الموضوع: اعترافات فتاة
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-24-2008   رقم المشاركة : ( 30 )
الدانه
مشرفة القسم الاجتماعي

الصورة الرمزية الدانه

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1461
تـاريخ التسجيـل : 28-07-2007
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 4,343
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 127
قوة التـرشيــــح : الدانه تميز فوق العادةالدانه تميز فوق العادة


الدانه غير متواجد حالياً

افتراضي رد: اعترافات فتاة

ليس ثمة بكاء تحت الباب

كانت منيرة تضع الحناء على رأسها حين دخلت غرفتي..
ـ (أفففففف .. شالريحة..؟!)
ـ حمد الله! أي ريحة؟ حناء..
ـ لا ! .. شكله فيه بلاوي..
ـ ما فيه شي .. بيضة وشوية ثوم بس..
ـ بسسسسسسسسس؟! يا سلام .. طيب تفضلي برا .. قبل لا..
فجأة.. دخل أطفالها خلفها.. وهجوووووم جنوني على غرفتي..
ـ أطلعوا برا.. عندي اختبار.. حرام عليكم الساعة واحدة وأنا ما خلصت.. براااا..
انطلق عزيزان نحو أدراج مكياجي مباشرة..
فأسرعت أهجم عليه.. وأسحب من يده أرواجي..
حين التفت كانت ريّوم قد قفزت على سريري وأمسكت بالقلم وبدأت ترسم على ملزمتي..
ـ منيييييييييييييييييييييييرة.. طلعي قرودك بسرعة..
مطت منيرة شفتها وأعطتني ظهرها دون أي اهتمام مبتعدة تاركة رائحة الثوم تفوح خلفها..
أمسكتهم من ياقة بيجاماتهم.. ورفعتهم لأعلى مثل جراء القطط ورميتهم خارج باب غرفتي وهم يبكون.. وأغلقت الباب..
وهنا .. بدأ الصياح .. والبكاء..
يا الله .. يا ربي .. ماذا أفعل الآن..؟
أصوات بكاء مزعجة .. وأنا أريد أن أدرس..
ريوم تضع فمها تحت فتحة باب غرفتي وتبكي..
ـ خالة حصووووص .. الله يخليك .. آآآآآآآآآ..
يتبعها صوت عزيزان الخشن..
ـ هالة هسوووووووس .. عآآآآآآ .. عااااااا...
ـ أقول .. الله ياخذكم..
وأفكر قليلاً فأستغفر الله ..
ـ أستغفر الله .. الله يهديكم ويصلحكم .. روحوا عند ماما نورة .. وإلا ماما منيرة يالله روحوا لا أذبحكم...
ـ لااااااااا .. نبي عندك..
أفففففففففف .. يا الله .. مشكلة .. يا لها من مشكلة..
أحاول حل مسألة بسيطة فلا أستطيع التركيز..
كم مول يوجد في 50 ملجم من نترات الصوديوم إذا علمت..
(هاااااالة هسووووووووس .. عآآآآآآآآآآآآآآآآآآ..)
كم مول يوجد في 50 ملجم من هسوس .. وجع!!
عزيزاااااااااان .. بس يا البعير!
منذ ستة أشهر وأختي منيرة تقيم لدينا بعد خصامها مع زوجها .. وهؤلاء القرود يعيثون في بيتنا فساداً..
لم أعد قادرة حتى على الدراسة لمدة نصف ساعة!
يا الله..
رغم شقاوتهم .. وأذاهم .. إلا أني أشعر بالعطف عليهم .. إنهم مثل الأيتام..
حسناً .. سأفتح لهم..
لا .. لا! .. يجب أن أدرس .. اختباري غداً صعب جداً .. سأتركهم يبكون إلى الغد..
كل هذا بسبب أمهم..
مهما قالت .. ومهما قالت أمي..
ما كان عليها أن تتخذ قراراً مصيرياً كطلب الطلاق .. لأسباب تافهة ..
(لا يخرج بي .. دائماً عند أهله .. لا يهتم بي ...!)

هل هذه أسباب تبرر لها أن تطلب الطلاق ولديها أطفال أبرياء..؟

فتحت باب غرفتي لأحضر بعض الماء .. فإذا .. بهم وقد ناموا عند الباب..
منظر مضحك .. ناموا وأفواهم عند فتحة أسفل الباب .. هه..
ناديت منيرة..
ـ منيييييييرة.. تعالي احملي أطفالك .. لقد ناموا على الأرض..
ـ احمليهم أنت..
ـ ماذا؟!
شعرت بالغضب من برودها..
ـ لن أحملهم.. سأدعهم هنا على السيراميك البارد..!
لم تهتم واستمرت تتابع مسلسلتها المفضلة .. يا للبرود!
ذهبت لأشرب الماء .. وعدت وهؤلاء المساكين على الأرض .. لكني كنت قد اتخذت قراراً بالـ (العناد)..
والمشكلة أن أمي قد نامت .. فمن يحملهم..؟
ـ منييييييييييرة .. حرام عيالك شيليهم..!
ـ اصبري شوي..
كانت تتابع التلفاز بمنتهى الاهتمام في الصالة..
وأردت أن أعرف نهاية هذا البرود .. فضغطت على قلبي .. ودخلت غرفتي .. تاركة إياهم على الأرض .. مساكين..
سبحان الله ..
هل هو برود أم عناد .. أم لا مبالاة ..
كيف تترك أطفالها هكذا ..

عرفت الآن ماذا كان يعني زوجها حين قال أنه سئم من تحمل برودها وعدم اهتمامها ..

