عرض مشاركة واحدة
قديم 10-04-2009   رقم المشاركة : ( 2 )
المقداد
كاتب مبدع

الصورة الرمزية المقداد

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 3563
تـاريخ التسجيـل : 12-02-2009
الـــــدولـــــــــــة : ضوء الظل
المشاركـــــــات : 1,283
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 89
قوة التـرشيــــح : المقداد تميز فوق العادة


المقداد غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بحث مفصل حول النقوش والمخطوطات منذ الأزل ..


على اية حال، فان العديد من النظريات عن اصول الكتابة العربية تشير الى احتمالية تأثير الخطوط الفارسية المبكرة، كالبهلوية والافيستا. اذ يعتقد الكثير ان الحروف العربية كانت قد استعملت للمرة الاولى في منطقة الانبار والحيرة في العراق و كلاهما كان تحت السيطرة الساسانية خلال تلك الفترة. العديد من الكتاب يتحدث عن الخط الكندي في الحيرة الى جانب خط الجزم في الحجاز. ‎1 حتى ان غالبية النظريات التي استعرضها ابن النديم ادرجت اسماء عربية سبقت الاسلام من هذه المنطقة على انها اسماء المصممين الاوائل للابجدية العربيه القديمة.

ومن الشائع اليوم ان بُشر بن عبد الملك الكندي، ويعتقد انه من المسيحيين العرب، كان اول من جلب خط الجزم الى مكة.16 وبُشرهو شقيق الأكيدر، احد قادة مدينة دومة الجندل التأريخية قرب مدينة سكاكة شمال المملكة العربية السعودية، والواقعة 200 ميلا جنوب غرب الحيرة. دومة الجندل هي اقدم مدينة عربية شمالية حيث يعود تأريخها الى القرن العاشر قبل الميلاد. ‎36 وقد كانت في ذلك الوقت، بين القرنين السادس والسابع الميلاديين، عاصمة مملكة كندة العربية. وفيما يلى ابيات شعرية قديمة نسبت الى رجل من مكة أو من دومة الجندل يكثر الاشارة لها في المصادر العربية: ‎18


لا تجحدوا نعماء بُشر عليكمُ فقد كان ميمون النقيبة أزهرا
أتاكم بخط الجزم حتى حفظتموا من المال ماقد كان شتى مبعثرا
فأجريتم الأقلام عوداً وبدأة وضاهيتمو كتاب كسرى وقيصرا
وأغنيتمو عن مسند الحي حمير وما زبرت من الصحف أقيال حميرا


الجذور الابجدية للجزم: النبطية ام المسند؟

يعتقد معظم المختصين اليوم ان ابجدية الجزم العربية كانت قد تطورت من الكتابة النبطية خلال القرن الرابع الميلادي. بيد ان تحليل اشكال الجزم الحرفية المبكرة بدقة وشمولية يشير الى جذور اخرى. اذ يعتقد المؤلف ان الكتابة العربية، الجزم، كانت قد تطورت بشكل مستقل بين القبائل العربية القاطنة شمال نجد او الحجاز من طراز محلي لكتابة المسند العربية الموصولة، وبشكل خاص المسند الصفوي، قبل القرن الرابع الميلادي بكثير. اذ ان الجزم يشارك المسند عدد حروفه، 28 حرفاً. ويشاركه ايضا تعدد الاشكال الحرفية لبعض الحروف حسب موقعها في الكلمات. حتى ان الجزم كان قد استخدم عدد من اشكال حروف المسند بحذافيرها. من المحتمل ان يكون الجزم قد تأثر بالاشكال الحرفية الآرامية وخاصة النبطية الاكثر استخداما واهمية في الشمال حينذاك. بيد ان طريقة وصل حروف الجزم واشكاله مختلفة تماما.
اذ ان انسيابية حروف الجزم على طول الخط الافقي فريدة. كذلك يستخدم الجزم منحنيات سلسة واشكال حرفية بديلة لاشكاله الحرفية المعزولة. كما ان اسلوبه في ربط الحروف وتناغمها اكثر قربا للمسند المتصل منه الى النبطية، خاصة عبراستخدامه لزوائد تطويل افقية. فبينما اوصلت النبطية حروفها الشاقولية كما هي، حور المسند اشكال حروفه قبل ايصالها. ربما يمكننا تحوير بعض الاشكال النبطية للوصول الى اشكال الجزم، الا ان ذلك ممكنا ايضا مع العديد من اشكال حروف المسند. ومع ذلك، وكما ذكرنا آنفا، ان تقارب الاشكال الحرفية لوحده ليس دليلا قاطعا، لا سيما وان جذور الآراميه، النبطية، والمسند واحدة.

كلمة المسند في اللغة العربية تعني "المُدعم". اما في مجال الاشكال الحرفية والكتابة فهي تعني العمودي او الشاقولي. وقد كتب المسند، مثله مثل الآرامية والفينيقية، بحروف منفصلة وباشكال موحدة عموما للحرف. ورغم تعدد اتجاهات كتابته الا ان الاتجاه الغالب كان من اليمين الى اليسار. وكما كان الحال بعد قرون من استخدام الابجديات الآرامية ، شهد المسند العديد من الابجديات المشتقة. كان ابرزها اللحياني، الصفوي، والثمودي البدوي. انه لخطأ شائع اليوم اعتبار المسند ابجدية ذات نمط واحد، السبأية، محدودة جغرافيا بجنوب الجزيرة العربية. فاهمية واستخدام المسند في شمال الجزيرة كانت كما هي في جنوبها.

لقد كشفت نقوش المسند للقرن الثالث الميلادي اشكال حرفية موصولة لدرجة عالية مما يبين بوضوح مرونة وتأقلم كتابة المسند. فقد استخدمت هذه الكتابة الموصولة في اليمن، والمعروفة باسم المسند الشعبي، في تدوين الوثائق اليوميه على الالواح الخشبيه الليّنة. اما المسند الرسمى فقد استخدم اساسا للكتابة على القطع الصخرية. ‎‎27 بوضوح، لم تكن اشكال المسند "محنطة على الحجر" بينما تطورت الابجديات الشقيقة شمالا الى مجموعة متنوعة من الاشكال المشتقة. اذ ليس مستبعدا تطور ابجديات متصلة للمسند في الشمال.


كان اليمن دوما عمق عرب الجزيرة الحضاري ومركزهم التقليدي. فعندما اراد النبي محمد (ص) في عام 615 ميلادي حماية اتباعه من اضطهاد قادة مكة، أمرهم بالتوجه جنوبا نحو اليمن والحبشة. وكما ان اليمن كان (ولا يزال) مرجعية الانساب العربية، كانت ابجدية المسند مرجعيتهم الابجدية ايضا، اينما استقروا. فعرب الجنوب لم يحملوا شمالا لغتهم وآلهتهم فقط وانما حروفهم ايضا. وعلى الارجح، فان استخدام الكتابة بين القبائل العربية قد تناقص شمالا، كلما ابتعدواعن المراكز السكانيه الاصلية، غير ان الحاجة للكتابة لابد وان استعادت اهميتها القصوى بعد ولادة مراكزهم السكانيه الجديدة التي امتدت شمالا حتى اعالي نهر الفرات.



عربي مسند موصول الحروف منقوش على لوح خشبي في اليمن ويعود لبدايات القرن الثالث الميلادي ‎26


لابد ان يكون لكلمة الجزم، ككلمة المسند، معنى مرتبط مباشرة باشكالها الحرفية. وقد جاءت العديد من القصائد الشعرية قبل الاسلام على ذكر الاثنين. ويعني الفعل "جزّ" في اللغة العربية "قُطع من" بما يشير الى ان سبب استخدام كلمة الجزم كان للاشارة الى ان الكتابة الجديدة مقطوعة من كتابة ثانية وذلك عبر تبسيطها واختزال عدد اشكالها الحرفية. وهذا بالضبط ما قام به الجزم عند مقارنته بالمسند.


