عرض مشاركة واحدة
قديم 05-23-2009   رقم المشاركة : ( 2 )
مناهل
ذهبي مشارك

الصورة الرمزية مناهل

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2376
تـاريخ التسجيـل : 22-03-2008
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 1,623
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 290
قوة التـرشيــــح : مناهل تميز فوق العادةمناهل تميز فوق العادةمناهل تميز فوق العادة


مناهل غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كيف تتصرف في حالات الزلازل والبراكين ؟

تعتبر الزلازل من أخطر الكوارث التي تهدد العالم لما تسببه من خسائر فادحة للأفراد والممتلكات، ومما يزيد من أخطارها حدوثها بشكل فجائي يحول دون اتخاذ الترتيبات الاحترازية الكافية من قبل الأفراد أو الجهات المعنية ذاتها.

وعلى الرغم من التقدم التكنولوجي بدول العالم إلا أن محاولات التنبؤ بحدوث الزلازل أو الإنذار المبكر عنها لا تزال محدودة النتائج.

والزلازل تعتبر علامة من علامات الساعة ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ ، وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ ، وَهُوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ ، حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمْ الْمَالُ فَيَفِيضَ))

ففي كل حين نسمع في الأخبار أن زلزالاً وقع في بلد ، وزلزالاً وقع في بلد آخر ، وأن هذه الأخبار تتقارب ، وتتعاظم درجات هذه الزلازل ، وتودي بحياة بضع عشرات من الألوف ، وأن كثرتها وشدتها مصداق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، إن هذه الزلازل من وظائفها أنها تعطينا معنى الزلزلة الكبرى ، التي أوعد الله بها ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ } . ( من مقال ( وزلزل البحر ، فدمرت الأرض ، فهل من متعظ ؟ )







دروس وعبر :

( فمن ذلك الوقوف عند قوله تعالى : (وما نرسل بالآيات إلاّ تخويفاً)إن الله عز وجل يخوف عباده بالآيات السمعية كما قال سبحانه: (ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ) فيعتبر ويتذكر أولوا الألباب كما قال سبحانه: (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ).

غير أنه تظل فئة من الناس متبلدة الأفهام والإحساس لاتؤثر فيها الآيات السمعية، بل ما تزداد غير طغيان وبعداً، كما قال سبحانه: (وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا).

ولعل من إمهال الله لفئام من البشر الذين تبلدت أحاسيسهم وفهومهم فلم تخلص إليهم معاني الآيات السمعية المتلوة، ومن رحمة الله بهم بعثه بالآيات الكونية المرئية المحسوسة، حتى تنبه من لم تكفه الإشارة، وتنغز من لم يفهم العبارة، فإن انصاعوا بعدها تجاوز عنهم، وغفر لهم، وكشف ما بهم، وإن استمرءوا التكذيب ومحادة الرسل، فلم تبق إلاّ النار تذيب تلك الفهوم المتحجرة، وتشوي تلك الجلود الثخينة المتبلدة.

ولهذا جرت سنة الله بإهلاك المكذبين الذين لم تكفهم الآيات السمعية، بعد إرسال الآيات الكونية، فإذا لم يعتبروا بهما أهلكهم بعدها أخذاً لهم بذنوبهم، ومن هؤلاء قوم صالح أصحاب الناقة، جادلهم رسولهم بالحجج السمعية، ثم بعث الله لهم آية مشهودة مرئية، فقال الله عز وجل حكاية عن نبيهم: (وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ * فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ).

ولم يُذكر في القرآن أن الله أنجى قوماً بعد أن رأوا الآية الكونية إلاّ قوم يونس، قال الله تعالى: (ولَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ). فما أعقلهم من قوم آبوا جميعاً ورجعوا إلى ربهم مذعنين عندما رأوا الآية.

