايات النووية والكيماوية التي يظل ضررها على البيئة آلاف وملايين السنين مقابل دراهم معدودة , وكانوا فيها وفي أوطانهم وأماناتهم , وما يظن بهم من الأخلاق والشيم من الزاهدين , وشكرا ....
آخر مواضيعي

التعديل الأخير تم بواسطة ابن ابي محمد ; 12-21-2009 الساعة 12:44 AM
  رد مع اقتباس