عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 01-11-2009
الصورة الرمزية أبو عبدالرحمن
 
أبو عبدالرحمن
المشرف العام

  أبو عبدالرحمن غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2
تـاريخ التسجيـل : 29-07-2005
الـــــدولـــــــــــة : وادي جفن
المشاركـــــــات : 17,068
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 4291
قوة التـرشيــــح : أبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادةأبو عبدالرحمن تميز فوق العادة
Thumbs down محمد حسين هيكل يصف سد السملجي

محمد حسين هيكل يصف سد السملجي محمد حسين هيكل يصف سد السملجي محمد حسين هيكل يصف سد السملجي محمد حسين هيكل يصف سد السملجي محمد حسين هيكل يصف سد السملجي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته............وبعد
فاستكمالا في البحث عن المؤرخين والرحالة الذين زاورا منطقة بلاد ثمالة ..ووقفوا على سد ثمالة (سد السملقي ) وقاموا بوصفه..
اليوم بين أيدينا ...نص وزيارة ووصف جميل من أديب ومؤرخ وصحفي وسياسي
قام بزيارة السد قبل 73 عامًا!!
هو: محمد حسين هيكل ، الذي ولد في عام 1888م بمدينة المنصورة بمصر .
و توفي في 1956 م عن عمر يناهز 68 عاما.


فهذا الكاتب قد زار الطائف وقد عُني بزيارة سد السملقي ، حيث سجل الانطباعات التالية عنه (من كتاب في منزل الوحي ) . ..
ملاحظة ( ما يكون بالخط الأزرق فهو من تعليقي ، فقط من أجل تصحيح خطأ أو توضيح )

