بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الحلقة الثالثة من خطاب البهائم ، وللحديث بقية :
تقول ثمالة : ( إخ ) لدعاء الجمل ليبرك .
وتقول : ( سِيْ سِيْ سِيْ ) لدعاء المعز للشرب أو نحوه .
وتقول : ( عَلَهْ عَلَهْ ) للكلب إذا أرادت أن تغريه بالهجوم على عدو كذئب أو نحوه .
وتقول : ( دُك ) لزجر الدجاج .
قلت : هذا كله صحيح ، فقولهم ( إخ ) للجمل صحيحة ، . ففي اللغة : إخ : زجر البعير ليبرك . قال في اللسان :
وإِخْ بالكسر : صَوتُ إِناخَةِ الجَمَلِ ولا فِعلَ له .
أما ( سِي سِي ) للماعز فالذي في كتب اللغة هو ( سأ سأ ) وهو للحمار لزجره وقيل لدعائه ،
قال في اللسان عن الليث : السَّأْسَأَةُ من قولك : سَأْسَأْتُ بالحِمار إِذا زَجَرْتَه ليَمْضِيَ ، وقال
غيره : سَأْسَأ : زَجَرَ الحمار ليَحْتَبِسَ أَو يَشْرَبَ . وقيل هو للشرب خاصة ، جاء في العباب : وقال الأحمر :
سَأْسَأْتُ بالحمار : إذا دعوته ليشرب وقلت له : سَأْ سَأ . وفي المَثَلِ : قَرِّبِ الحمارَ من الرَدْهَةِ ، ولا تقل له : سَأْ .
لكن ورد في المحيط لابن عباد قوله : والسأْسَأَة : من قَوْلِكَ للشّاءِ : سَأْ سَأْ ؛ لِتَحْتَبِسَ . فلم يجعلها خاصة بالحمار ،
والشاة في اللغة تشمل الضأن والمعز ، وعليه فاستخدام ثمالة لهذا اللفظ للمعز استخدام له أصل في اللغة .
أما ( عَلَهْ عَلَه ) لإشلاء الكلب ، فلم أقرأه في كتب اللغة ، إلا أنه استعمال صحيح ، فأصله : ( عليك )
فحرف الجر( على ) يأتي على صور ، منها اسم الفعل : ( عليك ) فـ ( عَلَهْ عَلَهْ ) أصلها ( عليك عليك )
فهي إغراء للكلب للهجوم على العدو . قال في اللسان : عَلَيْكَ : من أَسماء الفعل المُغْرى به ، تقول : عَلَيْك زيداً ،
أَي : خُذْه ، وعَلَيكَ بزيد كذلك ، وهو اسمٌ للفعل بمعنى خذ . قال ابن جني : ليس زيداً من قولك : عَلَيْك زيداً منصوباً
بخُذ الذي دلت عليه عَليْك ، إِنما هو منصوبٌ بنفسِ عَليْك ، من حيث كان اسماً لفعلٍ متعدٍّ .
وقولهم : ( دُك ) للدجاج صحيح أيضاً ، وقد نقلها صاحب القاموس قال : ( دِكْ دِكْ ) بالكسر : زَجْرٌ لَها .
قلت : ثمالة تقول : ( دُك دُك ) بالضم . وفي اللغة أيضاً ( دِج ) لزجر الدجاج أيضاً ،
وفي اللسان : دِجْ دِجْ : دعاؤك بالدَّجاجة. قال : ودَجْدَجَ بالدُّجاجة : صاح بها فقال : دِجْ دِجْ .
قلت : ( دِج ) لفظ أشتق من اسم ( الدجاجة ) ولم أسمعه في ثمالة ، حيث المستخدم هو ( دُك ) وهو لفظ مشتق
من اسم ( الديك ) كما هو ظاهر ، مع ملاحظة أن اسم الديك يطلق في اللغة على الدجاجة ، فيصح في اللغة أن تقول
للدجاجة : ديك ، وللديك : دجاجة . وقد كنا قديماً نضحك حتى نكاد نستلقي على ظهورنا إذا سمعنا زملاء لنا وجيراناً
يقولون للدجاجة ديكه . لكن جاء في القاموس : دُيوكٌ وأدْياكٌ ودِيَكَةٌ : جمع ديك ، وقد يُطْلَقُ على الدَّجاجَةِ ، كقَوْلِه :
وزَقَّتِ الديكُ بصَوتٍ زَقّاً.
قال في لسان العرب : الدِّيكُ : ذكر الدجاج معروف ؛ وقوله : وزَقَّت الدِّيكُ بصوت زَقّا . إنما أَنثه على إرادة
الدجاجة ؛ لأَن الدِّيكَ دجاجة أَيضاً . فلا يصح الإنكار قبل البحث والتأكد .