يحمل الجزم علامات واضحة لكتابة نشأت بشكل مستقل. على الارجح، فان مخترعي الجزم كانوا من عرب الشمال ممن كان لهم معرفة بالنبطية، الابجدية ذات الاهمية البارزة في تلك المنطقة، الا انهم وفي الوقت ذاته، كانوا أكثر معرفة بالمسند. فقد بينت النقوش انهم استخدموا المسند بكثافة خلال الفترة النبطية. ورغم ان بعض القبائل العربية الشمالية كانت قد استخدمت الحروف الآرامية النبطية الا ان معظم هذه القبائل واصلت استخدام المسند. الادلة واضحة جدا: نقشت حروف المسند على آلهة العرب من اليمن وحتى تدمر. بل وعلى النقوش النبطية المتأخرة ونقوش الجزم المبكرة. وفي الواقع، استخدم العرب المسند حتى السنوات الاولى من الاسلام.

كانت عملية تطور ابجدية الجزم عملية مستمرة امتدت على مدى عدة قرون. اذ ان النقوش المبكرة قبل وبعد ظهور الاسلام شملت اشكالا متصلة ومنفصلة لنفس الحروف. فالجزم لم يستقر باشكاله الراهنة حتى ظهور الخط الكوفي. وبالمناسبة، رغم ان هذا الخط سمي بعد مدينة الكوفه في العراق، الا ان نقوش مؤرخة الى 4 هجري (625 ميلادي) اظهرت انه استخدم اولا في المدينة المنورة. اذ ربما اراد المسلمون، كغيرهم من الجماعات الدينية آنذاك، ابتداع خط خاص لكتابهم الديني، القرآن الكريم. اما استقرار ابجدية الجزم بعد ظهور الاسلام فذلك امر طبيعي. فمعظم الابجديات تطورت واستقرت بعد ان تم اعتمادها رسميا من قبل الدول. لقد كان الجزم بوضوح ابجدية تحت التطوير في فترة ما قبل الدولة الاسلامية.

اعمال وبحوث علماء العصر الاسلامي الاوائل

قبل دراسة النقوش المكتشفة حديثا، من المهم استعراض ابحاث ودراسات علماء المسلمين الاوائل فيما يتعلق بالمسند واصول الجزم. اذ رغم ان المسند لم يكن مستخدما بعد العصرالاسلامي، الا ان هؤلاء العلماء عرفوا عنه الكثير قبل الاكتشافات الغربية في القرن التاسع عشر. بدون شك، كان علماء العصر الاسلامي الاوئل على اطلاع على وثائق ونقوش افضل نوعيا من النقوش المتوفرة لدينا اليوم. وعلى ما يبدو، ورغم اختلافهم على اصول العربية كنمط خطي، الا ان غالبيتهم كان قد اعتقد بان خلفية الجزم هو المسند، وذلك كحقيقة مسلم بها.

احد هؤلاء العلماء، هو ابن النديم (929 - 996 ميلادي)، وهو مؤرخ ومكتبي ولد في بغداد أوائل القرن الثاني للخلافة العباسية وتوفى بها. وقد كان لديه اطلاع مباشر على محتويات المكتبات الرئيسية في عهده، بما في ذلك المخطوطات النادرة فى مكتبة قصر الخليفة المأمون. اما والده فقد كان تاجر كتب ناجح. في مقدمة كتابه، الفهرست، وهو فهرس موسوعي ضم الآلاف من الكتب والمؤلفين في عصره، استعرض ابن النديم النظريات المختلفة لأصل الكتابة العربية. هذه النظريات، رغم اختلافاتها في التفاصيل، اتفقت على ما يبدو، ان العربية الحديثة تطورت في مناطق القبائل العربية الشمالية، وخاصة في الحيرة والانبار.

قبل ابداء رأيه الشخصي، كتب ابن النديم ان "الحميريين استخدموا في كتابة المسند، اشكال مختلفة، لحروف الأليف والباء والتاء". والحميريين هم سكان اليمن القدماء. وبعد الاعلان عن انه كان مسؤولا عن ترجمة مخطوطة قديمة للمسند في مكتبة قصر الخليفة المأمون، قدم ابن النديم رسومه لاشكال حروف المسند موضحا انها كانت "استنساخ حرفي لما إحتوته المخطوطة".