***************************************
في منزل الوحى ـ 1939 م

و كنا إذا بلغناه قد تجاوزنا وادي صخيرة إلى وادي ثمالة .وتجاوزنا قسوة الطبيعة إلى ابتسامتها بالزرع النَّضر والخضرة الباسمة...
و لم نتردد في اختيار المكان ، فهذا السد أمامنا ضخم عريض السطح مرتفع يشرف على ما حوله ، و هو فيما يبدو من أمره أثر تاريخي كان له في حياة هذه البلاد أثر بالغ ، فلنصعد إليه و لنتخذ من سطحه مائدتنا ، و تسلقنا أحجاره الضخمة كما يتسلق الناس الأهرام في مصر حتى استوينا فوقه ، ثم سرنا حتى توسطنا سطحه ، و نظرت عن يميني فإذا مجرى أشبه بمجرى النهر قد حصر بين شاطئين و لا ماء فيه ، و عن يساري فإذا أرض مستوية استوت فيها الحنطة على سوقها و لما تحصد بعد ، ومن أمامي و من خلفي جبلان يحصران هذا الوادي الفسيح تتحدث أرضه بمعاني الخصب و قوة الإثمار ، و إن لم يكن به من زرع إلا هذه الحنطة التي أرى ، و جلسنا على الحجر ، و نشرنا عليه ما معنا من الزاد ، ما كان أحلاه و أشهاه على بساطته و بداوته ! استغفر الله ! لم يكن بدوياً و قد كان بعضه بسكوت .ومُرَبَّى مجلوبين من انجلترا . و اشتركنا جميعا في تناوله .
ومن ثم دار حديث عن القبائل المحيطة..
.... و هبطنا إلى مزرعة الحنطة و استقبلنا السد ، فأخذت بنظرنا الأحجار الضخمة التي شيد منها ، كما أخذ بنظرنا أحكام بنائه على عظمته و ضخامته ، فهو يبلغ نحو الثمانين متراً في طوله ( غير صحيح إطلاقا! فطول السد يقارب الـ 210 م ) ، و 11 متراً في في ارتفاعه ، أما عرض سطحه فيزيد على عشرة أمتار ،
و سألت عن تاريخ بنائه فقيل : إنه يرجع إلى عهد معاوية بن أبي سفيان في صدر الإسلام ، و إن الحجة في ذلك هذه الكتابة المنقوشة علي أحد أحجاره ، و التي لا تكاد تتضح ، فقد نقلها عبد الله باشا باناجي بالفوتوغرافيا في أوائل هذا القرن و بعث بها إلى مصر حيث حلت رموزها ، فإذا فيها : ( أمر ببنائه عمرو بن العاص بأمر أمير المؤمنين معاوية ابن أبي سفيان)
هو إذا يرجع إلى ثلاثمائة و ألف سنة خلت لم يكن بناة الأهرام وحدهم إذاً هم الذين عرفوا العظيم و الضخم في العمارة ، بل عرف أبناء بلاد العرب ما عرف قدماء المصريين ، فأقام أهل الطائف هذا السد كما أقيم سد مأرب في بلاد اليمن ، و أقيم هذا السد في مسيل الوادي بين السدين كما أقيم سد مأرب لينتفع الناس بالمياه و لا يدعونها تذهب هدراً . كانت الغايات الاقتصادية و العمرانية هي التي أدت إلى قيام هذا السد إذا كما أدت إلى إقامة سد مأرب . و هذه الغايات هي التي دعت بناته ليقيموه بالقوة و المتانة التي أقاموه بها من أحجار ضخمة كريمة يمسكها الملاط القوي على مجابهة الزمان . لا بد إذاً أن قد كان العرب في صدر الإسلام ينعمون بحضارة ننكرها اليوم عليهم ، لأن أبناءهم أنكروها عليهم بإهمالهم إياها . بل أراني أميل إلى الظن بأن هذه الحضارة كانت قائمة ينعم بها أهل هذه البلاد قبل الإسلام ، و أن الدين القيم قد نزل على قوم لهم من الحضارة هذا الحظ الأوفى .
و أدليت بما جال بخاطري من ذلك ، فذكر السيد صالح القزاز(أمين أموال الدولة في الطائف ) : أن هذا السد أضخم سدود الطائف المعروفة ، لكن بالطائف سبعين سداً غيره ، و منها ما كان يدانيه ضخامة و عظمة . من ذلك سد واقع في حمى سيسد المعروف بشرق الطائف ووادي محرم . و هذه السدود جميعها مخربة منذ أزمان بعيدة لا يعرف أحد من أبناء هذا الجيل عنها شيئاً ، و لم تخامرني ريب في أن تخريب هذه السدود هو الذي هوى بالطائف إلى حيث اليوم بعد أن كانت مضرب المثل في الخصب و المنعة ، فقد كانت هذه السدود جميعاً خزانات تحجز مياه المطر لفائدة الزراعة ، فكانت المساحات الواسعة تستغل مزارع الحنطة و الغلال و الفاكهة و ما إليها مما ترويه الكتب عن ثروة الطائف عن مكانتها الاقتصادية و كان ذلك سبباً في العمران و انتشار السكان في هذه الأودية الكثيرة التي مررنا بها و التي لم نمر بها . أما اليوم فأنت لا ترى في هذه الأودية أثراً ظاهراً للعمران و ما يذكرونه عن ثمالة و صخر و ثقيف و هذيل و أفخاذها و بطونها لا يزيد على أسماء تحيي في النفس ذكريات تاريخية ترجع إلى أيام الإسلام الأولى ، و ترجع إلى ما قبل الإسلام فإذا أردنا أن نلتمسها اليوم لم نجد إلا نجوعاً منثورة هاهنا و هناك يقيم فيها الأعراب من لا يزيدون عن البدو الرحل رقياً و لا تحضراً ، و من جنوا بتأخرهم على ما كان لهذه الحضارة الزاهرة في صدر الإسلام من مكانه لا ينكرها أحد .
و أردف السيد صالح : و لم تكن مياه هذه السدود مقصورة فائدتها على إمداد الزراعة المتصلة بها ، بل كان لها فائدة أخرى لا تقل عن حجز الماء و قد تربو عليه ذلك أنها ترفع مياه العيون و الآبار في المناطق التي لا تصلها مياه السدود ، فتجعل الري من هذه الآبار و العيون هيناً ميسوراً ، و العمران يزدهر حينما وجد الماء فجعل كل ما حوله حيا . لذلك كانت بادية الطائف عامرة كلها ، و كانت الدور و القصور قائمة في هذه الأماكن التي لم نسمع اليوم أسماءها و لا نجد لها أثراً . و سنرى مصداق ذلك اليوم حين نذهب إلى الهدة و غداً حين نذهب إلى الشفا ، إذ نسمع أسماء وردت في الشعر القديم على أنها موضع حضارة أو عمران ، و هي اليوم بادية ممتدة أمام النظر ليس فيها أثر لحضارة أو عمران ، إلا ما يكون من رسم دارس يثير بقاؤه في النفس الأسى و في القلب الحسرة .
علونا مزرعة الحنطة إلى الطريق لنستقل السيارة عائدين إلى الطائف في طريقنا إلى الهدة ، ووفنا إلى جانب السد ريثما يجتمع رفاقنا .

و سألني صاحبي عن هذا السد و رأيي فيه . و سألته بدوري عن صحة اسمه : أهو السد السملجي أم السد السملقي ؟ فهم ينطقونه جيم كجيم أهل القاهرة ، و قافاً كقاف أهل الريف في مصر، و كنت أميل إلى الظن بأنه السملقي ، لا أدري لم . و اختلف القوم و أصر أكثرهم على أنه السملجي .."(الاختلاف ما بين الكاتب ومن صحبه في هذه الرحلة )
و أيضاً قال هيكل : و فيما نشرب القهوة أغمضت و رحت أفكر فيما رأيت فهذه البادية التي جست خلالها أمس و اليوم بادية الخصب غزيرة الماء ، بديعة الهواء في الصيف غير قاسية القر في الشتاء ... و ما رأيت بها من سدود ضخمة لحجز لمياه كي ينتفع بها الزارع ، و ترتفع بها مياه الآبار يشهد بأن الذين عمروها و أنشئوا هذه السدود كانوا ذوي حضارة و فن يعرفان كيف يفيدان من خصب الطبيعة و قوتها على الإثمار
*************
وإلى لقاء قريب,,,
توقيع » أبو عبدالرحمن
رد مع اقتباس