المؤشر والتقسيم: هل فهمناه ومن المسؤول؟ المؤشر والتقسيم: هل فهمناه ومن المسؤول؟ المؤشر والتقسيم: هل فهمناه ومن المسؤول؟ المؤشر والتقسيم: هل فهمناه ومن المسؤول؟ المؤشر والتقسيم: هل فهمناه ومن المسؤول؟
المقال
د. سليمان بن عبدالله السكران
تشرفت بمشاركة زملائي الأسبوع الماضي في ندوة السوق المالية والتي نظمتها جامعة الملك خالد وعقدت في رحابها حيث كان من بين ما أثير من نقاش كان عن مؤشر سوق الأسهم وتقسيم قطاعاته والذي كتب عنه غيري حين أعلنت هيئة السوق المالية عن النية لتغيير حساب المؤشر ليكون مقتصراً على الأسهم المتاحة للتداول وتوسيع قاعدة القطاعات في التقسيم. وقد انكشف لي من خلال النقاش أن هناك قصوراً في فهم معنى المؤشر وغيره من جوانب أساسية عن السوق على الرغم من الحصيلة المعرفية التي كونها المتعاملون في السوق خلال السنوات المحدودة الفائتة عن الثقافة الاقتصادية والاستثمارية وتناميها أكثر من ذي قبل إذ لم نعد نسمع بأسئلة تتم عن انعدام المعرفة تماماً مثل متى ستوزع شركة للتور قائمة أرباحها. وفي هذه الأسطر أحاول تقديم رؤى عن موضوعين أحدهما تقسيم قطاعات السوق وإعادة احتساب المؤشر بشكل مختلف عن ذي قل.
إن إمكانية تقسيم السوق إلى قطاعات حين تكون أعداد الشركات المطروحة إجمالاً قليلة لم يكن في السابق ممكنا لقلة أعداد الشركات إلا أنه الآن ومع تزايد طرح الشركات وفي ظل تباين الصناعات التي تشتغل فيها تلك الشركات المطروحة والمدرجة صار ذلك مطلباً ضرورياً وليس ترفاً. وفي هذا الشأن أرى أن المسؤول في البداية ليس الهيئة بل من يمنح الرخصة لمزاولة النشاط وهو وزارة التجارة والصناعة حيث يجب تحديد الرمز الصناعي حال ولادة أي منشأة وهو ما يعرف باسم (sic) الرمز الصناعي المقنن، إذ يعتبر بمثابة السجل المحدد تماماً لنشاط الشركة والذي على ضوئه تقسم الشركات وتلحق بقطاعها الصحيح.
إن مؤشر السوق ومع الاهتمام المتزايد بالسوق من قبل غالبية شرائح المجتمع صار هاجساً يسحر لباب المتعاملين مما يؤثر حتى في سلوكيات تعاملهم بغض النظر عن فهم معناه وفي هذا بلا شك خطأ يفضي إلى صنع قرارات غير راشدة من الناحية الاستثمارية. فالذي يجب النظر إليه دائماً هو معنى المؤشر والهدف من حسابه في الأصل وبغض النظر عن طريق احتسابة سواء الوزن النسبي للقيمة السوقية (مثل مؤشر ستاندرد أند بورز) أو الحسابي كما في مؤشر داو جونز أو غيرهما. ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً وعلى الرغم من اختلاف طريقة الحساب للمؤشرين المذكورين والقصور في أحدهما إلا أنه لا زال يُستخدم الاثنان بحسب الهدف. وهي ثقافة استثمارية يجب أن يعرف معانيها وليس فقط اللجوء إلى القيم المطلقة لأي مؤشر. فالمهم العوامل الأساسية التي تؤثر في ربحية الشركات ونموها وأدائها العملي والفعلي. لذا فالقرار بتغيير الحساب إلى الاقتصار على الأسهم المتاحة للتداول بلا شك سيدفع بالمتعاملين إلى تغيير نمطية التعامل بحسب الأهداف