أختي للأسف .. إنسانة فارغة .. ليس لديها أي اهتمام بشؤون التربية أو التعامل مع الآخرين ..
ليس لديها أي حس بالمسؤولية..
كل ما يهمها فقط هو خلطات شعرها وبشرتها .. وتعلم طرق وضع المكياج .. ومتابعة تمارينها في النادي..
حين علم الناس بأنها (زعلانة) لدينا قامت الدنيا ولم تقعد .. شهقت جارتنا أم خالد..
(منيييييييييييييييرة؟! المزيونة؟! مالت عليه .. وين يلقى أحلى منها .. صحيح الزين ما له حظ..)
كنت أعلم أن أختي مليئة بالعيوب لكني سكت على مضض ولم أبح لأحد ولا حتى لأمي بفداحة أخطائها في التعامل مع زوجها وأطفالها..
لا ترى إلا نفسها .. لا تريد أن تبذل أي شيء .. ولا تهتم بأي شيء ..
أطفالها ينامون جوعى .. ترتفع حرارتهم .. يجلسون مع الخادمة بالساعات.. لا يهم!! ..
زوجها يعود فلا يجدها في البيت .. لا مشكلة..! يطلب منها حضور مناسبة مهمة مع والدته.. غير ضروري!..
يمرض زوجها ويتغيب عن عمله.. بينما تذهب للنادي بمنتهى اللامبالاة..!
حاول المسكين أن يصبر عليها من أجل الأطفال .. تحمل من أجلها الكثير .. أصبح يهرب من البيت لمنزل أهله .. لكن دون جدوى ..
وحين ملت من هروبه .. سحبت أطفالها معها إلى بيتنا..
الساعة الرابعة فجراً .. صحوت على صوت أبي عند بابي وهو غاضب..
ـ حرام عليكم .. كيف تتركون هؤلاء الأطفال نائمين على الأرض تحت التكييف ..
منيييييييييرة!!
فتحت باب غرفتي فإذا بأبي الذي كان يستعد للذهاب لصلاة الفجر وهو يحمل عزوز..
ـ حسبي الله ونعم الوكيل على أمكم..

* * *

ـ منيرة..
ـ نعم..
كانت تضع قدميها في حوض ماء دافئ .. وتتابع التلفاز..
ـ لماذا لا تعودين إلى زوجك؟!
نظرت إلي بغضب .. واشمئزاز..
ـ ماذاااااااا؟! أعود لذلك الـ(خبل)؟!
صعقت .. كيف يمكن أن تتحدث عن والد أبنائها –بأي حال- بهذه الطريقة؟
ـ وما الذي تريدينه منه بالضبط..؟
حكت رقبتها باسترخاء ثم قالت..
ـ لن أعود له حتى يرجوني أن أقبل اعتذاره..! حين يعرف قيمتي..
ـ لكنه أتى وحدث الوالد أكثر من مرة .. وحاول إرضاءك بشتى السبل..
ـ لا يكفي .. أريد أن أذله أكثر..
ـ (تذلينه)؟! .. ما هذا الكلام يا منيرة..؟ حرام عليك.. ثم .. إن لك الآن ستة أشهر بعيدة عن بيتك .. ليست بالمدة الهينة .. ألا تكفي؟
ـ المشكلة أنه لا يفهم ولا يتعلم .. ولا يقدر من هي زوجته..
كنت أعلم أنها تحبه .. لكنها كعادتها .. لا تهتم بأحد أبداً..
بعد حديثنا ذلك بثلاثة أسابيع حدث ما لم نكن نتوقعه .. تم طلاقها..
حتى هي صعقت .. انهارت .. لم تتصور أن يتخلى عنها بهذه السهولة..
وشعرتُ بشماتة غريبة في سري .. رغم أنها أختي إلا أني كنت أريدها أن تتعلم درساً من غرورها ولا مبالاتها..
بعد طلاقها .. ازداد إهمالها لأطفالها .. وازداد اهتمامها بنفسها بشكل مقزز..
كانت تصرف راتبها كله على جمالها ورشاقتها.. دون أن تفكر ولو لوهلة في توفير شيء منه لأطفالها أو حتى لنفسها..
تعبنا أنا ووالدتي المريضة بالسكر والقلب .. من متابعة أطفالها الأشقياء..
وحين طلب والدهم حضانتهم منا .. وافقت أمي مباشرة .. لأنها لم تعد تستطيع السيطرة عليهم ..
حاولت ثني أمي عن القرار قلت لها أني سأحاول أن أكون مسؤولة عنهم .. لكنها رفضت ..
وقالت أنها تعبت من مسؤوليتهم ومن متابعة شؤونهم (في ظل لا مبالاة أمهم طبعاً)..
أما منيرة .. فلم تهتم بالأمر كثيراً .. بالعكس سمعتها تتناقش مع أمي حول أن هذا سيعطيها فرصة أكبر للزواج!
سبحان الله كيف تفكر بالزواج وصغيرها لم يجاوز الثلاث سنوات؟
حين أتى والدهم لأخذهم قبلتُهم وضممتهم إلى صدري وأخذت أبكي .. أما هي فكانت تتحدث بالهاتف كعادتها .. دون أدنى اهتمام ..
وكأنهم ذاهبون لمشوار قصير وسيعودون..!!
بعد ذلك .. لم يعودوا يأتون لزيارتنا إلا مرة في الشهر..
الساعة الواحدة ليلاً .. لدي اختبار مهم غداً ..
أقلب صفحات الملزمة..
أفتقد شيئاً ما .. لا أستطيع التركيز..
شيء يؤلمني ..
أقف عند باب غرفتي ..
أرهف السمع .. أبحث عن شيء..
لكن عبثاً..
ليس ثمة أصوات بكاء تتسلل تحت الباب..


**
مجلة حياة
آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس