ثقافة الاقتراض
ثقافة الاقتراض ثقافة الاقتراض ثقافة الاقتراض ثقافة الاقتراض ثقافة الاقتراض
ثقافة الاقتراض
عند إخواننا المصريين مثل مستخرج من واقع الحياة يقول: (اللي ماعندوش ما يلزموش)، وهو مشابه للمثل المعروف (على قد لحافك مد رجليك). هذه الأمثلة تضع للناس قواعد السلوك الاقتصادي كما يقول بها العقل والفهم الصحيح، لكن ما يغلب على الناس في مجتمعنا هو تجاهل ذلك والانصراف عنه إلى ماهو عكسه تماما، فالجميع يتمسكون بالحصول على معظم الكماليات ومتطلبات الرفاهية، مكنتهم مقدرتهم المادية أم لم تمكنهم، ووسيلتهم إلى ذلك غالبا هي الاقتراض، هم يقترضون لكل شيء لشراء سيارة وللسفر وللزواج ولإقامة حفل، لكل شيء، فكل حاجة تلوح لهم يبادرون إلى تأمينها بصرف النظر عن ضرورتها أو إمكان تأجيلها أو إلغائها إلى حين توفر المال الكافي لها، هم يفعلون ذلك ولا يفكرون كيف أو من أين سيردون ما اقترضوه، وفي بعض الأحيان تتزامن الاحتياجات وتتكاثر متوالدة في وقت قصير فتزداد حدة الاقتراض عندهم ويتضخم القرض على صاحبه فلا يجد سبيلا إلى رده، وجاءت موجة شراء السيارات بالتقسيط وبيعها للانتفاع بالسيولة النقدية لحل ضيق ذات اليد، فزادت المشكلة ضغثا على إبالة، فشراء السيارة بالتقسيط ثم بيعها للاستفادة من ثمنها العاجل، قد يحل المشكلة وقتيا، لكنه هاوية عميقة تبتلع صاحبها، فالبنوك وشركات التقسيط ليست كالأفراد، هي لا تسكت عن حقها ولا تتراخى في المطالبة به متى تلكأ المقترض في السداد، وتظل تضيق الخناق على المقترض حتى توقعه في السجن أو تضطره إلى دين جديد يخلص به من مطاردتها له ليظل يتقلب في الديون كحمامة تتقلب في شرك وقعت في حبائله.
إنه لا مشاحة، حال يعكس سلوكا ساذجا وتفكيرا طفوليا، أن يسعى المرء إلى إيجاد حل لمشكلته الحالية دون أن ينظر إلى ماينتج عنه بعد ذلك، فرغم تلك الأمثال والحكم التي تشيع بين الكثيرين مصورة ضرورة تكييف الإنفاق ليكون في حدود الدخل، إلا أن عددا كبيرا من الناس يظل في أموره الاقتصادية يسير حسب ما يهوى وليس حسب ما يمكنه ومايقدر عليه.
وفي نهاية المطاف تجده يغالب الصياح والاستنجاد لينقذ من أسر الدين لايرى في ذلك عيبا ولا ذلة، وكأن الحق أن يقترض، والحق أن يجد من يسد عنه الدين.
|