وبعد عرضه اشكال حروف المسند هذه مباشرة، كتب ابن النديم رأيه الشخصي قائلا ان "اول خط عربي كان خط مكة ، ثم المدينة، ثم البصرة، ثم الكوفة. اذ ان الأليف في خطوط مكة والمدينة كتبت باستدارة اليد نحو اليمين وتطويلها افقيا، وذلك بما جعلها مائلة قليلا". ثم اعطى مثالا توظيحيا لذلك.



ابجدية المسند العربية كما عرضها ابن النديم (توفي عام 990 ميلادي) في كتابه الفهرست. رتبت الحروف وفق تسلسل الحجاز وتهامة القديمين وهو مشابه للتسلسل المستخدم اليوم في القواميس. الحروف العربية لونت باللون الاخضر من قبل المؤلف للتوضيح. ‎‎22


كما عرض عالم اسلامي معروف اخر، الهمذاني، رسوما لاشكال حروف المسند في كتابه "الإكليل" وذلك في عام 950 ميلادي. ‎18 وقد اكدت رسومه ملاحظات ابن النديم في استخدام المسند لاشكال مختلفة للحرف الواحد. فبالاضافة الى الأليف والباء والتاء، قدم الهمذاني اشكال اضافية للراء، الضاد، الزاء، اللام، الميم، النون، والهاء. وملاحظة الهمذاني بخصوص استخدام المسند لثلاثة اشكال لحرف الهاء كانت ملاحظة هامة كما سنرى لاحقا. ويجدر الاشارة هنا الى ان النقوش المكتشفة حديثا قد اثبتت تطابق غالبية الاشكال الحرفية للمسند مع الاشكال التي قدمها العالمان.



ابجدية المسند العربية كما عرضها الهمذاني كتابه الإكليل الصادر حوالي العام 945 ميلادي. ‎18 رتبت الحروف وفق تسلسل نجد القديم.‎26 لونت الحروف العربية باللون الاخضر من قبل المؤلف للتوضيح.


كما اثبتت جميع النقوش العربية التي سبقت الاسلام للقرن الرابع، الخامس، والسادس الميلادي ملاحظة ابن النديم الذكيه عن الأليف المائلة نحو اليمين. حتى ان الاشكال المختلفة للأليف في المسند والتي قدمها الهمذاني ضمت شكلين لأليف مائلة. كذلك فان اكتشاف اول نقشين للخط الكوفي في المدينة المنورة وبتأريخ سابق لتأسيس الكوفة، اثبت ملاحظة ابن النديم الرئيسية من ان الخطوط العربية الاولى ولدت في الحجاز. بالطبع، وبعد الاخذ بنظر الاعتبار طبيعة الترحال البدويه للعرب، يجب ان لا نستبعد امكانية قيام قبائل اخرى في مناطق اخرى من الجزيرة العربية باتقان اشكال الجزم الحجازية الاولى قبل الإسلام.

واعتقدت عدة شخصيات اسلامية مهمة اخرى ان الجزم مشتق من المسند. من بين هؤلاء ابن خلدون والقلقشندي. فقد ذهب كلاهما الى ان الجزم عُرف اولا في اليمن باسم "الخط الحميري" قبل انتقاله الى الحيرة والانبار في العراق ومن ثم الى مكة. ‎‎18

النقوش العربية قبل الاسلام

حتى يومنا هذا، تم اكتشاف سبعة نقوش للجزم فقط لفترة ما قبل ظهور الاسلام. وقد عثر على اقدمها قرب جبل الرمّ الى الشرق من العقبة. ويرجع تاريخه الى العام 328 ميلادي. اما النقوش التالية في القدم فهي النقشان المكتشفان في سكاكة، شمال المملكه العربية السعودية. ويعودان الى القرن الرابع او اوائل القرن الخامس الميلاديين. او من المحتمل ان يكون النقش الثاني في القدم هو نقش ام الجمال العربي المكتشف جنوب دمشق، رغم اعتقاد المؤرخين من انه يعود الى القرن الخامس الميلادي.



