عرض مشاركة واحدة
قديم 09-08-2006   رقم المشاركة : ( 2 )
ابن ابي محمد
ذهبي


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 563
تـاريخ التسجيـل : 25-07-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 1,185
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : ابن ابي محمد


ابن ابي محمد غير متواجد حالياً

افتراضي

إخوتي الكرام

شكراً على المرور والمتابعة ، واسمحوا لي أن أحاول إكمال رسم الصورة ......

.

لقد ظهرت المكتشفات والمخترعات بشكل بطيء ومتدرج ، واتسمت بشدة مصادمتها للأوضاع والثقافات السائدة وبظهورها في جو الصراع والصدام المحتدم مع الدين . وهذه أوضاع وظروف لا يمكن أن تحدث مرة أخرى بذات الدرجة .

وهانحن نشاهد في العقود الأخيرة كيف أن المخترعات والمكتشفات أصبحت متسارعة إلى حدود مذهلة ، ورغم ذلك فإنها لم تعد تحدث لدى الناس عشر معشار الفتنة والتساؤلات التي كان يحدثها أي اكتشاف أو اختراع خلال فترة ظهور وشيوع منتجات التجربة الغربية الحديثة .

أجدادنا قرأوا على الهاتف حين شاهدوه أول مرة ، وكان أبناء المدن والقرى يتقاطرون خلف السيارة والطائرة ويتحاشدون لرؤية التلفاز أو سماع المذياع أو مشاهدة الصور وكأنهم يدخلون أحد العوالم السحرية .

هـذا الوضع انتهى ، وأطفالنا وبعض عجائزنا أصبحوا يستهلكون أحدث الأجهزة التقنية دون التساؤل إلا عن كيفية الاستخدام ومزايا تلك الأجهزة وخدمات الصيانة وما بعد البيع .

المركبات المأهولة وغير المأهولة تطوف الفضاء وتصل إلى المريخ وإلى حدود المجموعة الشمسية ، والأقمار الصناعية تحيط بالأرض وتنقل الصور والأحاديث لألوف القنوات التلفازية والإذاعية وملايين الخطوط الهاتفية ، والناس لم يعد يشغلهم سوى كيفية الاستهلاك وماهية الخدمات الجديدة .

فتنة المكتشفات والمخترعات حدثت خلال مرحلة التحول نحو الحياة الحديثة ، وكل النظريات والأفكار الإلحادية الكبرى ارتبطت بتلك المرحلة وكانت مسكونة بالصدام مع الدين ومبنية على أجزاء أولية من الحقائق العلمية التي سرعان ما تبعتها أجزاء وشواهد ودلائل نقضت أو عدلت أسس تلك النظريات والأفكار . وهانحن نشاهد كيف أن وتيرة المكتشفات والمخترعات تتسارع بصورة هائلة إلى حد أن ما أصبح يظهر منها خلال عقد أو عقدين يفوق ما كان يظهر خلال قرون , ورغم ذلك فإن ما واكب هذه الوتيرة المتسارعة هو عودة الإحياء الديني وتراجع النظرة والأفكار الإلحادية حتى في البيئات الغربية ذاتها .

لم تعد أداة الصدام مع الدين هي المكتشفات والمخترعات ، بل أصبح الصدام يدور حول نمط الحياة والسلوك ( النظام السياسي ، النظام القانوني ، النظام الأخلاقي ، أوضاع المرأة ، أوضاع الأقليات ...... ) .

وبالتالي فمرحلة توظيف المخترعات والمكتشفات في خدمة الإلحاد قد ولت وانقضت وفقدت معظم دوافعها وقابليتها للتبني أو الشيوع الواسع . أما الأفكار المتعلقة بنمط الحياة والسلوك فالأديان لم تعد تملك سوى التعايش مع الفكرة العلمانية ، عدا الدين الإسلامي الذي يحمل مضموناً دنيوياً . وأتباع هذا الدين قد واجهوا الفتنة مع التجربة الغربية ولن يكون أمام أية تجربة جديدة سوى استهلاك وإعادة إنتاج مقولات التجربة الغربية ، وهو وضع لا يمكن أن يثير فتنة تستحق الذكر .

وهكذا فإن فتنة التجربة النهضوية الغربية على صعيد المكتشفات والمخترعات والشبهات والشهوات لا يمكن أن تتكرر بذات الدرجة ، فهي وليدة فترة التحول نحو الحياة الحديثة ووليدة الملابسات والظروف التي ارتبطت بتلك الفترة .

لقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن الكثير من أحداث المستقبل ، مثل بعض الأحداث التي وقعت في عهد الصحابة ، وأنبأ عن الملك العضوض والملك الجبري ، وأنبأ عن زمن نطق الرويبضة وخيانة الأمانة وشيوع الزنا والخمر والمعازف وإسناد الأمر إلى غير أهله ، وحصار العراق والشام ، وعلو اليهود ...... الخ . فهل من المنطقي والمعقول أن يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن أحداث المستقبل الكبرى والمتوسطة ، بل وبعض الأحداث الصغرى ، بينما لا يخبر عن الحضارة الغربية التي ملأت الدنيا وشغلت الناس على مدى قرون وغيرت شكل الحياة على وجه الأرض وفتنت المسلمين كما لم يفتنوا من قبل ؟!!!

ليس من المعقول ولا من المفهوم لكل متدبر لنبوءات الرسول صلى الله عليه وسلم أن تغيب صورة هذا المشهد الأسطوري للحضارة الغربية عن الأحاديث النبوية !!

وإذا كان غياب فتنة الحضارة الغربية عن أحاديث الرسول ليس معقولاً ولا مفهوماً فلماذا غابت إذن ؟!!!

قد تكون غائبة ، وهذا أمر يصعب فهمه أو تفسيره ، وقد تكون موجودة بقوة ولكنه كان من الصعب ، بل من المستحيل ، اكتشاف ذلك قبل ظهور الحضارة الغربية ، باعتبار أن الإخبار عن تلك الحضارة هو إخبار عن أمر غيبي يستحيل اكتشاف صورته الدقيقة قبل حدوث تلك الصورة وتحققها .

وإذا صح ذلك فأين يمكن أن نجد إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم عن فتنة الحضارة الغربية ؟!!

لا شك أننا سنجدها في أخبار الفتن !!

وإذا كانت الحضارة الغربية هي أعظم وأكبر فتنة شهدتها الأرض ، فما هي أعظم وأكبر فتنة أخبر عنها الرسول وحذر منها ؟!!

إنها فتنة المسيح الدجال !!

هل يوجد رابط بين فتنة الحضارة الغربية وفتنة المسيح الدجال ؟!

في رأيي أن الرابط تام وعميق ومؤكد ، ولكن بعد إعادة الفهم وإعادة التدبر للأحاديث الواردة بشأن المسيح الدجال .

ومن أجل حسن فهم ما أخبر عنه الرسول ، لنتصور أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر الصحابة الكرام عن الحضارة الغربية مباشرة . فما هي الصورة التي كان يمكن أن ترد في أحاديث الرسول ؟!!

لاحقاً بمشيئة الله سنتناول الصورة التي كان يمكن أن ترد في أحاديث الرسول عن الحضارة الغربية كما نعايشها ونشاهدها ونتابع أحداثها وأوضاعها واكتساحها للعالم ،،،،

.
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس