تفاءل

[صقر قريش]

تفاءل تفاءل تفاءل تفاءل تفاءل

تفاءل




الجمعة, 31 يوليو 2009


د.عائض القرني



التفاؤل زاد الروح، وطاقة قلبية هائلة، ومدد إيماني يصل بصاحبه إلى مطلوبه، وهو منشرح الصدر، مرتاح الضمير، واثق الخُطى.
إيّاك والتشاؤم، فإنه تسخط بالقضاء، وشك في النفس، وكسل في العمل، وإحباط للسير.
ويوم تكون متفائلاً ترى الأمور على حقيقتها، وينجلي لك الطريق أمامك، وتجد في روحك إرادة جازمة، وتفتح أمامك أبواب الأمل، فتسعد بتحقيق مطالبك، فكأنك كلّما أردت خيرًا سهّله الله لك؛ لأنك واثق بقدرة الله، مطمئن لحُسن صنيعه، حسن الظن بقدرته، بخلاف الموسوس، الشكّاك، المحبط، فإنه فاسد الإرادة، بارد العزم، ضعيف السير، لا يحقق مطلوبًا، ولا ينال مرغوبًا، ولا يظفر بنجاح، ولا يصاحبه توفيق، ولا يحالفه حظ؛ لأنه صدّق الشيطان في أوهامه (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء)، فإيّاك أن تستسلم لوعود إبليس، فإنه يعدك بالفقر، والمرض، والهزيمة، والإخفاق، والفشل. وإيّاك أن تطيع أوامر الشيطان، فإنه يأمرك بالكفر، والنفاق، والفسق، والفجور، والفحشاء.
إن المتفائل قد أعلن في أول خطوة نجاحه، وفي بداية طريقة انتصاره، ومن أجل صفات العظماء التفاؤل وانشراح الصدر، والوثوق بوعد ربهم وانتصارهم على أنفسهم الأمّارة وهواهم المخادع، وأمانيهم المزورة، فهم مع الشرع لا مع الهوى، ومع الإيمان لا الإلحاد، ومع السنّة لا البدعة، ومع الرضا لا التّسخّط، ومع النشاط لا مع الكسل، وهم بتفاؤلهم وافقوا سنة الله في الكون؛ فهم يرون التفاؤل في الشمس بطلعتها البهية، ويبصرون التفاؤل في القمر بوجهه الباسم، ويشاهدون التفاؤل في النجوم بمنظرها الجميل، ويطالعون التفاؤل في الزهر لحسنه الفاتن، فالتفاؤل رفيق السعادة والجمال والنجاح والانتصار والمجد، والتشاؤم رفيق الإخفاق والفشل والهزيمة والإحباط. كان رسولنا صلى الله عليه وسلم متفائلاً يحب الفأل، ويعد أصحابة بانتصار دعوته، وظهور رسالته، وتمكين أتباعه، وبقاء دينه، وقد حصل ما وعد به صلى الله عليه وسلم، فحياته كلها فأل حسن، وتوفيق دائم، وانتصار مستمر، ونجاح متواصل، وفتوحات متتابعة، وبركات متتالية، وهكذا فليكن أتباعه كل يوم يصعدون في سلم المجد والريادة درجة درجة، (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبَقٍ )، فالمؤمن كل يوم يزداد إيمانًا وعلمًا وحلمًا وكرمًا ونبلاً وعطاءً وبرًّا وخلقًا كريمًا، أمّا المنافق فهو من عثرة إلى عثرة، ومن فشل إلى فشل، ومن إحباط إلى إحباط (فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ)، المنافق يكذّب بوعد الرحمن، ويصدّق أوهام الشيطان، فهو في خذلان وخسران، مقطوع الصلة بالله، مبتور الرابطة بالتوفيق، قد دس نفسه في رجس الضلالة، ودفن رأسه في تراب الجهالة، انطمس نوره، وذهب رشده، وضل سعيه، وخاب عمله، وفسد قلبه، لا حي فيرجى، ولا ميت فيُنعى، بين بين، لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء، مذبذب متردد، قلق، شكّاك، موسوس، واهم، حالم، بخلاف مَن عمر الله قلبه بالإيمان، فهو الأتقى والأنقى والأبقى والأقوى، ولسوف يعطيه ربه فيرضى، فالمؤمن متفائل في حياته، سعيد بما عنده من إيمان، وبما لديه من يقين، في صدره روضة التوحيد، وفي ضميره كتاب الهداية، وفي يده مشعل النور، وأمامه الصراط المستقيم، يعلم أنه سوف يصل إلى هدفه؛ لأن الله مولاه، ومحمد صلى الله عليه وسلم رسوله، والقرآن كتابه، والسنة شعاره، والكعبة قبلته، والجنة مقصده، فكل أيامه أعياد، وكل ساعة له ميلاد، فهو في فرح وحبور، وفي سعادة وسرور، نور على نور، فيا أيُّها الإنسان تفاءل، وحدّث نفسك بالخير والفضيلة والهدى، وبشّر قلبك بالانتصار والنجاح والتوفيق، وحدّث الناس بالرحمة والبركة والغفران والفوز العظيم.

[الهـامـــور]

بارك الله فيك

وجزاك أنت والشيخ خير

[أبو عبيدة]

يعطيك العافيه