التي يرسمونها سواء كانوا مضاربين أو مستثمرين. إن في هذا التغيير في طريقة الحساب ستؤثر في الأهمية النسبية الحسابية وليس الاقتصادية لبعض الشركات القيادية، فمثلاً سابك لن تكون بنفس الأهمية والتأثير على المؤشر كالسابق وسيكون سامبا مثلاً أكثر تأثيراً من الاتصالات ولربما هناك أيضاً شركات خدمية ستكون ذات أثر أكبر من تلك الصناعية أو حتى الشركات التي تمثل التوجه الاستراتيجي للاقتصاد. وفي ذلك اشكالية لأنه لا يتفق وفلسفة أن يكون السوق هو مرآة للاقتصاد بل سيكون مرآة للتعاملات وسلوكيات المتعاملين وتوصيف أكثر واقعية لتعاملاتهم خصوصاً أننا نتحدث عن سوق غير كفء من الناحية المعلوماتية وتطغى عليه أساليب المضاربة. إضافة إلى ذلك اعتقد أنه سيؤثر أيضاً على تعاملات المحافظ المؤسساتية وخريطة تقسيماتها خصوصاً تلك التي تضع نسباً معينة في صناعات محددة وتعتمد بتقسيمها على مثل هذه المنهجية التي ذكرت أو حتى منهجية الاعتماد على الشركات الكبيرة التي تمثل السوق والتي بما نعرفه الآن لن تكون هي الممثلة له بفضل سحب نسب الأسهم غير المتاحة للتداول. إن بمثل هذه المنهجية في الحساب ستتبدل مواقع شركات قيادية مثل سابك والاتصالات وقريباً معادن في الأهمية والتأثير على حساب المؤشر وبالتالي قيمته وتذبذباته ولذا فالانعكاس السايكولوجي سيكون ذا بعد كبير على تأثير وتأثر الشركات والمؤشر على حد سواء. فالشركات المتوزع أسهمها على أكبر عدد ممكن من المساهمين وتقل فيها ما يعرف بتركز الملكية ستكون أكثر دوراناً وتأثيراً على المؤشر وكذا تأثرها أيضاً بعامل سيولتها وتدويرها. لذا فإن تلك الشركات في السوق ستزداد امكانية المضاربة عليها وتدوير اسهمها بشكل أكبر في ظل انحسار دور المستثمر المؤسسي.
وعلى أي حال فليس هناك أي سبب أراه من عدم حساب الاثنين أو حتى إضافة مؤشرات أخرى تأخذ بمنهجية مختلفة لاتاحة الفرصة للمتعاملين بشكل آني للاطلاع على معلومات أكثر من تعاملات السوق خصوصاً أن هناك قصوراً واضحاً وإيماناً كبيراً بالقيم المطلقة.
أخيراً بلا شك ان الهيئة تشكر على انتاجها استشفاف آراء المتعاملين غير اني تمنيت أن تكون المنهجية أكثر حصافة في مثل هذه القرارات وغيرها المماثلة فلم أسمع أو أعرف بأن هذه المواضيع طرحت على المؤسسات البحثية المتخصصة كالجامعات أو الجمعية الاقتصادية أو حتى اللجان المتخصصة في الغرف التجارية مثلاً كلجنة الأوراق المالية أو حتى تكليف مجموعة من الأكاديميين أو الباحثين في أي من الجامعات السعودية أو المؤسسات التعليمية لبحث مثل هذه القرارات التي تنطلق من أبجديات العلوم المالية وعلم الاحصاء والذين هم من خير من يعرف عن مثل هذه الحسابات وكيفية بنائها وانعكاس ذلك من المنظور النظري والتطبيقي.
وختاماً تبقى خطوة إيجابية نتمنى امتهان منهجيتها بشكل أكثر لنصل إلى النهاية إلى قرارات تزيد من الكفالة المعلوماتية وانتظام السوق. أستاذ العلوم المالية المشارك - جامعة الملك فهد للبترول والمعادن