عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 03-01-2006
 
المستعين بالله ابوعبدالله
كاتب مبدع

  المستعين بالله ابوعبدالله غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 197
تـاريخ التسجيـل : 24-11-2005
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 820
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : المستعين بالله ابوعبدالله
افتراضي عرفناهم ثم أفتقدناهم/ألحلقة الثالثة

عرفناهم ثم أفتقدناهم/ألحلقة الثالثة عرفناهم ثم أفتقدناهم/ألحلقة الثالثة عرفناهم ثم أفتقدناهم/ألحلقة الثالثة عرفناهم ثم أفتقدناهم/ألحلقة الثالثة عرفناهم ثم أفتقدناهم/ألحلقة الثالثة

بسم الله الرحمن الرحيم
عرفناهم ثم أفتقدناهم/الحلقة الثالثة
أواخر ألستينيات وأوائل ألسبعينيات من ألقرن الهجري الماضي كانت ثمالة ككثير من قبائل الجزيرة تعتز أيما أعتزاز بقيم وعادات نبيلة بها يعلو أناس وبدونها تخفت سمعة آخرين , تلك ألقيم بتلك ألفترة جلها أرث قديم منذ آلاف السنين وظلت كما كانت جيلا بعد جيل <30-40عاما> تشع دفئا بكل زاوية من زوايا المجتمع ,,,, في قمة القيم تلك كان يتربع الكرم الذي هو جزء من الدين متى ما أنضبط بالشرع <عندما يقصد به وجه ألله ويبتعد فيه عن ما نهى الله> ,,,, ومن فروع الكرم أكرام الجار حتى وأن جار, وأكرام ألضيف مهما تكرر ألتضياف وكثر ألأضياف.....
علم من أعلام ثمالة بتلك الفترة له يد طولى بتلك الفضيلة أبو محسن عبد الله بن وافي ألثمالي تغمدهم الله جميعا بواسع رحمته ,,, كان عبد الله في داره المطلة على وادي جرموز مضيافا لا يتخطاه ألأضياف , فقد كان مقتدرا , مزارعه على امتداد بصره تنتج الحبوب وتتعدد بها ألآبار والأشجار, ومواشيه تملأ المراح في ألمرواح وتلحف الجبال في ألمسراح <كناية عن الكثره> , والمقاري تتزاحم بها أهرام الخلايا عاجة بالنحل سائلة بألعسل بفناء الدار , والشح لا مكان له ألا تحت قدميه ,,, من داره تلك كان يرى ألطريق ألتي يسلكها ألعابرون على مرمى بصره , فمن حاول أن يتخطاه سالكا تلك الطريق وظنه غريبا ليس من أهل ألأودية ألقريبة ناداه بأعلى صوته داعيا أياه : <عد تقهوى وأعطنا علومك> , فمن أعتذر أعذر , ومن أجاب فالترحيب ثم وافر التكريم الذي أدناه عريكة أقراص البر والسمن والعسل لمن كان مستعجلا من ألأضياف ومن كان متأنيا تلاها الذبيحة وسعة التكريم , ومن عادته وعادة جيله أن لا يستعلم ألضيف عن أسمه أو قومه أو غرضه ...الخ , ألا بعد رفع يده من الزاد والتكريم من ألمقهاة , عندها يبدأ الضيف في التحدث والمضيف ومن معه منصتون , وعادة يكون الحديث قطعة أدبيه لها آدابها وقواعدها فيها الشمول والأيجاز وفنون البلاغة بلا تكلف أو مبالغه لأنهم كانوا يتذوقون البيان وعذب الكلام , وبعد فراغ الضيف يبدأ المضيف ومن معه يستعلمون عن الخصوصيات وكأنما هم في مداخلات في أحد ألمؤتمرات أو ألأجتماعات بمفهومنا اليوم ...
ما ذكرته آنفا ليس سببا لما كتبته بهذه ألحلقة لأن هناك أمثاله من ثمالة ,,,, ولكنه رحمه الله تميز على أقرانه في زمانه بكثرة جيرانه من قومه ثمالة ومن قبائل هوازن وقريش وفهم وغيرهم , ثم تميز بطول فترة ألأجارة للمستجيرين , نعم , فمن هؤلاء رجل فاضل من قريش <أبوعباد ألقرشي> ,,,, من قريش ألقبيلة ألتي تربط بينها وبين ثمالة روابط كثيرة ليس هذا مقام ذكرها , فقد أجاره وأعطاه دارا <دار المحابيس> بأحواشها وسوحها وفسوحها والى جانبها ألبئر سقيا لأهل بيته وميرادا لمواشيه التي تفلا بأطراف واديه , وليس لعام أو عامين أو ثلاثة بل لمدى حياة المجير <عبدالله> , ولم يكن ذلك لقرابة أو صداقة أو غيره ,,, كلا ,, أنما فقط لأنه طلب الجوار عندما جارعليه الزمان ,, يومها , مما لا يجهله أحد من الناس أنه ما أن يمنح الجوار فالعار يلحق بالمجير لو أوذي ألمستجير أو من يعول بقول أو فعل أو أشارة ,,, ودونما مبالغه فقد كان يهون على الرجل ألحاق ألأذى به أو بولده على ألحاقه بمن أستجاره , فمن رحل عنه جاره متأذيا فالعار والثبار عليه وعلى قومه , مذمة تتناقلها الركبان ويهجو بها ألشعراء .....
بقي أبو عباد ألقرشي جارا لأبن وافي معززا بين ألقبيلة محضيا بينهم بالتقدير ما يزيد على ثلاثين عاما له ما لعشيرة المجير وليس عليه شيء مما عليهم ألى أن رحل لدياره بالوهط جنوب الطائف لا من جفاء أو قلة في ألأحتفاء من مجيريه وأنما لأن ألظروف بدياره قد أصبحت مواتية وأكثر أيسارا تزامنا مع بداية ألأنتعاش في أوائل ألطفرة .....
وختاما لكم هي ألحسرة على مكارم أخلاق رحلت برحيل ذلك الجيل رحمهم الله , فلم يعد هناك اليوم قيم لمجير ولا جار, أما ألضيافة فلكم هو مؤسف أن نرى المسلم في هذا ألزمان وهو ألضيف ألذي ألجأه العوز وقدم من وراء البحار يؤرقه ألحنين الى ألأهل والموطن والأنين من جفوة وظلم أخوانه في ألعقيدة ألذين وفد أليهم وعاملوه كما يعامل ألأيتام على مائدة اللئام ,,, نعم , فما عساني قائل لبني قومي ؟؟, أقول , لئن كنتم على شيء من مكارم ألأخلاق ألتي كان عليها أسلافكم وحثكم عليها دينكم فعليكم بأكرام ضيوفكم بادئين بالخدم في بيوتكم ألذين كانوا قبل عقود هم ألأغنياء وأنتم ألفقراء ,,, والرفق مع أجرائكم ,, والصلة لجيرانكم وذوي أرحامكم ,, فمن لم يكرم هؤلاء قبل غيرهم فما أبعد الكرم عنه مهما أقام من الولائم ودعا أليها من المدعوين , فما أرى ذاك ألا تصنعا للكرم وسرفا وترفا ورياءا مع الخلق ونسيانا لأخلاق أمر بها ألخالق ....
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا أله ألا أنت أستغفرك اللهم وأتوب أليك .....
توقيع » المستعين بالله ابوعبدالله
هدية البيت الكبير للمستعين بالله
رد مع اقتباس