عرض مشاركة واحدة
قديم 03-08-2013   رقم المشاركة : ( 2 )
محمد السالم
عضو


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9095
تـاريخ التسجيـل : 08-03-2013
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 12
آخــر تواجــــــــد : ()
عدد الـــنقــــــاط : 10
قوة التـرشيــــح : محمد السالم


محمد السالم غير متواجد حالياً

افتراضي رد: ودفعت أتعاب شتمي


عرفت طريق مقعدي . بعد أن أرشدتني اليه إحدى المضيفات التي لا تنقصهاالرشاقة والجمال .تحدث قائد الرحلة مع الركاب عبر الراديو وأخبرهم أن الرحلة تربوعلى ست ساعات ونصف الساعة من الطيران . وتمنى لهم رحلة سعيدة وأنا كذلك تمنيت ولكنيبدو لم تتحقق أمنيتي .

كان مقعدي محاذيا للنافذة وبجانبي امرأة علمتفيمابعد أنها من "نيوزيلندا" ؛ وذاهبة إلى مؤتمر "تآخي الشعوب ضد مرض الايدز فيروما" !.

تحدثت لي عن نشاطهم ومنحتني بعض الكتيبات وبعض الصور من مدينة "اوكلند" التي لم أزورها في حياتي . وبعد معرفة المسافة بيننا وبينها تضرعت أن لا أزورها .

تقدمت احدى المضيفات من المرأة النوزيلندية وهمست في أذنها .هزت المرأةرأسها وألتفتت نحوي وقالت: أعتذر منك هناك رجل يريد الجلوس بجانبك وسوف أتبادل معهالمقاعد حسب ما أخبرتني المضيفة .

ماذا يريد منّي هذا الرجل هل في هذهالرحلة أحد أعرفه ولم تقع عيني عليه!(قلت ذلك في نفسي).

شكرتها للطفها معيوعلى ماقدمت لي من معلومات عن بلدها وعن نشاط جمعيتهم وعلى الكتيبات التي أهدتهمليّ . أقبلت نفس المضيفة السابقة وفي أثرها رجل في حسباني انه شارف على العقدالخامس . حيّاني الرجل وبادلته بمثلها .

ثم قال هناك عائلة لم يرق لهم جلوسيبجانبهم فطلبت من المضيفة أن تبحث لي عن مقعد آخر فوقع الأختيار هنا لا يكون وجوديسبب لك شيئاً من الضيق ؟. أو أني قطعت عليك خلوتك مع هذه المليانة الشقراء وضحك .

أحسست بأنقباض من جرأته مع رجل لم يمض معه إلا أقل من دقيقتين .

طمنته بأننا اليوم أخوة سواء شئنا أم أبينا .ثما أني أحب الحديث مع من خطالشيب في مفارقهم .

التفت نحوي ثم قال لا تغتر بالشيب فأنا قلبي نابضبالشباب والحيوية أكثر من أي وقت مضى .

إن لم يعش الإنسان حياته عاشها غيره ...لا أعلم كيف ساق هذا القول ! هل الرجل يؤمن بتناسخ الأرواح ! أو أنه يردد قولالا يعرف له حقيقة . وهذا ما اتضح لي بعد ذلك . تحدث الرجل معي في أشياء عدة حتى أنهعرّفني على اسمه الكامل ووجهة عمله وكم لديه من الأولاد والبنات وكم مرّة سافر إلىهذا البلد الذين متجهين له وعن مغامراته التي يستحي منها المراهقين . ثرثر معي فيأشياء كثيرة .

حتى أني لم أعد أتذكّر ماقال قبل خمس دقائق من كثرة ماسردهبعدها . أشياء تتقبلها النفس على مضض وأشياء تشمئز النفس منها بالخصوص من رجلالشيخوخة إليه أقرب من أي شيء أخر .

قدم لنا مجازا وجبة خفيفة .تذكرنيبوصفات الرجيم

نهضت وذهبت إلى عربة الكتب والصحف التي بمحاذاة بوابة الدخوللمحتها وأنا أدخل الطائرة . تحدثت مع شاب تركي يتصفح الجرائد . أحسسني الحديث معهبالفارق الشاسع بين الحديثين. الكهل المراهق والشاب الواعي . أحسسنا بعدم توازن فيالطائرة فطلب منا القائد العودة إلى مقاعدنا وربط الأحزمة فنحن نمر بشحنات هوائية .

رجعت سريعا إلى مقعدي مثل من كانوا مثلي . وما ان جلست وربطت الحزام حتىلمحت عيني على طاولة صاحبي علبة "هنكن" .

أحسست بأنقباض أشد مما مضى . تناولكوبا من "البلاستيك" ودلق به بعض مافي العلبة وقدمه لي . فقلت بصوت حازم أنني لاأشرب المحرمات وخصوصا وأنا بين السماء والأرض .

فأطلق ضحكة مدوّية ربما أنهاأزعجت ركاب الدرجة الأولى وأنا يحلولي ذلك .

بدأت أرفع صوتي بالتهليللأحساسي بالخوف مما نحن فيه الطائرة غير مستقرة وصاحبنا يوزع "الهنكن" بالمجان .

حقدت على المرأة النيوزيلندية . هدأت الطائرة وسرّحنا الأحزمة . وقمتبجولة في الطائرة . لعلي ألتقي بالشاب التركي أو أحدا نحوه . ولكن لا حراك فالركابمابين نائم ومتابع لفلم رعاة البقر الذي تعرضه شاشة الدرجة الثانية .

ما أنرجعت لمقعدي إلا وقد أصبح أمام صاحبي أربع علب من نفس العلبة السابقة .

دارتعربة السوق الحرّة بين الركاب . ونهض صاحبي وأتى يحمل زجاجة من "الويسكي" المعتقعلى حسب قوله . ابتاعها بمئات الدولارات .

وتحدث لي عنها : في السوق الحرّةنجدها نقيّة بالفعل أما في المدينة وفي الفنادق فأنها مغشوشة . وهم من المطاريسمحوا لنا بتمرير واحدة او أثنتان في بعض الأحيان ويدفعوننا عليها ضريبة . تشاغلتعنه بقراءة خبر في إحدى الصحف التي جلبتها من العربة المركونة بجانب المدخل .

مفاده :ستنتعش السياحة البينية في الدول العربية بعد انتشار "انفلونزاالخنازير" في الدول الغربية بشكل مخيف . وفي الصفحة المقابلة "انفلونزا الخنازيرتغزو العالم العربي بعد الاعلان عن 42 حالة في اليومين السابقين في بعض الدولالعربية" .

أخذت سدادة العيون التي يوفرها الطيران للمسافرين إذا رغبوا فيالنوم .

وليس رغبة بالنوم فحسب بلّ لعلها تجدي نفعا في التشبيه على هذاالشيخ المراهق بأني نائم .

كأنها أخذتني سِنة وأنا اتظاهر في الأساس . حتىرفع صاحبي عقيرته بالغناء .

بألوان شتى، شيء من التراث وآخر من الحديث وعرّجعلى الأغاني الوطنيّة لبلده وبدأ يتغنا بمجد بلده وعظمتها وبعض الأحيان يسردأشعاراً بين الفصيح وبين الشعبي . علمت معها بأن الرجل قد دخل في عالم خارج نطاقعلبتنا الطائرة .

قام بشتم الأحياء والأموات .وأنا على حالتي متظاهر بأنينائم اريد النظر إلى ساعتي لعل المسافة اقتربت ولكني أخشى أن يرى مني حركة ثميدخلني في جوّه .

استدعى إحدى المضيفات بعد أن لكزني بكوعه لا أعلم هل عنقصد أو بدون قصد .

طلب منها كأساً وثلج . اعتذرت المضيفة بلباقة .

فمد يده إلى صدرها الذي يبدو منه أكثر مما حجب وكاد أن يتلمسه أو أنهبالأحرى تلمسه .

فصرخت المرأة وتراجعت في الممر الذي بين المقاعد . نهض فيأثرها وتكوّم في الممر وهو يلعن ويشتم ولا أعلم هل يشتم المضيفة أو يشتم نفسه . يثرثر بشتائم لم يتضح لها مغزى .

نهض ورجع لمقعده وهو ينظر إلي ويقول هؤلاءبنات (...) ثم تناول احدى العلب وأجهز عليها بنفس واحد .