جدول باشكال حروف المسند بمختلف فروعه واشكال حروف الجزم الاولى، كما كشفتها النقوش الحديثة، الى جانب الاشكال النبطية. قارن اشكال المسند باشكالها المدونة على يد علماء العهد العباسي، ابن النديم والهمذاني، المرفقة اعلاه.


اما النقوش الثلاثة المتبقية فيرجع تأريخها جميعا الى القرن السادس الميلادي. الاول هو نقش زبد المكتشف في شمال سوريا، ويرجع تاريخه الى العام 512 ميلادي. ويضم نصوص بثلاث ابجديات، اليونانية والسريانية والعربية. اما الثاني فقد اكتشف قرب جبل أسيس جنوب دمشق، ويرجع تاريخه الى العام 528 ميلادي. اما الثالث والاخير، فهو النقش المكتشف في حرّان، جنوب دمشق ايضا، ويرجع تاريخه الى العام 568 ميلادي.




نقش جبل أسيس المكتشف جنوب دمشق والمؤرخ 528 ميلادي.‎28 لونت رموز السنة بالاخضر من قبل المؤلف للتوضيح.





نقش حران ثنائي اللغة، عربي واغريقي، المكتشف جنوب دمشق ويعود للعام 568 ميلادي. 28 لونت رموز السنة بالاخضر من قبل المؤلف للتوضيح.


تجدر الاشارة هنا الى ان تواريخ هذه النقوش تتوقف عموما على كيفية وحيثيات قراءة العلماء لمحتوياتها. لذا فان التواريخ المذكورة اعلاه ليست دقيقة بالضرورة. علما ان نقوش أسيس وحران فقط كانت قد تضمنت تأريخاً محددا في النصوص. وكان ذلك على شاكلة كلمتين منفصلتين لرموز متصلة بعد كلمة "سنت" في كليهما. وقد قرر المختصون قراءة هذه الرموز على انها الرقمين 423 و 463، غير ان ذلك امر قابل للمسائلة والنقاش. اولا، قرر المختصون اعتبار الكلمة الاولى في كلا النقشين الرقم النبطي 400 رغم الاختلاف الظاهر بين شكليهما. ففي نقش حران يمكن قراءة الكلمة الاولى الرقم النبطي 200 او كلمة "نحو" العربية. ثانيا، لا يمكننا الجزم من ان الجزء الاخير من الكلمة الثانية، المتشابه في كلا النقشين، رقما نبطيا. اذ من الممكن ان يكون هذا رمزا لعام او حدث تأريخي، خاصة، كما سنرى لاحقا، بعد تكرار هذا الرمز في نقش نبطي اخر. لحسن الحظ ، فان تأريخ نقش زبد المتعدد اللغات دقيق ومؤكد عبر النص الاغريقي المتضمن فيه.


تجدر الاشارة هنا ايضا الى انه لم تكتشف بعد اية نقوش للجزم، سابقة للاسلام، في مناطق الحيرة والانبار في العراق. فأقرب النقوش جغرافيا لهذه المنطقة كانا نقشي سكاكة، الواقعة حوالى 200 ميلا جنوب غرب الحيرة. ذلك ربما يعنى ان الجزم قدُم الى هذه المنطقة متأخرا، وليست هناك نقوش يمكن العثور عليها في هذه المنطقة. غير ان ذلك أمر مستبعد، فالعديد من المختصين الاوائل اعتقدوا ان الجزم استخدم للمرة الاولى بين القبائل العربية في هذه المنطقة.

اما فيما يخص نقوش الابجدية النبطية، فهي متوفرة بكثرة للفترة الممتدة من القرن الثالث قبل الميلاد وحتى قرون عديدة لاحقة. ولكن هناك اربعة نقوش نبطية فقط باللغة العربية، من اصل بضعة آلاف باللغة الآرامية. وقد قُدمت هذه النقوش الاربعة بافراط على انها ادلة لتحوّل الكتابة النبطية الى الجزم. اقدمها، نقش عين أفادات في النقب، وقد احتوى على سطرين فقط بالعربية ويرجع تأريخه الى الاعوام 88 - 150 ميلادية. ويليه في القدم النقش المكتشف في منطقة ام الجمال جنوب دمشق. وهو يعود الى العام 250 ميلادي.


يتبع ..
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس