خالد عبدالرحمن الطويل
أين تتوقف حرية الكاتب، وهل لها حدود فاصلة محددة ؟، السؤال يطرح نفسه على ضوء التطورات التي شهدتها وسائل الاتصال في العالم، فهناك كاتب صحفي في الصحف والمجلات، وهناك في نفس الوقت كاتب في صفحات الإنترنت، وهناك عشرات الآلاف من الكتّاب في منتديات الحوار على شبكة الإنترنت وهؤلاء أخرجتهم التقنية من ظل الرقيب، هذا السؤال له علاقة أيضاً بمساحة الحوار المحلية واتساع أرضيتها أو ضيقها ومدى تقبلها للرأي الآخر الذي يهدف لنفس الهدف الذي يتجه له الرأي الأول وإن اختلفا في طريقة الطرح والمعالجة .
هناك حديث يدور في العالم حالياً عن مصطلح الشفافية، والشفافية كلمة تعني ضمن ما تعني كشف كل الزوايا المغلقة والأركان المظلمة ومحاولة فتحها وإنارتها بحثاً عن الأفضل والأرقى في كل مجال وعلى كل ساحة في ظل مبادئ عامة مشتركة متفق عليها، والشفافية تعني أيضاً أن لغة الطرح القديمة يجب أن تتغير لأن العالم نفسه تغير كثيراً واتسعت آفاقه حتى أصبح حالياً قرية عالمية صغيرة تديرها وسائل الاتصال وأهمها شبكة الإنترنت والقنوات الفضائية التي تجعل العالم، كل العالم، تحت نظرك وسمعك بضغطة اصبع واحدة، وهذا التغير وتلك التطورات تعني أن الإنسان السعودي أصبح يحتاج إلى طرق جديدة لملامسة آماله وهمومه وتطلعاته، ودون الشفافية التي عادة ما تلامس عقل الإنسان ووعيه الجديد، فإن هذا الإنسان نفسه لن يكترث بالطرح القديم الذي أصبح خارج دائرة وعيه، على ضوء التطورات التقنية الحاصلة التي أعطت هذا المتلقي بعداً جديداً متطوراً من الوعي على اختلاف درجاته .
حرية الكتابة ليست فضاءً ممتداً لا حدود له، بل هي مسؤولية مرتبطة بعناصر متعددة أهمها وعي الكاتب وأمانته مع قلمه ومع قارئه ومع الموضوع المطروح، وهي في نفس الوقت متصلة بالرقيب الداخلي الذي أصبح يتطور، وهي أولاً وأخيراً مرتبطة بمدى الوعي الذي اكتسبه المتلقي الذي أصبح معه هذا المتلقي يحتاج إلى حديث مختلف للفت انتباهه وإجابة أسئلته وجذب اهتمامه الكل يستطيع أن يكتب ما يريد فليس هناك حجر على الآراء، غير أن اتجاه الكتابة القديم الذي يحاول استغفال القارئ أو عدم إعطائه المعلومة الصحيحة أو إشغاله باهتمامات هامشية سيسقط تماماً أمام القارئ الجديد الذي قد يتجاوز وعيه وعي الكاتب من هذه النوعية التي تحاول (البلف) على القارئ الجديد المتطور، ولعلي أُشير هنا إلى أنه ليس من الذكاء محاولة الكتابة فوق الخط الأحمر، بل ان الذكاء والبراعة تكمن في محاولة الكاتب رفع الخط الأحمر إلى الأعلى لإعطاء مساحة إضافية تتسع للكل، وفق مبادئ أساسية متفق عليها، من أجل كل الأحلام والآمال التي تجمعنا ولا تفرقنا.