الاقتصادية :الاثنين 1431/06/3 هـ . العدد 6062
العلمُ نووورٌ! (2 من 2)
نجيب الزامل
. . تكلمنا في السبت الماضي عن برنامج "نووور" التعليمي المعرفي الإلكتروني لصاحبه "عماد فهد الدغيثر" . . وإن لم تقرؤوه فأرجو أن تعودوا للمقال لأنه موضوع لا يُفوَّت أوله، أما آخره فليس له مما نرى من آخر، فالتطورُ والتحديثُ والابتكارُ في المجال المعلوماتي لا يتوقف . إنه في رأيي، وكما رأينا، الدكتورُ "الفغم" عضو مجلس الشورى وخريج جامعة ليدز وأنا، أنه واحدٌ من أكبر الإنجازات التعليمية في المملكة، بل إن الأستاذ "عماد الدغيثر" يملك حقا ابتكارياً حصرياً على البرنامج في العالم، حتى إنه عُرض عليه مئات الملايين الشديدة الإغراء للتنازل عنه ورفض، ولتعلمَ أن الذي طلب منه الشراءَ هم من عمالقةِ العالم الافتراضي العالميين، وما زال - وتصوروا، مرة أخرى - الدغيثر ينفق على شركته التي يعمل فيها أكثر من 200 مبرمج - كلهم يعملون على تصميماته هو الفردية المسجلة (ياللعبقرية) - من جيبه الخاص . . نعم حتى اللحظة لا يأخذ السيد الدغيثر المهتم تولـّعاً بالتطوير العلمي في بلاده ريالاً واحداً من شركته كما فهمت، بل هي فجوةٌ مفتوحة تتسرب منها أمواله . يعتبر موقع "نووور التعليمي" www . nooor . com مثالا عمليا نفذته شركة التعليم والتدريب الإلكتروني من خلاله تقنيات ومحركات "سيمانور" التعليمية، وهو أول موقع للمناهج الدراسية للتعليم العام يُعنى بتطوير البيئة التعليمية المنهجية، فالموقعُ يحتوي على "مكتبةٍ تفاعليةٍ" يقدم للمعلـَّم أدواتِ متطورة تمكنه من تقديم مادته بتقنيات متطورةٍ مصممةٍ تصميماً خاصاً بالمُعلم بإمكاناتٍ برمجيةٍ عالية دون الحاجة إلى أن يكون لديه أي خلفيةٍ برمجية, كما يقدم الموقعُ للطالبِ بيئةً تعليميةً ثرية تمكنه من التواصلَ مع جميع الأطراف التعليمية داخل المدرسة وخارجها بالتقنيات المقدمة للمعلم نفسها، ولكنها مصممة للطالب، وبحسب تخصصه .
قولوا لي أليس هذا أكثر من رائع؟!
أليستْ هذا قفزةٌ كبرى في أهم قطاعاتنا: التعليم؟!
أليس هذا إنجازا يتعدى عبقريةً وجدّ واجتهادَ شخصٍ ليكون فخاراً لكل الأمة؟!
أمن إثبات أكثر أنه في اللحظة، وأنتم تقرؤون هذا المقالَ، دخل العشرات أو المئات من المهتمين وطالبي العلم والمعرفة من أركان الأرض للموقع لينهلوا من مناهجنا التعليمية .
من يحسب لي، رجاءً من الاقتصاديين، كم من المليارات التي سنوفرها، ومقابل التوفير ستحصل على جودةٍ حقيقيةٍ أعلى . وسنوفر في البنى التحتية، وسنوفر في ساعات العمل، وسنوفر في طباعة الورق، وسنوفـّرُ جواً علمياً خالصا . . ومن هنا سيبدأ ليس دخولنا للعالم التقني العلمي فقط، بل سنكون حرفيا فيه . . من الروّاد .
الغريب ألا يلقى هذا البرنامج حماسةً واستقبالا يليقان بأهميته . . في بلد منشئه!
أرجو، وأطلبُ من الله أن يكون هذان المقالان مساهمة، ولو جد متواضعة، لخدمة مشروع سامقٍ بكل المعاني، مشروع سيطوي تاريخاً ويفتح آفاق تاريخ جديد .
وإن ضاع منا هذا البرنامجُ ولم تتبنه الجهاتُ التعليمية، إلا أن كان هناك سبب لا بد أن نعرفه، وراح لمكان آخر . . فلا أظن أن السيد "الدغيثر" سيصمد طويلا أمام المغريات التي وصلت مليارا لموقعه، وهو ينزف على المشروع من جيبه . . وإن بقي على عناده الوطني فسيكون بطلاً رسالياً . . إن أراد الانتحارَ مالياً!
ولكن . . ماذا؟ علي أن أقف وأراجع نفسي!
ما الذي حصل لي؟ ما هذه عادتي، أين تفاؤلي بقضية الإيمان بالهدف؟ لا لن ينتحر الدغيثر ماليا، بل ستسير الأمورُ ـ بإذن الله ـ كلها لخدمة الهدفِ المُخلص . . لأني أؤمن بأن تحقيقَ النتائج يقف على نوعية الأهداف، ومدى حماستك وإيمانك وجهادك من أجل الوصولِ لهدفِك . . عندها فإن العقلَ، والطاقةَ الجسدية، والقدراتِ المادية، والبيئةَ المحيطة - كل شيءٍ - ستبدأ العملَ معاً متضافرة من أجل إنجاز الهدف