عبدالرحمن ناصر الخريف
إعلان هيئة السوق المالية عن مشروعها القادم بإعادة هيكلة سوق الأسهم وتعديل معادلة احتساب المؤشر أتى استجابة لمطالبات عديدة لتلافي استخدام حصة الدولة والحصص غير المتداولة في التأثير على مؤشر السوق، إلا أن ما يهمنا هنا هو "الانقلاب السلمي" الذي سيحدث في قيادة السوق، وهو الأمر الذي يجب التركيز علية لمعرفة اثر التعديل بعد إقرار هذا المشروع ولمحاولة فهم التوجه في المرحلة الجديدة، فنحن بحاجة لمعرفة كيف سيعيد صناع السوق ترتيب محافظهم؟ وهي الخطوة التي بدأ بها الصناع منذ تسرب معلومة الإعداد لهذا المشروع! لأن تلك الترتيبات تعتمد على إعادة تكوين المحافظ واستبدال ما تحتويه من أسهم لتنصيب قيادات جديدة بالسوق لتحل محل القيادات السابقة هي أهم ما لدينا حالياً والتي سيترتب عليها انتقال سيولة من شركات إلى شركات أخرى بعمليات التجميع والتصريف وفق ما تقتضيه ظروف المرحلة الجديدة، وقد يكون ذلك على حساب شركات المضاربة لتوفير سيولة اضافية للصناع! وليصبح لدينا مفهوم جديد لمصطلح القياديات الذي قد يجبر المحللين على تجنب التوصية المطلقة بالاستثمار بالقياديات لأنه ليس بالضرورة أن تكون جميع القيادات لاحقاً شركات رابحة وذات نمو كما هو عليه الوضع حالياً!
إن أهم مافي موضوع تعديل معادلة المؤشر هو الفهم الصحيح للمعادلة وعدم الاندفاع مع الإشارات التي أرسلها صناع السوق مؤخرا بالتوجه لأسهم شركات معينة لكون الدولة لا تمتلك حصصا في رأس مالها وانها ربما تتحول الى شركات يمكن أن تقود السوق في المرحلة القادمة لتخلف الشركات القيادية الحالية كسابك والكهرباء والاتصالات وسامبا، كما يجب أن نتذكر بأنه وفق المعادلة الجديدة سيتم إلغاء حصة المستثمرين بأكثر من (10%) من رأس المال سواء للأفراد او الشركات المستثمرة وكذلك حصة الشريك الأجنبي بما في ذلك الخليجي! ومقدار ما سيتم إلغاؤه من أسهم في كل شركة سيكون معلوماً فقط لفئة لديها قوائم بكبار الملاك ونسبة التملك والتغيير الذي يحدث بها أثناء التداولات، وبالتالي تعلم تأثير كل شركة في المؤشر، فقد يصبح تأثير سهم شركة ذات رأس مال ضخم اقل من تأثير سهم شركة أخرى ذات رأس مال اقل وفقا لعدد الأسهم المتداولة ومحدثة كل ثلاثة أشهر حسب مشروع القرار الجديد!
إننا اذا نظرنا الى شركات السوق الحالية والمرشح منها لان تتحول لشركة قيادية ذات تأثير كبير على مؤشر السوق، فإننا سنجد شركات كبرى عدد الأسهم المتداول منها بالسوق قليل وتأثيرها على المؤشر بالمعادلة الجديدة سيكون ضعيفاً حتى انتهاء فترة حظر البيع على المؤسسين وكبار المستثمرين، وحينها سيتعاظم التأثير على المؤشر بقدر ما يتم بيعه بالسوق (وهنا تأتى مسألة الشفافية التي يجب أن تتماشى مع التنظيم الجديد للسوق بالإعلان عن أوقات السماح بالبيع وكميات البيع) وهنا سنجد ان استبعاد حصة الدولة ومؤسساتها والمستثمرين ب (10%) وأكثر بالشركات من معادلة المؤشر سيفقد التوازن بالسوق مستقبلاً مما سيمكن بعض الشركات من الانفراد بالقيادة!
كما يجب أن نعلم أن صانع السوق يرى بإحدى عينيه شركات السوق الحالية التي يمكن أن تتولى قيادة السوق ويرى بالأخرى وبتمعن الشركات الكبرى التي ستطرح للاكتتاب في المرحلة القادمة والتي يمكن أن يكون لها نصيب في نيل شرف القيادة والتي ستتسبب في سحب سيولة كبيرة مع تداول أسهمها إذا استهدف الصناع الحصول على أسهمها للتحكم بالمؤشر! ولذلك علينا أن نسترق النظر لنشارك صانع السوق تلك الرؤية التي بلاشك انها تنبهت لاكتتابات قادمة كبيرة تنطبق عليها الشروط لاحتساب اكبر قدر ممكن من أسهمها ضمن معادلة المؤشر، ومنها مصرف الإنماء الذي يبلغ رأس ماله (1.5) مليار سهم وسيطرح أكثر من (مليار) سهم للاكتتاب العام وستدرج ضمن معادلة المؤشر ليصبح المصرف أكبر شركة بالسوق يتم إدراج أسهمها بالمعادلة وستحدد أهميته سعر التداول! وإذا كنت قد طالبت الأسبوع الماضي بإعادة النظر في رأس المال الضخم (15) مليار ريال لاعتبارات استثمارية بحتة وأن المصرف سيواجه مشكلة تحقيق عائد مقبول للسهم في السنوات الأولى في ظل ضخامة رأس المال وانخفاض الفائدة خلال الفترة القادمة، فإنه بعد الإعلان عن تعديل المؤشر تبرز الأهمية أكثر في ذلك، فسهم مصرف الإنماء قد يكون هدفاً للصناع للسيطرة على مؤشر السوق وإحلاله محل سهم الكهرباء، واستخدامه لتوجيه المؤشر بعيداً عن الأهداف الاستثمارية وإنما لخدمة المضاربة فقط وبالتالي سيصبح من ضمن القياديات بالسوق شركات جديدة غير مغرية للمستثمر في مراحل التأسيس ولكنها ستستخدم بالمضاربة بالسهم والتأثير على باقي السوق، وقد يكون من المناسب استبعاد الشركات الجديدة من حساب المؤشر حتى نتائجها التشغيلية! وإذا كانت لدينا معاناة سابقة مع سهم سابك من خلال استغلال أي خبر سلبي لضرب كامل شركات السوق أو الرفع السريع لمؤشر السوق بذات السهم، فإنه من غير المستبعد مثلاً أن يستخدم الصناع سهم المملكة أو الإنماء بسبب ضخامة رأس المال لنفس الغرض، فكلاهما مهيأ لقيادة السوق ومشكلة سهم شركة المملكة أن الشركة قابضة تستثمر بأسهم عالمية وتتأثر بما يجري بالأسواق الدولية وليس فقط بنتائجها ووضع السوق المحلي! فقيادة السوق بحاجة أكثر لأن تكون بأسهم استثمارية ذات ربحية جيدة تدعم السلوك الاستثماري للسوق وليس بأسهم لا تقوى على الصمود أمام أي حدث قد يواجهه سوق الأسهم مستقبلاً!
alkhorayef-riyadh@hotmail.com
11-06-2007
المقال
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
