الموضوع: وآذانها ايضا .
عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 10-09-2010
 
الحاج سلام
كاتب مبدع

  الحاج سلام غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 568
تـاريخ التسجيـل : 27-07-2006
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 2,301
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 70
قوة التـرشيــــح : الحاج سلام تميز فوق العادة
slam وآذانها ايضا .

وآذانها ايضا . وآذانها ايضا . وآذانها ايضا . وآذانها ايضا . وآذانها ايضا .

بسم الله الرحمن الحيم


سبق ان كتبت في قصة مماثلة عن معاناة الناس في المنطقة في سالف الازمان ، من الفقر والعوز والجوع حتى بلغت تلك المعاناة ، الى حد اضطرار البعض الى اكل لحم الميتة ( ولمن اراد الاطلاع مراجعة قصة ماحيلة المضطر )
http://www.thomala.com/vb/showthread.php?t=45748

واليوم اروي لكم قصة قريبة من تلكم القصة ولكنها تختلف في بعض جوانبها ، ولست بحاجة الى التذكير بمغزى هذه القصة وسابقاتها لانني تحدثت عن ذلك في مقدمات القصص السابقة بما اراه كافيا ،

فقط اذكّر باننا نكتب هنا في منتدى التاريخ والموروثات الشعبية للمنطقة .




(( وآذانها ايضا ))











بسبب تهور شاب متعصب استعرت نار الحرب العالمية الاولى واصطلى بأوارها العالم باسره ، واحرقت بلظاها اكثر من عشرة ملايين انسان ، وجرحت قرا بة اربعة اضعاف هذا العدد ، واخافت وجوّعت اغلب سكان الكون مابين عام 1333 ، وعام 1337هجرية ، في كل قارارات المعمورة ،
وامتدت آثار تلك الحرب وويلاتها الى ما بعد نهايتها بسنوات .















لم تكن البلاد العربية وجزيرة العرب بمنئا من تلكم الحرب ، بل كانت في أتونها ، فقد أعلن الشريف الحسين بن علي حاكم الحجاز، ابان هذه الحرب وفي عام 1334هجرية ما سمي الثورة العربية الكبرى ، ودخل الحرب ضد الدولة العثمانية . وكانت اعداد لا يستهان بها من جنود جيش الشريف من ابناء قبائل المنطقة .ولن استطرد في اخبار الحرب فهي معلومة لدى المهتمين ، ومايعنينا من ذلك هو معرفة مقدار تأثر ابناء منطقتنا بتلكم الحرب وويلاتها . فاحوال اهل المنطقة تلكم الحقبة من الزمن كانت هشة ضعيفة ، وكانت لديهم مشاكلهم المحلية الكافية لزعزعة امنهم وتجويعهم الا ان الحرب التي نشبت وتوسعت واصبحوا غير بعيد من احداثها بل اضحوا جزءا من تلك الاحداث . هذه الحرب زادت طينهم بلّة ، فتفاقمت عليهم الامور ، واتسع الخرق على الراقع ، واحتارت الناس في تدبير القوت بعد ان عزّ وجوده .

كان بطل قصتنا هذه شاب في عنفوان شبابه ذكيا ألمعيا ، حوى كل معارف اهل زمانه المتوفرة واهّل نفسه للحياة ، له زوجة شابة وابن واحد في سن الطفولة ، وقد وجد نفسه بين عشية وضحاها فاقد الحيلة لا يستطيع ان يتدبر ما يقيت به اهله ، الذين يبيتون على الطوى ليالي كثيرة .قرر حامد وهو اسم بطل القصة ان يرحل عن المنطقة بحثا عن لقمة العيش .

[POEM="font="Simplified Arabic,5,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
سافر تجد عوضا عمن تفارقـــه = وانصب فإن لذيذ العيش في النصب
مــا في المقام لذي لب وذي أدب =معزة فاترك الأوطـــان واغترب
[/POEM]
وبعد نقاش وتشاور مع زوجته كان القرار ان ترحل الاسرة بأكملها . ولكن الى اين ؟ وقد نمى الى علمه ان الحرب التي دارت رحاها في هذا الكون هي المسبب لهذه المجاعة وان آثارها بلغت كل مكان . وقد استخار حامد ربه في بدائل كثيرة ، فاطمأنت نفسه الى السّفر الى مكّة المكرمة ، تلكم المدينة القريبة منه نسبيا وباستطاعته الوصول اليها بوسائله وامكاناته المتواضعة في وقت قصير ، مستحضرا قوله تعالى ( ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل افئدة من الناس تهوي اليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ) صدق الله العظيم .
















رحل حامد واسرته الى مكة المكرمة وبلغوها في يومهم الثاني ، وبعد ان اكملوا اداء نسك العمرة صلوا صلاة المغرب ، ولم يكن لديهم مأوى في هذا البلد غير المسجد الحرام وبعد ان ترددوا على زمزم ينهلون من معينها مرارا عديدة . باتوا متظلعين من مائها فهي طعام طعم وشفاء سقم .
وعند الصباح ترك حامد اهله بجوار المسجد وبدأ جولة في المدينة ، بحثا عن عمل او لعله يجد من ( يجاود ) معه ولكن الكساد العظيم الذي ضرب العالم قد اصاب هذه المدينة ايضا فلم تكن في منأ عنه ، خاصة وهي عاصمة دولة صاحب الثورة الكبرى ، الذي اصبحت دولته جزءا من الحرب تكتوي بويلاتها مثل بقية الدول والاقطار .















لم يترك حامد مكانا رأى انه مظنّة لعمل يحسنه الا بلغه ولكن دون جدوى ولما همّ بالاياب لمح مكانا تتصاعد منه ادخنة طالما ألف رائحتها ، ولما دلف الى الدكان عرف انه مكان لحنذ الرؤوس انه ( محل روّاس )
















لم يمهله صاحب الدكان ليسأل عن مدى الحاجة لعامل ، بل بادره بالاستفسار عن سبب تواجده في المكان ، مخبرا اياه ان الرؤوس ماتزال في (المنداة ) وانها لن تفتح الا بعد صلاة الظهر .

نظر حامد الى محدثه العجوز مبديا شيئا من فتوته بالتفاتة قوية ، وسأل الرجل ، هل انت صاحب المحل؟

نظر العجوز اليه مليا قبل ان يجيبه بنعم .

عندها بادره حامد ، ألست في حاجة الى من يساعدك في العمل ؟ يساعدني في العمل ؟ قالها الرجل العجوز باستغراب . ثم استأنف ، لا لست بحاجة الى احد .

قال له حامد : اني على استعداد لمساعدتك بدون اجر . استغرب الرجل ذلك وطلب من حامد ان يجلس الى جواره ، واخذ يسأله عن امره ، وتبادل الرجلان الحديث لبضع دقائق ، كانت كافية لان يكتشف الرجل العجوز نبل هذا الفتى واصالة معدنه . كما علم منه حاجته لاي عمل يقيت منه زوجته وابنه ، الى ان يفرجها الله تعالى .فرج الله قريب يا ولدي ، فرج الله قريب ، قالها الرجل العجوز ، ان ما يدرّ علي هذا المحل لا يكاد يكفيني واسرتي وما كنت لاعمل وانا في هذه السن لو ان ما اجنيه يكفي لتشغيل ( صبي) معي . قال له حامد ولكنني سوف اعمل بدون اجر لن تدفع لي شيئا ولن اطالبك بشيئ . استغرب الرجل ذلك وسأل حامد كيف ستعمل بدون اجر وانت تذكر بان لك اسرة تريد ان تعمل لاعالتها ؟

قال له حامد ببساطه : سوف اكتفي بأخد شيئ يسير من الطعام شيئ بسيط وجبة واحدة تكفيني واسرتي في اليوم ، لن يشعراحد من العملاء بما نأخذه او يفقده بل ان الكثير من العملاء سوف يتغاضون عنه .

لم ترق الفكرة للعجوز ولكنه كان اكثر مرونة وقابلية للنقاش . كان الرجل العجوز متعبا ولم تكن لديه الطاقة الكافية لعمل مجهد يتطلب يقظة وانتباها ، لقد كان يخشى من توقف عمله لاعتلال صحته ، كل ذلك جعله يقبل بعرض حامد هذا ، بعد نقاش طويل واستفسارات عديدة ضمن من خلالها ان الغلّة اليومية للمحل لن تتأثر .

وقال لحامد : غدا تستطيع ان تبدأ عملك .

فقال له حامد ولماذا غدا بل الآن ابدأ ، وسوف اقوم بكل العمل وما عليك الا الاشراف والترحيب بزبائنك وقبض النقود منهم .ما كاد يوم عمل حامد ينتهي حتى ضمن ما يكفي لاطعام زوجته وابنه من آذان الخرفان الطازجة ، وكان في كل يوم يعود لهم قبيل صلاة العصر بقفة مليئة من تلكم الآذان يتناولونها شهية ويشربون عليها من ماء زمزم حتى هيئا الله له عملا يقتات منه .

سمعت هذه القصة غير مرّة يرويها ابن حامد ثالث الثلاثة ، وتناسيتها حتى سألني معلم اللغة الانجليزية ذات مرة في احدى الدول الاوربية عندما عرف انني عربي قائلا : اخبرني قريب لي عمل في السلك الدبلوماسي في دولة عربية انكم معشر العرب تأكلون رؤوس الخرفان ، فهل هذا صحيح ؟
عندها تذكرت هذه القصة ،
فاجبته نعم وآذانها ايضا ،،،
والسلام عليكم ورحمة الله .

كتبها لكم : الحاج سلام الثمالي ،،،
رد مع اقتباس