[صقر قريش]

معلمة مستبعدة من الترشيح سعوديتي إثبات إقامتي

د. مطلق سعود المطيري
إذا صدر القرار يجب أن يحترم ، ومن أشكال احترام القرار التقيد بمقتضاه ، والقبول بسلطته رضى أم إكراه ، ومن آلية تنفيذه يستمد هيبته ، نظام يمشي على الكبير قبل الصغير – واحيانا بالعكس- ومن مجموعة القرارات والتعليمات الموجهة يتشكل النظام الذي به يستقيم أمر العباد وتطيب معيشتهم ، هذا بعض الفهم عن حال القرار ، وماذا عن صانع القرار الذي يجلس امام ماكينة إنتاج رهيبة تخرج منها بعض المرات معاناة ومرات بشائر وفي بعض الحالات يثبت الكل الكل او يلغي بعضه بعضه ، إن حسن رأي الصانع حسن القرار ، وإن التبس خاب رجاء من انتظر فضائله ، والأكيد أن انحراف القرار عن مصلحة لم يأت أبدا عن عمد ، بل يأتي من قاعدة"كل ابن آدم خطاء" ولا يجد خطأ مطلقا ولا صوابا مطلقا ، وللاعتبارات ظروف وللظروف اعتبارات ، والتغير هو الشيء الثابت في حال القرارات التي تمس حياة الناس ، وإلا صرنا أمام شعيرة مقدسة الايمان بتخليدها عبادة ، وليس أمام قرار يتعلق بظروف الحياة المتغيرة .
وبعد هذا نأتي لقرار اللجنة المشكلة من عدة جهات التي صاغت قرار استبعاد المرشحات على وظائف تعليمية بسبب عدم استكمال مصوغات التعيين ، وهي في هذا القرار عدم وجود إثبات إقامة في منطقة أو مدينة الوظيفة الشاغرة ، نستسمح اللجنة الموقرة مناقشة أهم اعتبارات قرار الاستبعاد وظروفه ومنها :
1 – حوادث السير وتعرض المعلمات للخطر بسبب حركة الانتقال .
2 – الزيادة في طلبات النقل من منطقة الى منطقة .
ولعل هذين الاعتبارين هما الابرز في صياغة قرار الاستبعاد ، ولكن ماذا عن الظروف وتغيراتها والتي منها :
1 – ان الواقع يؤكد ان الكل معرض لخطر الطريق ، وهذا أمر يتم الحد من خطورته بمراعاة شروط السلامة المرورية ومن المستحيل منع عملية الانتقال ذاتها .
2 – صعوبة وقف طلبات النقل بسبب تغير ظروف الحياة ، قد تتزوج المعلمة زوجا من مدينة غير مدينتها ، او قد يتغير مكان اقامة ولي الامر بسبب ظروف العمل والحياة .
كما ان هناك اعتبارات حضارية وانسانية وايضا وطنية اقدمها بين يدي اعضاء اللجنة الموقرة :
1 – هل يعقل ان المبتعثة للخارج التي اقامت على بعد مسافات فلكية من خارطتنا الوطنية ، والذي جعل قرار خادم الحرمين الشريفين-ايده الله- كل ارض في العالم يوجد بها معرفة مفيدة مكانا لإقامتها ، ان تطالب عند تعيينها باثبات إقامة في بلدها؟! .
2 – هل قرار الاستبعاد خاص بالمعلمات بالمدارس ام ان القرار يشمل ايضا المعلمات في كليات التربية ام ان وضع المرأة لدينا يتغير مع تغير درجتها؟! .
وبعد مناقشة هذه الابعاد والاعتبارات ، هل نستطيع ان نمنع الفتاة السعودية التي تتطلع لخدمة بلادها في كل شبر من جغرافيته ان تغني "وطني الحبيب وهل احب سواه" وان استطاع القرار منعها وجعل انتماءها يتوقف عن حدود منطقتها ، هل نملك الحق في فرض شرط اثبات الاقامة عليها عند سعيها للحصول على فرصة عمل خارج الحدود في الدول المجاورة ، ام نسمع عن قريب قرارا يقول لها : سعوديتك هي إثبات إقامتك.