رجعت لنا المضيفةبصحبة اثنين من المضيفين وأشتد الكلام بينهم فحاول صاحبنا لطم أحدهما . فصده الرجل . وكاد أن يضربه لولا أني قفزت ومنعته وكذلك منعه صاحبه من ضربه . وقلت الأجدر بكان تقدر حالة هذا الكائن فأنتم من سهل له أن يصل إلى هذه الحالة . قال لي أقنعصاحبك أو صده عن مايفعل داخل الطائرة وليس هو أول من يشرب فالنصف من الركاب شربواولم يفعلوا مثله.

:بعد الوصول لنا معه حساب . قلت لا يعنينني حسابكم معه ثمأنه ليس بصاحبي بل عميلكم وأنتم من نقله ومسؤولون عنه .

لخوفي على الرحلةوليس خوفاً على الكهل المراهق . أقنعته أن يربط الحزام لأننا قد اقترب لنا الوصولويجب علينا الجلوس في مقاعدنا . امتثل للأمر ولا اعلم كيف أمتثل وهو بهذه الحالةالمزرية حقا .

بعد ساعة والطائرة تسلك الهبوط تدريجيا الضغط يهبط من رؤوسنامما حدى بالكثرين وأنا أحدهم بوضع أصابعنا في أذاننا .

ما أن هبطت الطائرةحتى طلب القائد من كافة الركاب عدم مغادرة المقاعد .

ساد الوجوم في داخلالطائرة للطلب الغريب ولم يسبق لي على كثرة أسفاري أن سمعت بمثل ذلك . ولم يقطع ذلكالوجوم إلا صوت أستفراغ صاحبي مافي معدته وشتائمه المتكررة التي حتى أنا لم أسلممنها .

ماهي إلا دقائق خمس حتى فتحت بوابة الطائرة ودخل منها خمسة رجال منالشرطة . دلّهم أحد المضيفين إلى مقعدينا .

تقدموا منا وأخذوا أوراقناالثبوتية ثم اقتادونا إلى بوابة الطائرة وأنا أحاول أفهامهم أني ليس لي ناقة ولاجمل ولا حتى دجاجة في صحبة هذا الكائن . ولكنهم طلبوا مني الصمت بحزم .

جلتببصري في المقاعد ووقعت عيني على المرأة النيوزيلندية فشتمتها في نفسي .

وخشيت أن يراني الشاب التركي فيتحاقرني .

لم ينزلونا مع الخرطومالذي يعتاد الركاب النزول معه بل أنزلونا مع سلّم إلى غرفة كبيرة وأغلقوا الباب منخلفنا وصاحبي المراهق مازال على حالته يثرثر ويشتم ويستفرغ .

ذهبوا به علىما اظن إلى دورة المياة لأنه قد بلل ملابسه رأيت ذلك بعد ما سار أمامي . وأتمنى أنلا يرجعونه ليّ.

جلست على كرسي عن يمين الباب . أتى رجل من الداخل وأشار عليبالقيام .

أمتثلت الأمر . أفتتح كلامه بشتيمة . قلت على مهلك يا رجل لِمَتشتمني . فصاح بي أصمت يا (...) قلت لن أصمت ماذا فعلت حتى تشتمني ؟ فهددني بالحبس .

وتحوّل فمه إلى منجنيق من الشتائم . ظلّيت صامت . قال لِمَ لا ترد قلت أردعلى ماذا ؟ على الشتائم ؟ أنني أترفع عن هذا الخُلق ثما أني لا أعلم لِمَ أنا هنا؟!

ألا تعرف لِمَ أنت هنا ؟ وهل تعرفوا من أنتم أصلا ؟ لا تعرفون إلا الجمالوالصحراء . :قلت الصحراء لم تعلمنا الشتائم ولا الخلق الرخيص ولا سوء الأدب .

تشتمني يا أبن (...) قالها بصوت ضج المكان .

قلت : لم أشتمك وحتىلو أردت ان أشتمك لن إصل إلى عشُر ماشتمت نفسك به . إن من يشتم الناس لا يشتم إلانفسه .

يتبع ...

آخر مواضيعي
  رد مع اقتباس