قد يتعجب المرء! ما بال أولئك المكذبين؟ أليست لهم عقول؟ أولا يرون الآيات؟ فما بالهم لايرعوون ولايرجعون؟! أيعقل أن يرى فرعون تسع آيات ثم يصر مستكبراً؟ ألا يعقل؟

والجواب بلى كانت لهم عقول، وكانت لهم حضارة، وكانت لهم علوم، ولكنهم اغتروا بها فاقتصر نظرهم على ظاهر الأمور ولم يتعده إلى مسبباتها وحقائقها وما ورائها، وتأمل معي قول العزيز الحكيم: (وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ * أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ * فَلَمَّا جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون * فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ).

نعم قد سمعوا بالآيات التي نزلت بالأمم كما سمعنا بها، ورأوها كما شهدناها، وعلموا أن الهالكين أشد منهم قوة وآثاراً في الأرض كما علمنا، وفوق ذلك كله قد جاءتهم الرسل بالبينات كما جاءتنا، ولكن........؟

(فرحوا بما عندهم من العلم) فكانت النتيجة الطبيعية : (وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون)، وعندها استفاقوا: (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ).

لقد كانوا يرون الآيات ولكن ما عندهم من العلم قادهم إلى بَطَر الحق، فَمَنْ أُهلِكوا بالريح، غضبت عليهم الطبيعة وفق علومهم! إثر تقلبات جوية، سببتها تخلخلات في الضغط الجوي بفعل تغيرات في السخونة والبرودة. وهكذا تنتهي الآية فلا ينظر عاقل في مسبب الأمر وموقته ومدبره، سبحانه وتعالى!

كان أحدهم يرى الخسوف فيقول من الطبيعي انعكاس ظل الأرض على القمر! وينسى الذي أوجد هذه الطبيعة بعد أن كوكب الكواكب وأجراها على ناموس مطرد فلا يتساءل ما باله أمره فاضطرب هنا، ولماذا؟

وإذا أُهلك قوم بالطوفان، ورأوا الآية فرحوا بما عندهم من العلم، وقالوا: هزة أرضية ناجمة عن تخلخل للصفائح في قعر المحيط أدى إلى ارتفاع مد البحر، وتننتهي القضية دون نظر إلى من أوجد تلك الصحائف وأرساها وجعل بها صدوعاً في ذلك المكان ودون اعتناء بأمر من أمر تلك الصحائف أن تضطرب الساعة فاضطربت، وأمرها أن تسكن بعدها فسكنت! فإذا تساءلت من المسبب لتلك الأسباب، يخرس متفلسفة كل عصر، وينطق العجاج، من عاصر الجاهلية الأولى ثم أدرك الإسلام:



لقد رأى فرعون طوفان النهر أو البحر أحد تسع آيات ذكرت في القرآن فلم يعتبرها آية، بل ثورة كونية! ويرى اليوم بعض الناس طوفان المحيط فيتبع منطق فرعون فلا يراه آية، بل هو غدر الطبيعة القاسي!

ويصر على عزو الأمور إلى أسباب تفتقر إلى أخرى لاتنتهي إلاّ عند مسببها. فقد تقرر في ميزان العقول أن كل ماهو جائز الحدوث، من نحو هذه العوارض الأرضية، من الممكن أن يكون، ومن الممكن ألا يكون، فكونه جائزاً قضى باستواء طرفي الوجود والعدم، فلا يترجح أحد الطرفين فيكون موجوداً أو يكون معدوماً إلاّ بمرجح خارجي ليس بجائز بل واجب تختلف صفاته ونعوته عن مايدركه البشر من الموجودات الجائزة فلا تجري فيه مقاييسهم.

إن من فرح بما علمه من أسباب كونية وأصر على قصر تفسير الظواهر الأرضية بها فسينتهي به المطاف إلى الحيرة أو الاتكاء على سبب هش لن يجد له مسبباً إلاّ إن أقر بالخالق الرازق المدبر واعترف بعلمه وقدرته ومشيئته، وعلم أنه لايحيط به علماً.
وعندها حري به أن يلهج بدعاء الأنبياء: (سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)، (لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ).

أ. د .ناصر بن سليمان العمر
المصدر : موقع المسلم
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس